معًا في ندوة دولية عن -حقوق المرأة العاملة



ميخال شفارتس
2006 / 8 / 5

بدعوة من منظمة اليونسكو، التابعة للامم المتحدة، شاركت كاتبة هذه السطور في "المنتدى العالمي الثاني لحقوق الانسان" الذي عُقد في مدينة نانت بفرنسا. وقد تحدثت في ندوة بعنوان "المرأة، الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، والقرار النقابي"، التي نظمتها في 12/7، اليونسكو بالتعاون مع "الاتحاد الفرنسي للعمال المسيحيين" (CFTC).

سبق الدعوة اقرار اليونسكو للوثيقة التي أعدّتها جمعية معًا حول وضع النساء العربيات في اسرائيل. الوثيقة التي كُتبت تلبية لطلب من اليونسكو، تشمل تحليلا مطولا حول وضع النساء العربيات داخل اسرائيل وتطرح النشاط النقابي كمخرج من هذا الوضع. وتقرر اصدار الوثيقة في كتاب خلال السنة القادمة، الامر الذي سيكشف على نطاق عالمي نشاط جمعية معًا النقابي والنسائي.

عقدت الندوة بهدف تعزيز العلاقات بين النقابات والمنظمات النسائية في انحاء العالم. كما وضعت على جدول اعمالها مهمة خلق شبكات نسائية ونقابية تُعنى بحقوق المرأة العاملة، وإحقاق المساواة بينها وبين الرجل في العمل، ودعمها في نضالها من اجل اتخاذ القرارات في الجهاز النقابي ايضا. ومن شأن هذا الامر ان يمنح النساء فرصة التحول لقوة اجتماعية سياسية عالمية لمواجهة سياسة الاستغلال والفقر.

شاركت في الندوة اخصائيات في موضوع حقوق العاملات، ومندوبات عن اكبر النقابات العالمية منهن: مساعِدة الامين العام ل"الاتحاد العالمي للنقابات الحرة" (ICFTU) الذي يعتبر اكبر اتحاد نقابي عالمي؛ نائبة الامين العام للنقابة العالمية للخدمات العامة (Public) Services International، التي تمثل 20 مليون عامل (65% منهم نساء) في 160 دولة؛ نائبة الامين العام لنقابة المعلمين "التعليم العالمي" (Education International) التي تمثل 29 مليون عضو في 160 دولة؛ ومسؤولة عن المساواة وحقوق العاملة في "المؤتمر النقابي" (TUC) البريطاني.

مندوبة عن "منظمة العمل الدولي" (ILO) التابعة للامم المتحدة، تحدثت عن القوانين والمواثيق العالمية المتعلقة بحقوق المرأة العاملة. واشارت الى ان المشكلة نابعة في عدم وعي النساء لهذه الحقوق، وعدم تطبيق هذه القوانين والمواثيق.

واتضح خلال المداخلات والنقاشات التي دارت في الندوة بان المشاكل التي تعاني منها عاملات الزراعة في اسرائيل ليست فريدة من نوعها، بل تعكس مشاكل عالمية خلقتها العولمة. من ذلك ظاهرة استغلال العمال الاجانب، البطالة المحلية، اتساع العمل غير الرسمي وغير المنظم من خلال شركات القوى البشرية والمقاولين الفرعيين، وتعميق الفقر. وباتت المرأة العاملة العنصر الاكثر فقرا وتضررا من العولمة، لدرجة ان الفقر اصبح ظاهرة مميزة للنساء بشكل خاص.

ان اتساع ظاهرة العمل غير الرسمي او المنظم على النطاق العالمي، ادى لتقليص ملموس في حجم النقابات، مما يسهل استغلال العمال وخاصة العاملات. ردا على الوضع بدأت النقابات والمؤسسات العمالية العالمية بحملة فعالة لتنظيم العاملات وتأطيرهن.

وقد خصصت النقابات ميزانية لتقوية مكانة النساء فيها، وتأهيلهن للعمل النقابي. وتبنت سياسة "التمييز الايجابي" مع المرأة، بهدف دعمها، كما كونت تشكيلات نسائية داخل النقابة. وترى هذه النقابات في تأطير النساء شرطا اساسيا لاعادة بناء النقابة كقوة اجتماعية قادرة على مواجهة سياسة الخصخصة التي تنتهك حقوق العمال.

