يوم المرأة الأُمَميّ وحقوق المرأة (مقارنات)



ريم عيسى
2023 / 3 / 7

أصبح يوم الثامن من آذار يُعرف بـ«يوم المرأة العالَمي»، والأدق تسميته «يوم المرأة الأمَمِيّ» استعادةً لجوهره الطبقيّ ومنشئه التاريخي وتطوره المتعلّق أساساً كما هو معروف وموثّق بنضال العاملات ذي الطابع الأممي شرقاً وغرباً. وأصبح يوم المرأة الأمميّ محورياً لحركة حقوق المرأة بشكل عام في جميع أنحاء العالم.

وبطريقة ما، وعلى مر السنين، أصبح هاجساً للغرب، حيث ينظِّم الأحداثَ والمؤتمرات حول هذا اليوم، ويدعو الدول والحكومات إلى تنفيذ السياسات التي تعالج قضايا المرأة وحقوقها. في بعض النواحي، حاولَتِ الدولُ الغربية احتكارَ دور تحديد معايير حقوق المرأة، ومراقبة وتقييم التزام بقية العالم بها. ومع ذلك، فإنَّ نظرةً سريعة على التاريخ غير البعيد تكشف أنَّ الغرب لم يكن حتى قريباً من أن يكون «رائداً» في حقوق المرأة والمساواة.

لم تتبنَّ الأمم المتحدة يوم 8 آذار كيومٍ عالمي للمرأة سوى في عام 1977، أي قبل 44 عاماً فقط! على الرغم من أنَّ جذورَ اليوم نفسه تعود إلى أكثر من 100 عام. هناك العديد من القصص التي تدور حول أصول ذلك اليوم، وقد تم ربطها بمجموعة متنوعة من الأحداث التي وقعت إما في وقت ما في أواخر القرن التاسع عشر أو أوائل القرن العشرين. ولكن من أبرز المحطات ذات الدلالة الأمميّة للمناسبة اقتراحُ تخصيص يومٍ سنويٍّ للمرأة في عام 1910 في «المؤتمر الأمميّ للمرأة الاشتراكية».

الدولة الأولى في حقوق المرأة

بالإضافة إلى ذلك، كانت الدولة الأولى التي جعلت من الثامن من آذار عيداً وطنياً للاحتفال بالمرأة وحقوقها هو الاتحاد السوفيتي بعد ثورة أكتوبر 1917. في الواقع، احتفلت الدول الشيوعية والحركة الشيوعية في جميع أنحاء العالم بهذا اليوم، حتى أواخر الستينيّات، عندما تبَّنتْه الموجةُ الثانية من الحركة النسوية. في ذلك الوقت، شقَّ يوم المرأة طريقه إلى الدول الغربية، التي تحاول الآن تسويقَ فكرة أنَّ الغرب هو «الرائد» و«القائد» في احترام المرأة وحقوقها والاحتفاء بها.

ومع ذلك، يكشف مسحٌ سريع للطريقة التي يتم الاحتفال بها في الغرب باليوم العالمي للمرأة أنه يركز فقط على الحملات الإعلامية التي تحتوي على رسائل مناسبة للاستخدام في بطاقات المعايدة بدلاً من الإصلاحات الاجتماعية التي من شأنها أن تضمَن، من بين أمور أخرى، حقوقاً متساوية للمرأة. ومثل كل شيء آخر في الغرب، تمّ تحويل «يوم المرأة الأُمَمِيّ» إلى فرصةٍ للشركات الرأسمالية والبزنس لعرض الشعارات، دون بذل جهد حقيقي لدعم العدالة والمساواة للمرأة (أو لغيرها في هذا الشأن).

وبغض النظر عن تفاصيل التأريخ الدقيق أو المكان الدقيق الذي يُمكن أن يُنسَب إليه منشأ هذا اليوم، وكما لوحظ أعلاه، فإنَّ جميع الروايات تقريباً عن أصوله كانت مرتبطةً بحركةٍ أو حدثٍ اشتراكيّ. علاوة على ذلك، يكشفُ مسحٌ بسيط لتاريخ حقوق المرأة أنَّ البلدان ذات الأنظمة الاشتراكية/الشيوعية كانت أوَّلَ مَن وضعَ تشريعاتٍ وتدابيرَ تناولت حقوقَ المرأة فيما يتعلّق بالمساواة والإنصاف (وغيرها).

حق المرأة في التصويت

ربما يكون أحد أهم مؤشرات حقوق المرأة هو حق المرأة في التصويت أو الاقتراع. وفيما يلي مقارنة سريعة بين عدد قليل من البلدان فيما يتعلق بتاريخ حصول المرأة على حق التصويت مُسَلسَلَةً من الأسبق إلى الأكثر تأخراً:

• اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية: 20 تموز 1917

• فرنسا: تشرين الأول 1944

• المملكة المتحدة: 1928 (في عام 1918، تم تمرير قانون يسمح للرجال فوق 21 عاماً والنساء فوق 30 عاماً ممَّن تتوفر لديهم/لديهن مؤهلات معينة بالتصويت، وبعد 10 سنوات، في عام 1928، تم إصدار قانون أتاح التصويت لجميع الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 21 عاماً).

