المرأة بالألفية الثالثة



رولا حسينات
2021 / 3 / 8

من المنطقي أن غياب المنظومة الأخلاقية أو الميثاق الأخلاقي (العقيدة، الوعي، الضمير والوازع الداخلي) في المنظومة التطبيقية للمنظمات والمؤسسات، ومنظمات الأعمال حول العالم وغياب مفهوم تغليب المصلحة العامة وضروريتها في التقدم المؤسسي، والتي برزت بشكل كبير من خلال العديد من الأزمات العالمية كأزمة التوليب (1635-1637)، نظام جون لو (أزمة المسيسبي) (1716-1720)، انهيار البورصة الفرنسية (1882)، «الكساد العظيم» في عام 1929، سوق المناخ الكويتي (1979 - 1982)، «فقاعة الإنترنت» (2000)، الأزمة العالمية (2007 - 2008) على سبيل المثال لا الحصر، فجميع الدول حول العالم عانت الأمرين نتيجة انهيارات أسواق المال العالمية، وتأثيراتها الاقتصادية القاتلة على أنظمتها الاقتصادية والمالية المحلية، ويمكن القول أن تعويم الالتزام بمنظومة أخلاقية ثابتة ومستقرة تحترم العقيدة وتحفظ الولاء المؤسسي كانت لغياب الثقافة المؤسسية نفسها وعدم وجود الوعي الكافي لما يعرف بالميثاق الأخلاقي، أو الميثاق المؤسسي كضرورة لتطبيقه كموجه وضابط لإيقاع السلوك على مستوى الفرد أو المجموعة أو المؤسسة؛ حيث يهدف إلى توحيد الثقافة في المؤسسة دون الانتقاص من الثقافة الفردية بل على العكس توجيهها وتدريبها لخدمتها من ناحية وتهيئة المناخ الانتاجي والرفع من سوية مكان العمل، ويعتبر الاحتكام للأحكام الفردية التي من أهم
أسسها عدم الموضوعية، لتكوين التصور الأشمل لمنظومة الأحكام الفردية والقائمة على مجرد اجتهادات شخصية متأثرة بعوامل مغايرة تماماً لفكرة ديمومة النجاح، وحيثُّ أن الأفراد يعملون ضمن منظومات (System) والذي يعتبر الأفراد بمخزونهم العاطفي والاجتماعي والقيمي والأخلاقي، ومجموعة الطباع والخبرات والمهارات مكونين للمجموعات داخل المنظومة التي تعتبر الافراد فيها العناصر الأساسية والتي تقوم فيما بينها علاقات معينة يستمد كل عنصر منها هويته ووظيفته، وحيثُّ أن الأفراد ليسوا بمعزل عن العوامل المؤثرة سواء الاقتصادية أو القانونية أو الاجتماعية أو الثقافية، يكون نظام القيم الموجه الفعلي لسلوك الجماعة (السلوك الفكري والروحي والعملي)، ويمكن القول أيضاً أن من أسباب فشل منظمات الأعمال في الدول العربية والتي تحتكم للنظام البيروقراطي في انجاز معاملاتها، والذي وفر بيئة ملائمة لما يعرف بآفة المجتمعات كالرشوة، المحسوبية، الواسطة، والتي غيرت مفاهيمها لتكوّن قاعدة أخلاقية جديدة قائمة على الخدمة العامة، وهي في حقيقتها تنهك الجسد المؤسسي وتعجل في فشله ومن ثم انهياره، إن صراع القيم هو صراع للموروثات الثقافية التي ارتكزت على الصفة العصبية والعشائرية والتكتلاتية، وفق أي منهج يخدم مفهوم المصلحة الخاصة، وتفكيكاً لمنظور العقد الاجتماعي والنيل من كل القيم المثلى والفضائل الإنسانية وفقط دون النظر للمفهوم الأعم الذي يخدم شريحة كبرى وهو المصلحة العامة.