جمعية معًا حضرت الندوة، وهي تمثل مبادرة نقابية جديدة وابداعية نشيطة في الميدان، تساهم في ملء الفراغ النقابي الهائل الذي سببه غياب الهستدروت من جهة واعتماد الدولة للخصخصة العنيفة من جهة اخرى. وكانت دعوة معًا للمشاركة في الندوة مثابة الاعتراف بعمل معًا النقابي والنسائي. وقد عبّرت المشاركات في الندوة عن تقديرهن العالي لنشاط معًا النسائي، والذي كشف لهم جانبا غير معروف في سياسة اسرائيل ووضع العرب داخلها.



العاملات في ظل العولمة

في نظام العولمة لم يعد العمل ضمانا للخروج من الفقر. استغلال الايدي العاملة يتعمق، وتتسع معه الفجوات بين اغنياء وفقراء. وقد اصبح من اهم مميزات العولمة ان الدول الفقيرة نفسها، تعمل على كسر النقابات والعمل المنظم لاجتذاب المستثمرين الباحثين عن الايدي العاملة الرخيصة لحصد ارباح. النتيجة هي وجود 550 مليون عامل فقير، وتشكل النساء 60% منهم. هذا رغم ان العاملات يشكلن فقط 40% من الطبقة العاملة العالمية، او ما يقدر بمليون ومئة الف امرأة.

معاشات منخفضة: يكون عمل المرأة عادة مؤقتا وقصير المدة وغير متواصل. وتعمل النساء في مجالات تعتبر "نسائية" ذات اجور متدنية، مثل النسيج، الزراعة، العناية بالمسنين، والخدمات البيتية. يعمل 15.4% من النساء العاملات في العالم في مجال الخدمات. ويفضل بعض المشغلين تشغيل عاملات في سن صغيرة كونهن اكثر طاعةً! شبكات التجارة الكبيرة تشغل في الدول الفقيرة نساء في بيوتهن، دون أية حقوق اجتماعية. لذلك فان اجر المرأة العاملة بالمعدل العالمي يتراوح بين 12-60% فقط من اجر العامل.

العمل غير الرسمي: العمل غير الرسمي، دون قسائم اجور ودون حماية وحقوق، هو ظاهرة واسعة الانتشار. وفي حين تصل نسبة معدل العمل غير الرسمي (عدا الزراعة) في العالم الى 5%، تصل النسبة في بعض الدول الفقيرة الى ما بين 50-70%، وفي أفريقيا الى 78%، وتصل نسبة النساء الافريقيات اللواتي يعملن بشكل غير رسمي الى 84%!

مناطق صناعية حرة: اسست الدول الغنية مناطق صناعية حرة في الدول الفقيرة. ويمنع في هذه المناطق التنظيم النقابي من ناحية، كما تُعفى الشركات الكبيرة من الضرائب والجمارك. من ذلك مثلا المنطقة الصناعية في جرش بالاردن. وتنتج الشركات بالاساس النسيج والالبسة، وتعتبر اكبر مشغل صناعي في الدول الفقيرة، اذ تشغل 23.6 مليون عامل، 75% منهم نساء.

عاملات مهاجرات: يدفع الفقر النساء للعمل في الخدمات المنزلية خارج اوطانهن، يعملن كخادمات في تربية ابناء الاغنياء في حين تعجزن عن تربية ابنائهن. وقد اصبحت الهجرة لاجل العمل ظاهرة نسائية في السنوات الاخيرة، اذ تصل نسبة النساء الى 50% من بين العمال المهاجرين الافارقة، واكثر من 50% من الآسيويين، أي خمسة ملايين مهاجرة!

زراعة: يستوعب مجال الزراعة اكثر من نصف عمال العالم، 1.3 مليار عامل وعاملة، نصفهم يعمل دون اجر. وتشكل النساء اكثر من نصف عمال الزراعة في العالم. شبكات التجارة العالمية الكبيرة سيطرت على 80% من سوق المنتجات الزراعية، وتقوم شركتان بتسويق 80% من الحبوب في العالم.

الخصخصة: او بيع ممتلكات ومنشآت الدولة لشركات خاصة، من ذلك المستشفيات، شركات الكهرباء، المياه، البريد والتعليم. وقد اثرت هذه الظاهرة ايضا على النساء العاملات بشكل سلبي جدا، لانها تأتي دائما مرافقة بفصل آلاف الموظفين، يكون اغلبهم نساء. بالاضافة الى ذلك، فان تقليص الخدمات العامة يلقي بحمل اضافي على المرأة وهو العناية بالمسنين، الاطفال والمرضى، مما يزيد في ابعاد المرأة عن المساواة.

كل هذه الاسباب جعلت قضية تنظيم العاملات وإشراكهن بشكل فعال في النقابات، ضرورة اكثر الحاحا من اي وقت مضى.

من نشرة "نساء في اقتصاد العولمة" للاتحاد الدولي للنقابات الحرة (2005)

ميخال شفارتس