امسك متحرش .



مريم القمص
2021 / 3 / 8

الخوف والقلق الدائم العزلة وكره الذات ولومها على الكتمان والآلم النفسى الشديد، الذى ربما ينتهى بالإنتحار، تلك هى أعراض تعانى منها الفتاة التى تتعرض للتحرش ..، وطبقاً لدراسة مسحية لمنظمة الصحة العالمية لعام 2013 أنه نحو 99% من نساء مصر يتعرضون للتحرش يومياً فى أماكن العمل والشارع أو المنزل إذا كان المتحرش أحد الأقارب.... وتعد تلك النسبة مخيفة ومرعبة، تستدعى الوقوف وقفة أمينة وحازمة مع أنفسنا، كما تستدعى تغيير جذري للنظرة المتخلفة منقوصة الرؤيا العلمية والنفسية الشاملة...، تجاه من وقع عليه التحرش ،،ورغم أن هناك مساعى تمت من قبل الدولة بتعديل قانون التحرش تتمثل فى السرية التامة التى تقدمها الدولة لأصحاب البلاغات الخاصة بالتحرش، لكن لا زال القانون المُعاقب للشخص المتحرش عقيم مكبل بأغلال تقويها أعراف الشرق الراجعية الذكورية، والتى تحمى بمقتضاها الذكر فقط لكونه ذكر ، بمعنى انه لا يوجد قانون صريح مُرضي يضمن حق ضحايا التحرش، لأن القانون المصرى يعاقب المغتصب عقاب رادع ،فى حال إن أقدم على الإغتصاب بشكل وبفعل كامل، أما التحرش دون إغتصاب كامل ليس له قانون يرتقي إلى جُرم الفعل الذى تم ...أتعجب من الأمر الأشبة بمسرحية للكوميديا السوداء متسائلة ،ما الإختلاف إذا بين عصرنا هذا و عصر الجاهلية ؟! حيث كانوا يدفنون فيه الفتيات أحياء هولاء البائسات الذين يستندوا إليهن فى كل أسباب عجزهم وتخلفهم، فربما تكون المرآة وراء ثقب الأوزون أو السبب الرئيسى، وراء تفشى فيروس كورونا كما فى مخيلتهم الضيقة منزوعة المنطق والخالية من الإنسانية ...
ومن متابعتى المتواضعة لأراء الشارع حول التحرش وجدت إن أصبع الإتهام موجه دائماً وأبداً تجاه المرأة ذاتها، بتفاصيلها الجسدية التى تقهر الغريزة الحيوانية المتوحشة لدى كل الرجال المتحرشين ،ولكن ما التفسير المنطقى لكون 72%من السيدات المُتحرش بهن محجبات ومتنقبات، يوماً قال رجلاً فاضلاً وحكيماً إن الرجل عندما يرى إمرأة ترتدى ملابس عصرية متحررة ينظر لجسدها، وعندما يجدها مغطاة يطلق خياله للعنان حول ما بداخل الخيمة التى ترتديها من تفاصيل انُثوية تسيل لعابه لها ، ورغم كون ملابس النساء لم تكن دوماً السبب الرئيسى لإزدياد حالات التحرش كما فى معتقدات الغالبية من قطيع انصاف المثقفين وجاهلي الفكر ، إلا أن هناك آلاف المنابر ذات الصوت النشاز تندد بملابس النساء وتنادى بنقاب السيدات الجسدى والعقلي، هولاء الذين يتنقبون عن مواجهة الظواهر المجتمعية الكارثية من إغتصاب الأطفال والرجال للرجال ، وأتسأل هل هذا النوع من الإغتصاب كان المظهر هو الحُجة فأدى لإرتكابهم أفعالهم المشينه؟ أم هو لعدم قدرة هولاء المنحطين لكمح جماح غريزتهم الجنسية كما للكلاب والأحصنه ألم تعلمون إن الأسماك تترفع عن هذا بغزيرة التكاثر لديها وتكتفى بكونها تبيض دون تواصل جسدى فى ظاهرة ترتقى بجنسها من الكائنات البحرية فوق هولاء الحيوانات البشرية المتوحشة مع إعتذارى للحيوان مسلوب العقل المجبر لغريزته التى تنادية لإشباع شهوته دون عوامل التحكم التى يملكها غيره من الرجال ، الم يعلمون هولاء فاقدوا العقل والعقلية إن الصوفية والرهبانية حركتان تبرهن أن الإرادة في الضبط الجنسي لدي من يتبعهما تضعهم فى مستوى يفوق الفلاسفة يفوق طبيعة الجسد النفسية والفسيولوجية إن صح التعبير ،فهم من بدل الطاقة الروحية الغير ملموسة بطاقتهم البدنية الملحه والمتهوره تهور طفل صغير حر طليق فى مدينة للألعاب...
وطبقا لأشهر الدوريات والمراجع الطبية فان المتحرش لا يُصنف كمريض نفسي، بل إن التحرش هو إضطراب سلوكى يدعمه تواطئ مجتمعي.، لذا على كل شخص يبرر السلوك المنحرف بدافع حاجته للعلاج او التعامل مع شهوته كطبيعة خلق بها إن يكون منصفاً قليلاً ليرى بعقله الواعى من يحتاج حقاً للعلاج ،هل المتحرش؟ أم الضحية من وقع عليها الظلم والفرض والهتك والنبذ والهلاك والبؤس والوحدة و ...و..؟ أنها مشاعر متداخلة هلامية تستقر فى الوعي والاوعى لتبقى متلازمة تلازم العين للرأس ، يصعب علاجة والتعامل معه ورغُم القانون أو تعديل القانون الذى سبق وأصدره المستشار عدلي منصور عام ٢٠١١ والذى لم يُلقى بالترحيب من المعظم والذى كان فحواه تغليظ العقوبة على المتحرش بسجن لايقل عن ٦ اشهر وغرامه لا تقل عن ثلاث آلاف جنية ، ومضاعفتها فى حالة التكرار.، إلا إن هذا التعديل لا يرتقى إلى ما يعود بالآلم على الفتيات التى تعرضوا للتحرش والنبذ من المجتمع حال الكشف عن الحادثة لأن مجتمعنا الشرقي مازال يسبح فى برك الرجعية، فيما يتصل الأمر بالمرآة وتظل تلك النظرة الظالمة حجر عثرة ، أمام تنفيذ تلك القوانين، ربما لو باتت تلك القوانين المتواضعة فى بيئة أكثر تحضراً وفى رحم مجتمع ينجب بشر ترى فى المرأة بكل تفاصيلها الفسيولوجية والبيلوجية آية نتعجب أمامها ،لكان هناك حدود فاصلة مانعة أمام الإنسان وطبيعتة الحيوانية الغالبة، فالمتحرش ليس مريضاً نفسياً كما يروُج له ، بل هو شخص مضطرب سلوكياً يحمل وزر أعماله من رباه ومن أنشأه ومن يتستر عليه ،فهو يفقد السيطر على شهواته الجنسية كفقدان قدرته في التحكم بجوعه أو عطشة فيهرع لسداد حاجته لهما...
وتزامناً مع إحتفالاتنا بيوم المرأة العالمي وأعياد الأم نتمنى أن تكون هناك نية لإستصدار قوانين رادعة ضد التحرش قبل أن نعالج المجتمع كي يتقبل صورة المرأة العالمي باركانها المختلفة وليكن شعارنا امسك متحرش
حتى تنعم المراة بالآمن والسكينة فى هذا العالم الموحش.