النساء المتسامحات:



نضال الصالح
2021 / 4 / 10

رن جرس الهاتف بعد منتصف الليل بقليل وكنت نائما. رفعت السماعة وقلت لنفسي " لعله خير " . سمعت امرأة تبكي بحرقة ولم أعرف في البداية من تكون. بدأت تتكلم وكلماتها مخلوطة بالشهقات فعرفتها، هي صديقة وزوجة لصديق. بدأت دقات قلبي تتسارع لتحسبي بأن أمرا جللا قد حدث، فسألتها ما الذي حدث . قالت وهي تبكي : " زوجي ضربني ". سالتها كيف ضربك؟ فلم أحلم بأن يقوم صديقي المثقف بضرب زوجته المثقفة وظننت أن في الأمر خطأ ما. ولكنها أكدت لي بأنه ضربها وصفعها بشدة لدرجة أنه لن تستطيع الذهاب للعمل وهي مدرسة في مدرسة إنجليزية. ٍسمعت زوجها يقول : لماذا تزعجي نضال في أمور خاصة عائلية ؟ قلت لها : أعطي الهاتف لزوجك ، ففعلت . حاول التكلم معتذرا ولكنني قاطعته وقلت له ، " اصمت واسمع " فصمت . قلت له بصوت غاضب " أنت صديقي، ولكنك إن أعدتها سآتي إليك وأطعنك بخنجري في بطنك وأسحب أمعائك وأطعمك إياها. ثم أضفت، " هل تشك في قولي ؟ " وجه الكلام إلى زوجته التي كانت تستمع عل الخط الأخر قائلا، " هو أكيد يمزح " فقالت له ، " أنت تعرفه جيدا وأنه لا يمزح " . أغلقت الخط التلفوني ونظرت إلى يدي فرأيتهما ترتجفان بشدة، فهو صديقي ومن أقربهم ولكنني أكره الرجال الذين يضربون زوجاتهم.
مرت الأيام وعادت الأمور إلى طبيعتها ولم نتحدث عن الموضوع. وعند وفاته بمرض مفاجئ رأيت زوجته في جنازته تبكي بحرقة. جاءت إلي ودموعها تسيل على وجنتيها وضغطت على يدي قائلة: خسرناه يا صديقي، أنا خسرت زوجا محبا وأنت خسرت صديقا ." قلت لها " أتبكين على رجل كان يضربك ؟ " فقالت بحرقة : " كانت مرة واحدة يا صديقي ولقد سامحته والآن رحل وتركني وحيدة " . حاولت تهدئتها وعزيتها وقبلت أولادها وبناتها وودعتهم قائلا " إن احتاجوا إلى شيء فأنا موجود ثم غادرت متجها إلى سيارتي . جلست خلف مقود السيارة وبدأت الأفكار تدور في مخيلتي كفلم . قلت لنفسي، " رحمة الله عليك يا صديقي ولكنني متأكد لو أن زوجتك توفت في حياتك فإنك كنت ستتزوج غيرها بعد مدة، أما هي فستعيش عل ذكراك . آه على تسامحكن يا أيتها النساء .