المرأة .... الحرب .... الحوار



شهناز أحمد علي
2021 / 3 / 8

الحرب السورية تقترب من إكمال عامها العاشر ولم تقرر بعد أطراف النزاع الخارجية منها و الداخلية على حد سواء، أين ؟ ومتى؟ وكيف؟ سيقف كل هذا الخراب الذي دمر المجتمع السوري مادياً ومعنوياً، ولم يسلم منه أية أثنية أو قومية أو طائفة، بل لم يسلم منه لا الأخضر ولا اليابس كما يقال. أثبتت الأعوام العشر السابقة على أننا كنا أكثر مما نعتقد مجتمعا بعيدا عن المفاهيم العصرية في القبول بالآخر والعيش المشترك وأحترام الحريات ....الخ. بل كشفت هذه الحرب الأقنعة عن كل عورات مجتمعنا والمجتمع الدولي والأقليمي الذي له اليد الطولى في هذه التراجيديا المأساوية. كشفت الحرب ديماغوجية وانفصام نفسية المعارضة قبل السلطة، اليساري والعلماني قبل المتدين الإخواني والداعشي. حربا عرت وبينت هشاشة كل القيم التي كانت النخبة الثقافية والمعرفية قي المجتمع السوري تتدعيها وبغض النظر لأي طيف من أطياف المجتمع تنتمي.
المرأة السورية تحملت مآسي الحرب بشكل يفوق قدرة الإنسان، تعرضت للقتل والسبي والإعتقال والتهجير والفقر والإهانة، تحملت غياب وفقدان الزوج و الأخ والإبن الذين زج بهم في إتون هذه الحرب المجنونة أو أختارها طواعية للدفاع عن أرضه وعن القيم والمبادئ التي يؤومنون بها، سيان أي كان الطرف الذي ينتمي اليه . كانت هناك أم ثكلى في بقعة ما من سوريا ما بعد 2011 تلعن التاريخ والجغرافيا وسايكس بيكو، ومن إعتقدت أنها نفدت بنفسها من الجحيم السوري إلى أرض النعيم والديمقراضية في أوربا، فقصتها وألمها يشبه ألم أخواتها في الوطن و في دول المهجر وفي المخيمات وإن إختلفت في الحييثيات. أسئلة كثيرة تفرض نفسها علينا جميعا في اليوم العالمي للمرأة وعلى النساء الكرد على وجه الخصوص، لأننا كنا سباقيين للإحتفال بهذه المناسبة في كردستان سوريا منذ خمسينيات القرن الماضي، وبشكل سري في أقبية وغرف بيوتنا الطينية بعيدين عن أعين أجهزة المخبارات ، بينما كانت أغلبية من إنشق وأصبح بين الليلة وضحاها في الضفة الآخرى ويدافع عن حقوق السوريات على طريقة ما يسمى بـ (الإتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة وأبو عمشات) و يمتثل لنهجه فيما يتعلق بحقوق الشعب الكردي في سوريا.
كثيرة هي الأسئلة التي تستوجب منا جميعا البدء بالعمل قبل التنظير لها
كيف نساهم في خلق البيئة المناسبة للتواصل والحوار بين جميع النساء السوريات اللواتي يعملن في الشأن العام ؟
ما هي الخطوات التي لا بد منها للبدء في معالجة الشرخ المجتمعي العميق في كل بقعة من سوريا؟
ما هي معيقات الحوار وصولا للتقبل الآخر المختلف؟
آلام الحرب ومعاناتها تفرض علينا البدء الآن دون إنتظار النهاية. كل الخراب الذي طال مجتمعنا، للمرأة أكثر من الرجل القدرة على ضمد الجراح والمساهمة في البناء الذي لا بد أن يبدأ ، في كل سوريا هناك النساء اللواتي قاومن الحرب ، ولهن القدرة على مقاومة آثار الحرب الظالمة أيضاً بنفس الكفاءة..
كردياً هناك مئات المنظمات النسائية التي تأسست في السنوات العشر الأخيرة في الوطن وخارجه وساهمت بشكل وآخر في الإهتمام بشؤن المرأة، لكن كثرتها الغير المبرر، على( شاكلة ولادة الأحزاب) وعدم إستقلاليتها، وعن أهميتها ومهامها من أهم الأمور الواجب التوقف عندها و مناقشتها بشكل جدي، . قبل أن نعقد دبكات الرقص والغناء في ساحات مدننا وقرانا بمناسبة يوم المرأة الجدير بالإهتمام والإحتفال، عيلنا التساؤل، كيف نحتفل؟ من أجمل ما يتمتع به شعبنا الكردي ويميزه عن شركائه في الوطن القدرة على التمسك بالحياة بالفن والأدب والغناء الذي قاوم مع جبالنا وحافظ على ثقافتنا. لكن من الأولويات التي يجب التوقف عندها، هي كيف يمكننا المساهمة في نشر ثقافة العمل الجاد و الوعي بين النساء في هكذا مناسبة . في زمن سوشيال ميديا وتأثيراتها السلبية وفي زمن المجتمعات الإستهلاكية والقيم السوقية نحن بأمس الحاجة للإحتفال باليوم المرأة العالمي بطريقة تليق بتضحيات مقاتلاتنا اللاتي قاومن داعش وأخواتها ببسالة ، بطريقة تليق بأمهات شهدائنا... بطريقة تليق بكل أم سورية وبدون إستثناء..