• الولايات المتحدة الأمريكية: 1965 (بينما تم التصديق على التعديل التاسع عشر في عام 1920؛ لم يكن بإمكان النساء ذوات البشرة الملوَّنة التصويت حتى صدر قانون حقوق التصويت لعام 1965 الذي حَظَرُ التمييزَ العنصريّ).

الحقوق الاقتصادية للمرأة

من المؤشرات الأساسية الأخرى لحقوق المرأة حقوقها الاقتصادية أو حقوقها في العمل. أحد الأمثلة على ذلك هو فجوة الأجور بين الجنسين، وهي متوسط الفرق بين أجور الرجال والنساء في القوة العاملة. وفيما يلي بعض الأمثلة التي توضح هذه الفجوة كنسبة مئوية، أيْ مقدار الأجر الذي تكسبه النساء وسطياً كنسبة مئوية مما يكسبه الرجال:

• اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية: رغم نقص الإحصاءات الرسمية، لكن الدراسات تُقدِّر أنه في منتصف الستينيّات كانت فجوة الدَّخل حوالي 30%.

• فرنسا: في عام 1966، كانت فجوة الدَّخل حوالي 37%.

• المملكة المتحدة: في عام 1968، كانت فجوة الدَّخل حوالي 47%.

• الولايات المتحدة: في عام 1960، كانت فجوة الدخل حوالي 40%.

حقوق الأمومة

بالبحث عن مؤشر آخر يتعلق بالمرأة العاملة، سيكون على سبيل المثال إجازة الأمومة للأمهات العاملات، والتي من حيث المدة أوصت منظمة الصحة العالمية بأن تكون 16 أسبوعاً على الأقل:

• اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية: منح الدستور السوفيتي مزايا مثل إجازة الأمومة مدفوعة الأجر بالكامل وحمايتها ابتداءً من عام 1936، وفيما يتعلق بطول الفترة، كانت 112 يوماً مدفوعة الأجر بالكامل (56 يوماً قبل الولادة و56 يوماً بعد الولادة، أي بمجموعها 16 أسبوعاً)، يمكن تمديد إجازة ما بعد الولادة حتى 3 أشهر بعد الولادة بأجر كامل، وحتى 9 أشهر أخرى بعدها دون أجر ولكن أيضاً دون فقدان وظيفتها.

• فرنسا: 8 أسابيع إلزامية، و8 أسابيع أخرى مسموحٌ بها، ويتم دفع متوسط الراتب خلال الأشهر الثلاثة السابقة للإجازة مع مراعاة حد أقصى محدد في القانون، ويستند هذا إلى قانون الاتحاد الأوروبي؛ في فرنسا، منح قانونٌ صدر عام 1946 المرأةَ إجازةَ أمومة مدتها 14 أسبوعاً تَدفَعُ خلالها الأمُّ نصفَ ما تَكسَبُه.

• المملكة المتحدة: بموجب القانون، يمكن للمرأة أن تأخذ ما يصل إلى 52 أسبوعاً من إجازة الأمومة بحيث تكون مدفوعة الأجر جزئياً حتى 39 أسبوعاً (بنسبة 90% للأسابيع الستة الأولى، ثم مبلغاً أقلّ للأسابيع الـ33 التالية)، مع الحفاظ على حقوقها كموظَّفة خلال فترة الإجازة. ولم تَسنّ بريطانيا أوّل تشريعاتها التي تسمح بإجازة أمومة سوى في العام 1975!

• الولايات المتحدة: القانون الفيدرالي الأمريكي لا يُخوِّلُ منحَ الأم والأب حمايةً قانونية من الطرد من العمل سوى لفترةٍ أقصاها 12 أسبوعاً كإجازة غير مدفوعة الأجر بعد ولادة أو تبنّي طفل، وذلك استناداً على قانون يعود للعام 1993، والذي قبله كان لكلٍّ ولاية أمريكية قوانينُها الخاصة بها (إنْ كان في بعضها قوانين كهذه أصلاً).

ما ورد أعلاه هي مجرّد أمثلةٍ توضيحية بغرض المقارنة والتذكير بالتاريخ القريب نسبياً لحقوق النساء؛ والأهم أنّها تذكيرٌ جيّد بِمَن هي الأنظمةُ التي احتلّت موقع الصدارة والريادة في حماية حقوق النساء، مِن ضِمن حقوقِ مجموعاتٍ اجتماعية أخرى.