بالمفهوم القيمي نفسه بعيداً عن تسخير المطلق إلى النسبي الذي بدوره يحرك الرغبة والشهوة، وهذا يقدر بحد ذاته إحداث التوتر والقلق الوجداني والفكري، وخلخلة لمفهوم نظام القيم الذي يوجه سلوك الجماعة على الصعيدين الفكري والروحي في المنظور العملي التطبيقي، ولكن إلى أي حد يمكن تغيير مجموع القيم والأخلاق لتصبَّ في خدمة المنظمة وتحقيق أهدافها بالتزامن مع مسؤوليتها المجتمعية والنداءات العالمية للبيئة الخضراء؟ حيث يمكن أن تتداخل مجموعة من العناصر في ذلك باعتبار أن المنظمة ليست بمعزل عن محيطها وبيئتها الديناميكية، وليست ثابتة بل متغيرة تخضع للعوامل الاقتصادية والسياسية والجغرافية والتكنولوجية والديمغرافية والجيوسياسية والقانونية وغيرها، ناهيك عن القيم التي تقوم على العصبية والتي مردها للقبيلة أو العشيرة التي تجسد بحد ذاتها قوة ثالثة، ولا سيما بوجود ما يعرف أيضاً بالقوة الضاغطة أو دولة الظل أو حكومات الظل وغيرها من مصطلحات مستحدثة تصبّ في نهايتها بالمصلحة الشخصية دون النظر عن التبعات وإن كانت قانونية.
ولقد انسحب المشهد على النظرية الاقتصادية المجتمعية التنظيمية لمجتمع العاملين والمسيرة لآلية العمل وهي البيروقراطية، والتي ضمنت تسليعًا للمنظومة البشرية (accommodation) في تقليل الأجور وزيادة ساعات العمل مع تعظيم الربحية دون النظر إلى الروحانيات والمشاعر الإنسانية...وهو ما حرم العاملين من الجنسين من أدنى حقوقهم وكانت المرأة والاستغلال الذي لحق بها من أكبر الأمثلة على ذلك.

ولعل الأزمات المناخية المتتابعة على كوكب الأرض والتي ساهمت بشكل كبير في الكوارث الطبيعية، كان سببها البشر وهذا يعني بالضرورة البحث عن طرائق للتحالف مع الطبيعة واستغلالها والعودة إلى الحياة التي كانت للأوائل من الحضارات التاريخية والتي حافظت على لغة التواصل بالموروث الثقافي مع الطبيعة، وهو الذي يعني اليوم توزيعًا عادلاً للثروة.
وما كان من حرمان لكثير من النساء لأسباب أو لأخرى من نصيبها في الحصول على حقوقها، ما نحتاجه بالفعل هو أنسنة سياسات العمل وتمتع العامل بحقوقه من ساعات الراحة ورفع للأجور وضمان اجتماعي وتعويضات وتأمين صحي وتوفير شروط مناسبة وملائمة في بيئة العمل.
وتجريم استغلال العمل الجماهيري لأغراض خارجة عن الأهداف المرسومة في قوانينها الأساسية، والعمل على ملاءمة قوانين الأحوال الشخصية مع المواثيق الدولية من اجل ضمان تمتع المرأة بكامل حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية الى جانب الرجل.
مع تجريم تشغيل القاصرات في البيوت باعتباره وسيلة للحرمان من التمتع بمرحلة الطفولة, ويعرض القاصرات للكثير من المخاطر النفسية والجسدية بالإضافة الى الحرمان من التعليم , واكتساب المؤهلات المساعدة على إدماج المرأة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية، بضمان منح الأولوية لتشغيل النساء في القطاعات المتناسبة مع كونهن امرأة بنسبة معينة لضمان مساهمتها في التنمية...

