حجاب المراة بين الامس واليوم



محمد رياض اسماعيل
2021 / 3 / 23

انا لست مفتياً بأمور الدين الإسلامي بخصوص موضوع حجاب المرأة لدينا، لكنني قرأت حين كان الرسول بمكة، وبقي فيها لثلاثة عشرة سنة بعد بدأ الرسالة، لم يفرض على النساء حجاباً، وكانت العادة عند العرب ان يضربن الخمار على شعر راس السيدة الحرة ولم يسمح للعبدة بفعل عين الشيء أي كن سافرات لكي تميزهن عن الحرة. ولكن التشدد جاء بعد الهجرة الى المدينة، حيث فرض الحجاب عليهن، وامر النساء بأن لا يخرجن من بيوتهن الا لقضاء الحاجة، اذ لم تكن هناك مراحيض داخل البيوت، وحين تترك بيتها عند الضرورة وجب عليها تغطية جسدها ورأسها وعدم التبرج، كي لا يطمع بها الرجال غير المسلمين. المرأة في الإسلام عبارة عن فرج ، والزواج نكاح ، ووطأ امرأة أي دخل بها ، فالعادة يوطأ الرجل نعاله بقدمه ، لذلك يعتبر الموطوء شيء تافه ولا قيمة له .
ادعوا الشباب المتزمت ان ينظروا الى صور اسرهم، امهاتهم وجداتهم في الخمسينات والستينات والسبعينات سيدركون انهن نساء من عالم ثان ، عالم متحضر، عالم احترم النساء وقَدرها حق قدرها ، مجتمع سليم خَرَج الافذاذ من الجيل الطيب.
اثناء الحرب العراقية الإيرانية وما بعده ، كان النظام يتوجس الحذر من كل الحركات الراديكالية والاصولية التي تهدد بقائها في السلطة ، قضى النظام على الحركات الراديكالية بالقوة ، الا انه تردد في القضاء على التيارات الأصولية الإسلامية لحراجة الدين عند العامة من الناس، وكانت المفاهيم الدينية تصب في مصلحة السلطة لتخدير الشعب عن واقع حاله المزرى بل المميت .. فأصبحت السلطة اكثر قدسية من علماء الدين ، واطلقت الحملة الايمانية فأمنت جانب الأصوليين و ابطلت معارضتهم واحتوت ما تعكر اجوائها من الاخطار الحقيقية والتي تدين لها الغالبية .. فاطلقت شعارات دينية لتحث على الجهاد ، وكان لا بد ان ينزل عند رغبة علماء الدين بالسماح لهم بالدعوة الى وضع الخمار على جيوبهن ( وشعر الرأس بضمنها) ، وانتشرت إعلانات الملابس الدينية على وسائل الاعلام المرئية والمسموعة، التي كانت تروج لها الاخوان المسلمين من السنة في الأقطار المجاورة وبالنسبة للشيعة فهي تأثرت بالمرجعية في ايران والنجف ودفع المجتمع الى القبول به . فتقبل المجتمع هذا التغيير المفاجئ لسببين، أولها هجرة الكثير من العوائل الاصيلة والرصينة الى خارج العراق ابان الحرب العراقية الإيرانية، وثانيهما هو ثقافة التسامح لدى المجتمع العراقي وولائهم للمراجع، فدعيت النساء للزي الجديد من قبل المتزمتين وتشجيعهم، لإعلاء كلمة الدين والفوز بالأخرة !، واختزلوا الاخلاق في هذا التحجب!! فاصبح الاحتشام يجنب الدولة مصاريف تجميل ولبس باهظة الثمن، في الوقت الذي يأتي بالعرسان المؤمنين بالقيم الإسلامية للزواج من المتحجبات بكثرة، لان التبرج في الإسلام زنى ! لم يكن الحجاب مألوفا في عقود الخمسينات الى الثمانينات من القرن المنصرم ، وكانت مألوفة ابان حكم العثمانيين ، لكن قيم المجتمع تغيرت وتطورت الحياة المدنية واصبح المجتمع ينظر للمرأة كمربية فاضلة و طبيبة ومهندسة و موظفة وشرطية و مشرعة قوانين ومحامية و غيرها . فأمهاتنا واخواتنا ارتدين الأزياء العصرية بمحض ارادتهن ، ولكننا عدنا الى معاصرة قرون خلت فيما بعد .... اليوم أصبحت ملابس المتحجبة تخفي عيوب النساء واوزانهن ووساخة شعرهن.
متى ننظر للمرأة كإنسانة ، متى ننظر لها كأم ، كأخت ، كزوجة ؟ متى تتحرر من قيودها وتتصرف بمحض ارادتها ، ارادتها الخالصة ، وليس بالترغيب والترهيب ؟ متى ستعاصر زمنها ؟ واختتم قولي في هذا المقال بعبارة السيد المقتدى ( بدل عقلك حبيبي) ....