جوليا روبرتس وشهرذاد



حسان الجودي
2021 / 5 / 28

قامت جوليا روبرتس بدور الساحرة الشريرة في فيلم سنو وايت ، تظهر في الفيلم أيضاً أميرةٌ طيبة. هي فتاة يافعة ، تريد الساحرة التخلص منها. يصطحبها رئيس الحاشية إلى الغابة المظلمة، ويطلق سراحها رأفة بها. تعثر الفتاة الجميلة على كوخ الأقزام السبعة. لا يرحب بها الأقزام كثيراً، ويرغبون بطردها، غير أنها تتوسل إليهم لإبقائها ليلة واحدة.
تبدأ هنا أيضاً حكاية شهرذاد في الليالي، فالملك الظالم يريد قتلها كما قتل الكثيرات قبلها، لكنها تتوسل بالحكاية الشيقة المتسلسلة كي تثير فضول الملك، فينسى أمر القتل. لقد انتصرت شهرذاد بالسرد على الموت، وهي بذلك قدمت نموذجاً مخالفاً لنموذج المرأة الضعيفة المضطهدة رهينة الذكورة . فهل فعلتْ ذلك؟
أما سنو وايت، فتتوسل بنموذج المرأة الخدومة المطيعة. فقد رغبت البقاء في الكوخ لتنظفيه، وإعداد وجبة عشاء شهية لأقزام ، كي تحثهم على استبقائها.
الغريب في هذه المقارنة ، أن سنو وايت تتكشف عن امرأة شجاعة قوية تقود الأقزام وتحارب الساحرة وتنتصر عليها وتفوز بقلب الأمير الوسيم. وهي بذلك تعود إلى دورها الأمومي في الحضارة الإنسانية ، أي حين كانت إلهة تعبد.
أما شهرذاد ، فعلى العكس من ذلك، رغم مبادرتها الاستثنائية الخارجة عن النموذج المتداول للمرأة، فهي تقدم حكايات داعمة لمبدأ الذكورية العنيفة التي تلغي المرأة.. وقد توجت شهرذاد انتصار الذكورية المقيت حين قبلت بالزواج من الملك، وأنجبت له الصبيان الذكور.
إذاً هل نستطيع تجريد شهرذاد الراوية من كل صفة أنثوية، فنقول أن الحكاية هي حكاية الإنسان الذي ينتصر على الموت بالفن والجمال؟
هل تبدو مغامرة شهرذاد المرأة مجرد اختراع ثانوي كان لازماً لبناء الليالي بتلك الصورة السردية المدهشة !
وهل حكاية سنو وايت هي الأقرب إلى المجاز الجميل الذي ينتصر لمشروع المرأة في إثبات الكينونة عبر دورها التاريخي العظيم في ترويض الرجال وتأسيس الحضارة؟