بالذي تطالب النساء حول العالم بنيله من حقوق يجعل تمتع المرأة بأحد الحقوق التي كثيرًا ما تحرم منها، مما يشعرها بأهمية التمتع بالحقوق المختلفة؛ فتسعى الى الحصول عليها بكافة الوسائل , وتنشئ لهذه الغاية جمعيات خاصة بها, أو تنخرط فيها وتلتزم ببرامجها الهادفة إلى تحرير المرأة من التبعية للرجل وهو في الواقع ما منحها إياها الإسلام من استقلالية مالية قبل ألف واربعمئة عام.
والقيام بإعالة أسرتها وأفراد عائلتها كما يفعل الرجل حتى يتبين للجميع ان المرأة كالرجل في اكتساب المؤهلات ,والحصول على العمل في إعالة الأسرة ... ويضمن مساهمتها في بناء الاقتصاد الوطني / القومي , كمستثمرة او كعاملة , أو مستخدمة أو موظف؛ وهذه المساهمة تجعل الوطن القومي لا يراهن على الرجال فقط بل يراهن أيضا على النساء, ودورهن في تنشيط الصناعة , والتجارة والخدمات , وهي أمور لا بد منها في أي نهضة اقتصادية , لأن مراهنة الوطن القومي على الرجال وحدهم كمن يراهن على جسد نصفه مشلول , لان النصف المشلول سيعرقل حركية النصف غير المشلول .والحياة لا تنتظم إلا بإعادة الحياة للنصف المشلول حتى يتحرك بكامل حريته, ويعمل على تطوير نفسه لاكتساب رشاقة الإبداع الاقتصادي الذي يرفع من مكانة الوطن القومي المعتمد على أبنائه جميعًا ذكورًا وإناثًا .
فعمل المرأة – إذًا – ضروري لحمايتها من إهدار كرامتها ولمساهمتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية, ومن أجل النهوض بالوطن القومي والرفع من مستوى إعداد الأجيال الصاعدة , وتحقيق مستقبل تسود فيه العدالة
الاقتصادية والثقافية والسياسية، خال من الأمراض التي تحط من كرامة المرأة على جميع المستويات .
إن تحديد مفهوم الوعي الحقيقي الذي يعني العمل على معرفة الواقع كما هو وبأدوات علمية حقيقية , من أجل ضبط قوانينه , ومعرفة كيفية تحويله إلى الأحسن, والواقع المستهدف بالوعي الحقيقي في موضوعنا هذا، هو واقع المرأة في أبعاده المختلفة الذي يجب إدراكه كما هو, وهو إدراك القوانين المتحكمة فيه , والعمل على تغيير تلك القوانين من أجل الارتقاء بالمرأة إلى واقع أحسن ثقافيًا واقتصاديًا ومجتمعيًا وسياسيًا.
وتكمن المساهمة في الحركة الثقافية عن طريق إتاحة الفرصة لنشر الإبداعات المختلفة التي تنتجها المرأة سواء تعلق الأمر بالقصة أو بالرواية أو بالمسرح أو بالموسيقى , والدعاية لها ودعمها, وخاصة تلك التي تشرح واقع المرأة على جميع المستويات وتسعى إلى بسط مشاكلها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية وتطرح أفاق تحريرها من مختلف القيود التي يفرضها المجتمع عليها من أبرز ما تساهم به في تنوير المجتمعات. بالإضافة إلى مساهمة المرأة , في مختلف الجمعيات الساعية إلى نشر الثقافة الجادة, ومحاربة الثقافة المائعة , والعمل على تقويم المسلكيات الفردية والجماعية، وتغيير الرؤى والتصورات حول مختلف القضايا خاصة قضية المرأة .
والمساهمة في تكريس استقلالية المرأة عن الرجل, وخاصة على المستوى الاقتصادي عن طريق التحرر من تبعيتها له, وبخروجها للعمل في مختلف القطاعات وممارستها لمختلف المهن الحرة التي تختارها، وسعيها إلى فرض اعتبار عمل المرأة في البيت عملاً مؤدى عنه أن لم يؤد إلى اعتبار المرأة مشاركة للرجل في الممتلكات
التي تكونت إلا برضاها وبرغبة منها ومساواتها للرجل في كل شيء لتكريس استحضار هيمنتها، وتجريم كل الممارسات التي تؤدي إلى الانتقاص من المرأة .

