مامعنى (ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم)



حسن نبو
2021 / 6 / 13

كانت القبائل العربية البدوية قبل الاسلام تجيز تعدد الزوجات ، تقول كتب التراث الاسلامي بعض الرجال اسلموا ولهم عدد كبير من النساء، كغيلان بن مسلم الذي كان له عشر نسوة ، وقيس بن الحارث الذي كان له ثمان نسوة ، وقد امر الرسول هؤلاء باختيار اربع زوجات وترك الاخريات. وكانت بعض القبائل تجيز الزواج من اختين في نفس الوقت .

وعندما جاء الاسلام حرم الرجل من الزواج من اخت الزوجة الا بعد وفاة الاخيرة ، لكنه لم يلغ عادة تعدد الزوجات ، بل قلص عدد عدد الزوجات الى اربع زوجات كحد اقصى، اي ان لاتكون للرجل اكثر من اربع زوجات مجتمعات ، وبالمقابل اباح له ملكات اليمين دون التقيد بعدد معين.

استند المسلمون في جواز تعدد الزوجات وهو الاصل في الشريعة الاسلامية على الاية الثالثة من سورة النساء :( وان خفتم الا تعدلوا في اليتامى فانكحوا ماطاب لكم من النساء فان خفتم الا تعدلوا فواحدة او ماملكت ايمانكم ) . والمقصود بمَلكات اليمين هو:  النساء مِن الرقيق، او الإماء،  الذين يحقّ لمالكهنّ أن يطأهنّ مِن غير عقد زواج، ولا شهود، ولا مهر، لأنهن لسن بحكم الزوجات الشرعيات .

هناك من فسر الاية المذكورة  من رجال الدين المعاصرين على انها تعنى: وان خفتم الا تعدلوا في الاولاد اليتامي الذين تتزوجون امهاتم الارامل ، اي ان خفتم ان لاتعدلوا بينهم وبين اولادكم فواحدة اوماملكت ايمانكم ، اي زوجة واحدة او ماملكت ايمانكم . وحسب هذا التفسير للأية المذكورة فان التعدد شرع فقط للتزوج من امهات اليتامى . اما المفسرون الآخرون وهم الاغلبية فقد رأوا ان تعدد الزوجات لايشترط فيه ان تكون الزوجة الثانية والثالثة والرابعة ارامل وامهات لليتامى .

من المهم هنا ان ندرك ان العدل المقصود في الاية هو العدل في الانفاق على جميع الزوجات بالتساوي وكذلك العدل في المعاشرة الجنسية معهن دون تفضيل واحدة على الاخرى . وليس العدل في المحبة بين الزوجات، فالزوح غير مكلف بهذا العدل اصلا لعدم قدرته على تحقيقه مهما اوتي من حرص ، بسبب استحالة تحقيقه  كما تقول الاية 129 من سورة النساء : ( ولن تستطيعوا ان تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ). فالاية 129 من سورة النساء في اعتقادي هو مجرد توضيح الهي يفيد ان الرجل لايستطيع تحقيق العدل في المحبة مهما كان حريصا ، وبالتالي فإن انعدام هذا العدل لايعد سببا لعدم تعدد الزوجات . بدليل  ان رسول المسلمين كان له اكثر من عشر زوجات في وقت واحد  وكان يحب عائشه اكثر من كل زوجاته وكان يقول : اللهم لاتحاسبني فيما لااملك ، اي لاتحاسبني على حبي لعائشة اكثر من زوجاتي الاخريات . فلو كان انتفاء هذا العدل بين الزوجات سببا لعدم التعدد لكان الرسول اختار عائشة وفارق سائر زوجاته الاخريات .

فالايات المذكورات حسب فهمي تقول : يامعشر الرجال من المسلمين تزوجوا اثنتين وثلاث واربع اذا كنتم قادرين على تحقيق العدل بين الزوجات ، اي اذا كنتم قادرين على تأمين الطعام واللباس والمسكن لهن دون تفضيل احداهن على الاخريات ، وقادرين على ممارسة الجنس مع جميعهن دون هضم حق احداهن في هذا المجال ، اما حبكم لاحدى زوجاتكم اكثر من الاخريات فهذا غير مطلوب منكم لانكم غير قادرين على تحقيقه لاستحالة تحقيقه .

اعتقد ان المطالبة بوضع حد لتعدد الزوجات الذي نادى به بعض رجال الدين في عصرنا هذا كان بسبب تحقيق المرأة اشواطا كبيرة في التحرر واثبات وجودها كإنسانه مساوية للرجل في كل مجالات الحياة ، فالمرأة اصبحت كالرجل طبيبة ومحامية ومعلمة ومهندسة لعالمة وفيلسوفة، واصبحت حتى تقود الدول ، فمارغريت تاتشر مثلا غيرت تاريخ بريطانيا ، وهناك انديرا غاندي وبنازير بوتو وغيرهن ، ولهذا فقد اعتبروا ان تغير وضع النساء يجب ان يؤدي الى وضع حد لثقافة لتعدد الزوجات التي تهين المرأة وتقلل من كرامتها وتعتبرها مجرد سلعة.