طعام.. صلاة .. حب!!



عبله عبدالرحمن
2021 / 3 / 11

كان لدى بطلة رواية (طعام صلاة حب) التي سعدت بقراءتها وهي من الروايات الاكثر مبيعا للكاتبة الاميركية اليزابيت جيلبرت وترجمة زينة ادريس، حلما بعيدا بتقبل حياة اسرية كبيرة ونشيطة مليئة بالأطفال والاعمال اليدوية وقدر جميل من الطعام يغلي على الفرن. مثلما انه كان لديها تخوف من فكرة اعادة التجربة بعد ان مرت بمأساة الطلاق من الشخص الذي اختارته بعقلها وقلبها وبنت معه بيتهما، لينتهي بها المقام يوميا على ارضية الحمام تجلس القرفصاء باكية وحزينة ومتهمة بالأنانية لأنها لم ترغب بأنجاب اطفال، قبل ان تقرر اخيرا الانفصال وحصولها بعد معاناة على الطلاق. تقول: ان لا احد يمكنه ان يكون معلما لتجربته الخاصة. وهي محقة بذلك ولن نشط بالحديث اذا ما كانت لنا محطة نتحدث فيها عن الزواج في زمن جائحة كورونا وانا استعيد واياكم بعض من سطور الرواية لاستعادة انفسنا من شرك الحزن والتعاسة. الزواج في زمن كورونا ازداد بالأرقام كما ازدادت فيه نسب الطلاق على مستوى العالم وليس بعالمنا الثالث فقط. وبحسب التقارير التي رصدت الزواج في جائحة كورونا على جوحل، نأخذ مثلا نتائج دراسة في المانيا نجد ان نسب الزواج زادت بالفئة العمرية 40_64 سنة بنسبة 72% من اجل تجاوز الوحدة التي فرضت على الافراد بفعل الحظر كإجراءات وقاية من وباء كورونا فيما زادت نسب الطلاق نتيجة التقارب القسري في العلاقات الاسرية. وفي عالمنا الثالث نسب الزواج ارتفعت من اجل التوفير بالتكاليف الباهظة وغيرها من الاسباب ليكون مصير معظمها ملفات ينظر بها في المحاكم الشرعية. للأسف ان العقول التي تأخذ قرار الزواج بمثل هذه الظروف هي عقول مرهقة بفتح الهاء مثلما ان نتائجها ستكون مرهقة بكسر الهاء ليتحملها الجميع حزن وبكاء وتعاسة. في رواية (طعام صلاة حب) تقول البطلة لوالدتها وهي تتحدث عن تجربتها في الطلاق في سيرتها الذاتية من خلال هذه الرواية: امي، انا لست قوية مثلك! انت استطعت ان تعضي على كل الجراح من اجل ان يبقى زواجك سعيدا وممتدا، ولم نكن نتخيل انك قد تكوني رغبت بأشياء او افتقدت اشياء لأنك كنت قوية وسعيدة ولديك القدرة لان تفعلي اي شيء بمفردك دون انتظار عاطفة من احد. الزواج بزمن كورونا لن يكون مستطاعا بفعل التقارب القسري وبفعل ضيق اليد عن الانفاق وبفعل ضغط الوباء الذي نراه من حولنا موتا وضعفا وفقرا. عض الجراح والسير قدما بالحياة الزوجية لن يكون ممكنا لان الجراح باتت متقرحة لا ينفع معها الطبطبة.
جميع حالات الزواج في جائحة كورونا تتسلل من الباب الخلفي يكتمون فرحهم عن الناس وعن انفسهم امتثالا لقانون الحظر، وينتهي بهم الحال في معظم الحالات من الباب الخلفي انفصالا وحزنا وتعاسة ستمتد لما بعد انتهاء وباء كورونا.
تحدث كما تأكل، بهذه البساطة والوضوح تتحدث بطلة الرواية عن خساراتها لمن تحب. بيدا ان تلك الصديقة التي فشلت بزواجها بعد اقل من مرور شهرين عليه. كانت صادقة حين تحدثت عن زميلها الذي ينوي التقدم لخطوبتها لوالديها بنفس بساطة عبارة (تحدث كما تأكل)، بيدا انها لم تكن تعرف بأن هذا الزواج سينتهي سريعا لأنه ذلك الزوج الذي اختارته لم يكن صادقا معها مثلما كانت معه، كما انها لم تكن تتخيل انها ستتعرض للضرب في مكان عملها لأنه تفقد مصاغها ولم يجده في بيت الزوجية. لم ينتظر حتى تأتيه بالخبر اليقين. فهو لم يتعلم من سيدنا سليمان حين تفقد الهدهد وانتظر حتى يأتيه بالخبر اليقين قبل ان يوقع عليه العقاب. ان حفل زفاف تلك الصديقة لم يكن صاخبا بفعل وباء كورونا ولكن انفصالها سيكون صاخبا وشهود الزور لن يملوا من نصائحهم بالانفصال السلمي بالتنازل عن كافة حقوقها الشرعية.
في رواية (طعام وصلاة وحب) لجأت البطلة الى الله سواء بالصلاة او بتعلم اليوغا من خلال معتزل بالهند اخذت فيه مهمة حف بلاط المعتزل كطريقة لتسكين العقل عن التفكير بكل شاردة وواردة واستباق الزمن والتحسر عليه بإجهاد الجسد على حساب اجهاد الروح.
هناك نصيحة بالرواية تعلمتها بطلة الرواية على يد عراف يقيم في جزيرة بالي حتى تواجه طلاقها ويعود اليها توازنها الشامل تقول: علينا ان نبتسم بوجهنا ونبتسم بعقلنا ولا ضير ان نبتسم بكبدنا لان الجدية المفرطة تسبب المرض وهذه النصيحة قد تكون ناجحة لمواجهة مشاكلنا كيفما كانت. بان لا ننتظر ان تهبط علينا السعادة، لأنه السعادة ليست ضربة حظ، فهي نتاج مجهود شخصي علينا ان نحارب لأجلها ونحافظ عليها من دون التفريط برضانا الفطري.