إن تجذر العمل الحقوقي في المجتمع , أي مجتمع كان, في حاجة الى جميع أفراده , رجالاً ونساء, لأن حقوق الإنسان تهم الجميع، فالمجتمع كل لا فرد، إلا أن خصوصية حقوق المرأة وخصوصية معاناتها تجعل حقوق المرأة في العمل الحقوقي أكثر إلحاحًا من غيرها؛ ولذلك فنشر الوعي الحقوقي في صفوف النساء سينعكس على رفع وتيرة مشاركة المرأة ومساهمتها في النضالات الحقوقية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية لانتزاع المزيد من المكاسب في هذه المجالات لمجموع أفراد المجتمع بصفة عامة، وللنساء بصفة خاصة, و للوصول إلى جانب التنظيمات الحقوقية المطالبة بإدماج المرأة في مجالات التنمية المختلفة, ذلك الإدماج الذي تكون نتيجة إزالة الدونية من وجدان المجتمع .
وهكذا نجد أن علاقة المرأة بالتنظيم هي علاقة جدلية فبقدر ما ترتبط المرأة بالتنظيمات بقدر ما تزداد فعالية التنظيمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية نظرًا لفعاليتها وحرصها على جعل تلك التنظيمات في خدمة انعتاق المرأة من الجهل والتخلف والحرمان من مختلف الحقوق مما يقتضي تنظيم المرأة لأجل ذلك.

ومساهمة المرأة ضرورية في مختلف مكونات المجتمع ناتجة عن ارتباط وضعيتها بالوضعية العامة للمجتمع الذي تنتمي إليه . والذي قد يكون محكومًا بنظام اجتماعي, محكوم بإيديولوجية إقطاعية تحط من قيمة الإنسان غير الإقطاعي , وتتعامل مع المرأة على أنها دون مستوى الرجل, وتعرضها لكافة أشكال الإهانة الصادرة عن النظام الإقطاعي؛ والتي تنتقل الى ممارسة الذكور الذين يمارس عليهم الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والمدني والسياسي. فيتحولون بسبب ذلك إلى مجرد اقنان أو ما يشبه الأقنان أو بإيديولوجية البورجوازية التي تحول المرأة – كما تفعل مع الرجل – إلى مجرد سلعة – مما يكرس النظرة الدونية لها من قبل العمال وسائر الكادحين الذين يمارس عليهم الاستغلال، والذي يبيعون قوة عملهم كما تبيع المرأة جسدها أو بإيديولوجية البورجوازية التابعة التي تؤلف بين إيديولوجية الإقطاع وإيديولوجية البورجوازية فتجمع بسبب ذلك بين اعتبار المرأة دون الرجل, فتمارس تبعًا لذلك السيطرة عليها وإخضاعها لإرادته وبين السماح لها تبضيع نفسها باعتبار ذلك التبضيع من قيم الحداثة الاجتماعية أو بإيديولوجية الطبقة العاملة التي تتعامل مع المرأة كإنسان , وهي تبعًا لذلك مساوية للرجل في الحقوق والواجبات مع مراعاة خصوصيتها كامرأة , وهذه الأيديولوجية تستحضر كرامة المرأة كما تستحضر كرامة الرجل .

ويتم العمل على محاربة كل أشكال التخلف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية التي تصيب جميع أفراد المجتمع على السواء وخاصة النساء من أجل الانتقال بأفراد المجتمع رجالاً ونساء إلى مستوى أحسن أو بإيديولوجية البورجوازية الصغرى الملفقة التي تجمع بين الإيديولوجيات المختلفة لاستنبات إيديولوجية لا أصل لها ولا فصل نظرًا لافتقاد الأساس المادي لوجودها فتستند إلى الإيديولوجيات القائمة, وكنتيجة لذلك فوضعية المرأة تتأرجح في نظر البورجوازية الصغرى بين الرؤيا الإقطاعية, والرؤيا البورجوازية العمالية ليختلط كل ذلك في رؤيا البورجوازية الصغرى .
والعمل على تحسين أوضاع المرأة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية, والمدنية , والسياسية هو جزء من العمل على تحسين أوضاع المجتمع ككل . لأن المرأة جزء من المجتمع . ولأن العلاقة القائمة بين المرأة والمجتمع هي علاقة جدلية.
وللوصول الى تكريس ثقافة التغيير يحتاج المجتمع الى نخبة طليعية من المثقفين لتكريس الثقافة الجادة الحاملة للوعي الحقيقي من اجل نقض الوعي الزائف الناتج عن ثقافة التكريس وتأبيد السيطرة الطبقية . ولا تكرس ثقافة التغيير الجادة إلا بأدوات جادة هادفة توظف لغاية تحقيق مستوى من الوعي يعيد صياغة السلوك الفردي والجماعي بما يتماشى مع الرغبة في التغيير.

