شجرة الدر ، العنصرية ضد المرأة



حسن مدبولى
2021 / 4 / 24

شجر الدر - بدون التاء المربوطة - أو شجرة الدر ، هى ملكة مصرية لقبت نفسها في وثائق الدولة الرسمية باسم أم خليل، وحكمت مصر لمدة ثمانين يوما بشكل رسمى بمبايعة وتأييد من المماليك والأعيان، كان الخطباء على المنابر يدعون لها قائلين " اللهم إحفظ الجهة الصالحية ملكة المسلمين عصمة الدنيا والدين ذات الحجاب الجميل والستر الجليل زوجة الملك الصالح نجم الدين أيوب وأم إبنه خليل " كما تم نقش اسمها على الدراهم والدنانير، وأصبحت الأحكام تصدر باسمها ،وقد أمرت بتسيير موكب المحمل حاملا كسوة الكعبة مصحوبا بالمؤن والأموال لأهل بيت الله الحرام تحميه فرق من الجيش، و نتيجة لإحكام قبضتها وحسمها للأمور بقوة السيف،شعر الناس خلال فترة حكمها القصير بالأمان،كما توج حكمها أيضا بصد العدوان الصليبي الأوروبى والإنتصار عليه ، كما تم أسر قائد العدوان الملك الفرنسى لويس التاسع وسداده فدية كبيرة لخزينة البلاد مقابل إطلاق سراحه ،،
كانت شجر الدر فى الأساس مجرد جارية مملوكة للملك الصالح نجم الدين أيوب، وهو الذي أطلق عليها لقب شجر الدر، ويقال إنها كانت من أصول تركية أو أرمينية ، و تميزت بالذكاء الحاد والفطنة والجمال وإجادة القراءة والكتابة والغناء، وحظيت بمنـزلة رفيعة لدى الملك فأعتقها وتزوجهاوأصبحت ملكة البلاد، كماأنجبت منه ابنها خليل الذى توفى مبكرا ،،

مرض زوجها ووفاته :
قضى زوجها السلطان الصالح أيوب السنوات الأخيرة من عمره فى محاربة الصليبيين وفى ذلك الوقت كانت شجرالدر هى المسؤولة عن بيت المال، وكان لها نفوذاً كبيراً على الجيش والمماليك الذين بدأ عصرهم الذهبى فى تلك الحقبة ، تولت حكم البلاد فعليا بعد ان داهم زوجها مرض عضال أعجزه عن الحكم، وفى أثناء هجوم الحملة الصليبية على مصر، و إحتلالها دمياط ودخولها إلى مشارف مدينة المنصورة،توفى زوجها الملك الصالح فجأة ، وأصبح موقف المعركة حرجا جدا،

إنتصارها على الصليبيين :
إستكملت مع قادة المماليك المعركة، وأخفت خبر الوفاة ونقلت الجثمان سرا لقلعة منيل الروضة، وأمرت أتباعها المقربين بالتصرف وكأن الملك على قيدالحياة ،
وأرسلت لإبنه من زواج آخر ويدعى توران شاه لكى يأتى لتولى الحكم، وإستمرت مع المماليك فى إدارة المعركة حتى تم النصر على الصليبيين إنتصارا ساحقا ، وأسر الملك لويس التاسع عام 1250 م ، وسداده ثمانمائة ألف دينار وذهاب خطر الصليبيين نهائيا عن مصر ،،

مقتل إبن زوجها :
بعد الإنتصار وبدلا من أن يشكر توران شاه زوجة أبيه شجر الدر التى إستدعته من الأساس لكى يتولى الحكم ،وبدلا من أن يشكرها ويشكر معها أمراء المماليك ويأمر بتكريمهم جميعا لإنتصارهم على الصليبيين ، تصرف بأنانية وحقد و حاول الإنقلاب عليهم جميعا وإبعادهم و تهميش شجر الدر للانفراد وحده بدفة الحكم ، فكان رد فعل شجر الدر عنيفا ،فتحالفت مع الموالين لها من الأمراء المماليك،و تم التخلص من توران شاه وقتله وإعلان تولى شجر الدر للسلطة رسميا عام 1250 م ؟

الإحتجاج على توليها الحكم:
لم تكن الظروف مواتية لها لكى تستمر في الحكم طويلاً ، فعلى الرغم مما أبدته من مهارة وحزم في إدارة شؤون الدولة وتقربها إلى العامة وإغداقها الأموال والإقطاعات على كبار الأمراء. إلا أن الأنانية والحقد والعنصرية والتحيز ضدها كونها إمرأة، جعلها تلقى معارضة شديدة من داخل البلاد وخارجها، فقد خرج المصريون في مظاهرات غاضبة تستنكر جلوس امرأة على عرش البلاد، وعارض بعض علماء المسلمين، وعلى رأسهم العز بن عبدالسلام، ذلك الأمر وإعتبروه مخالفا للشرع ، كما ثار الأيوبيون لمقتل توران ابن الملك الصالح، ورفض الخليفة العباسي المستعصم الإعتراف بها،وإستنكر وجودها وقام بالإستهزاء من المصريين بإعتبارهم عدموا وجود الرجال؟،

تنازلها وزواجها من عز الدين أيبك:
ونتيجة لكل تلك الضغوطات تنازلت شجر الدر عن الحكم للأمير عز الدين أيبك وتزوجته عام 1250 م، كما دعمته في التخلص من منافسه أقطاي ، مع إستمرارها فى السيطرة على شئون الحكم من وراء الستار ، لكن زوجها أيبك بعد إستقرار الأمور ،تقدم للزواج من ابنة حاكم الموصل بالعراق محاولا تدعيم موقفه والإستقلال بالسلطة، لإنه كان مهمشا للغاية لدرجة إنه كان ممنوعا من زيارة زوجته الأولى أم ولده على ،فلما علمت شجر الدر بنيته فى الزواج مرة أخرى،غضبت وتملكتها الغيرة وأحست بالخطر، فأرسلت إلى أيبك تستدعيه فاستجاب لها،وحضر إلى القلعة لمقابلتها ، لكنه فوجئ بمن يلقون القبض عليه ، ويردونه قتيلا بالخنق عام 1257 م ؟

مقتلها بالقباقيب:
أعلنت شجر الدر أن عز الدين أيبك قد توفى فجأة ، وحاولت مسرعة أن تجد البديل، لكن بعض جنوده ومماليكه لم تنطلى عليهم الخدعة فهاجموا مقر إقامتها وألقوا القبض عليها وسلموها لزوجة أيبك الأولى (أم على) التي إنتهزت الفرصة فجمعت جواريها وإقتادوا شجر الدر للحمام وإنهالوا على رأسها ضربا بالقباقيب (نوع من مداس الأرجل مصنوع من الخشب) حتى ماتت غارقة فى دمائها ،ثم تم تجريدها من ملابسها و إلقاء جثمانها العارى من فوق سور القلعة فى مايو 1257 ، و ظلت ملقاة على قارعة الطريق لعدة أيام ؟
بينما وزعت ضرتها وزوجة ايبك( أم ولده على ) الحلوى على المصريين فكانوا يتناولونها مبتهجين بحلوى (أم على) !!!