البغاء الرقمي



ربيع نعيم مهدي
2021 / 6 / 7

قبل فترة قصيرة نشرت مقالاً بسيط عن التسول في العالم الافتراضي، والذي شكل دافعاً للنظر في مهنة أخرى وجدت لها مكاناً أكثر رحابة لممارسة انشطتها، وهذه المهنة هي البغاء أو تجارة الجنس التي لها تاريخ ضارب في القدم، وأساليب تنوعت بين السر والعلن، فقد تكفي نظرة سريعة لمعرفة الأماكن والأشخاص الذين تناثرت أخبارهم على صفحات كتب التاريخ والتراث.
وبعيداً عن التاريخ، تشهد تجارة الجنس في هذا العصر تطوراً يثير العجب، فالتجارة تحولت الى صناعةٍ ضخمة (بعض الدول تعتمد على وارداتها باعتبارها مصدر من مصادر الدخل القومي)، كما انها تجاوزت حدود الواقع الجغرافي، فالأزقة والطرقات لم تعد تكفي، وتحولت بعض مساحات الواقع الرقمي الى دروب ذات رايات حمراء تستطيع ان تصل في نهاياتها الى كل منزل – بحسب الطلب –، إذ وفرت (مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات الاتصال والمواعدة والتعارف وغيرها) نوعاً من الحرية لطالبي المتعة والمتاجرين أو المتاجرات بها، خصوصاً في المجتمعات العربية.
وليس هذا فقط، فهذه الصناعة أو التجارة وجدت لها نوعاً من التنظيم في مؤسسات وشركات "ذات مسؤولية محدودة" عملت على استغلال التطور التقني وأنشأت مواقع للرايات الحمر، لها قواعد خاصة للتعامل وعملات رقمية خاصة بها، حيث تجاوزت هذه المؤسسات في طبيعة خدماتها حدود الهوية الجنسية "الجندر" والكل مرحب به لعرض بضاعته سواء أكان ذكراً أو أنثى أو مثلياً أو .... فالمهم ان تجد البضاعة من يشتري، في تجارة لا تعرف الخسارة.
وفي الختام لا أدري ان كان المستقبل لهذه المهنة سيشهد تطوراً يتجاوز حدود العالم الرقمي ويجعل من حال اليوم مجرد شيء من الماضي