وتستهدف ثقافة التغيير مجموع العادات والتقاليد والأعراف التي تعتبر قناة أساسية لتمرير ثقافة التأبيد التي ترسوا على عقول الناس ووجدانهم, مما يعتبر وسيلة لإنتاج سلوك الخضوع المطلق للطبقة المستفيدة من ثقافة الوعي الزائف. لذلك نجد أن ممارسة ثقافة التغيير وبأدوات جادة تسعى إلى جعل العادات والتقاليد والأعراف حاملة لقيم نشر الوعي الحقيقي في صفوف الناس, مما يؤدي إلى تغيير في السلوك الذي يتحول في اتجاه صقل الممارسة التي تستحضر إرادة الناس وتنبذ الاستلاب الذي أصبح يعرقل عملية التحول والتطور.
وبإعادة صياغة العادات والتقاليد والأعراف يشرع الناس في تكريس الثقافة المضادة و يدخلون مباشرة في ممارسة الصراع الثقافي الذي ينخرط فيه الأفراد والجماعات بسبب تجدر الوعي الحقيقي في صفوفهم مما يجعلهم ينخرطون في عملية المقاومة التي تعتبر مدخلاً لنقض الثقافة السائدة والسالبة لإرادة الناس.
وكما يساهم الرجل في إثراء ثقافة التغيير نجد أن المرأة تلعب دورها كذلك في هذا الاتجاه ؛ لأن علاقة المرأة بالثقافة هي علاقة بالعادات والتقاليد والأعراف التي تجرها إلى الثبات من جهة , وهي علاقة بكل ما يساعدها على تغيير أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية من جهة أخرى؛ فهي أكبر مستهلك للثقافة السائدة بسبب استغلالها لوسائل التثقيف الرسمية , ونظرًا لحالة الجمود التي يعاني منها المجتمع المكرس لدونية المرأة نجد أن احتكاكها بالوسائل التثقيفية
المناهضة للوعي الزائف يكاد يكون منعدمًا, لذلك فهي لا تتشبع بالثقافة النقيضة, ولا تعمل على مناهضة الثقافة السائدة , بقدر ما تكرسها كشيء مسلم به
ونظرًا لما للمرأة من أهمية في المجتمع , فان المنتظر منها ان تلعب دورًا في إثراء الثقافة الجادة.
هذا الإثراء الذي يجب أن يبتدئ بالانسلاخ من هيمنة الثقافة السائدة التي يجب العمل على تفكيكها ونقضها ثم العمل على نفيها , ثم بعد ذلك تطرح ثقافة المساءلة
التي تسعى الى البحث عن إجابات بديلة لإشكاليات الواقع الاجتماعي وإشكاليات واقع المرأة .
والمرأة كمثقفة وكمروجة للثقافة المستنيرة لا يمكن ان تكون مصلحتها في إعادة إنتاج الثقافة السائدة باعتبارها ثقافة تبضيع المرأة وتضبيعها , بقدر ما تكون تلك المصلحة في إنتاج ثقافة نقيضة تعمل على تحريض الناس بصفة عامة , والمرأة بصفة خاصة حتى يلعب الجميع دوره في مناهضة ثقافة التبضيع والتضبيع لتحل محلها الثقافة الجادة التي تستحضر إنسانية الرجل والمرأة معا , وثقافة المساواة في الحقوق والواجبات، ثقافة التعاون والتعاضد بين الكادحين والكادحات في جميع مجالات الحياة . ثقافة الأمل والإبداع الثقافي المختلفة التي يروج لها بكل الوسائل الممكنة .