ما الذي تعرفهُ المرأةُ العربية عن الأورجازم؟



شذى كامل خليل
2021 / 6 / 14

تمتلكُ النساءُ حولَ العالمِ سحراُ داخلياً لا يمكنُ إنكارهُ، هي لا تمارسهُ كإغواء ولا تعرضهُ عبرَ جسدها وإنما تشعرُ فيهِ بطرقٍ طبيعيةٍ أو غريبةٍ ثم تحدثُ زوبعةٌ من الأحاسيسِ المختلفة المخففة للآلام والتي تُلقي بشيخوختها للخلفِ فتحافظُ من خلالِ هذا السحرِ على وجهِ الشابات النضر وعلى جسدٍ يقاومُ تجاعيد الحياة، ويرمي ثقلَ الضغوطات النفسية خارج الأمكنةِ الداخلية.
هل أخبركِ المجتمعُ بذلكَ؟ هل أعطتكِ التربية الثقافيةُ مفهوماً عن جسدكِ وخباياه؟ هل فهمتِ الزوايا الحقيقية في جسدكِ وصرتِ على علاقة رضا بينكِ وبينهُ؟ إذ غالباً ما تتحاشى النساءُ النظر لأجسادهن عاريةً عبر المرآة، هناك نوعٌ من التعييب يمارسهُ التقليد الشائع أن جسد المرأةِ كالكحول منكرٌ وترفضهُ الآلهة.
فلنتحدث عن السحر الذي وهبتك إياه الآلهة نفسها ولكنكِ ولدتِ في أكثرِ المجتمعاتِ المتخلفةِ التي تنظرُ إلى رغبتكِ الجنسية كأنها عملية قتلٍ من الدّرجة الأولى أو هي محاولةُ اغتصاب لشرعية الرّجال في بقاءهم أعلى منكِ وأكثر قدسية من مفهومكِ لذاتك.
يحتوي بظرُ المرأة الذي يقعُ في المهبل على نهاياتٍ عصبيةٍ تفوق تلكَ النهايات العصبية في عضو الرجل بمرتين، وبذلكَ فإنه أكثر حساسية من بقية أعضاءِ جسد الأنثى، يكمن السّحرُ في الطريقة التي يتحسسُ فيه هذا الجزء لأي مثيرٍ خارجي مولداً أعظم نشوة جنسية على الإطلاق، نشوةٌ تخففُ في اللحظة نفسها جميع آلام المرأة وتبقيها حيّة، أعني أنها تواظب من خلال الأورجازم ( النشوة الجنسية) على الإبقاء على جسدها وروحها في حالة تعطشٍ للحياة.
عندما نتحدثُ عن حقِ المرأةِ العربيةِ في الوصول إلى لذتها الجنسية يبدأ المجتمعُ الذكوريّ بتعييبِ الأمر بل يتجاوزهُ إلى اتهام النساءِ الراغبات بفهم أجسادهن إلى أنهن نساءٌ من ذوي السمعةِ السيئة في حين يعتبرهُ حقاً شرعياً وواجباً أخلاقياً تقدمه المرأةُ للرجل ولا يُطلب إليه مبادلتها الواجب.
تقولُ خبيرةُ العلاقاتِ الجنسية تريسي كوكس : فكرةُ النشوة الجنسية أثناءَ الجماعِ هي مجرد أسطورة و 70% من النساء لا يحصلن عليها في حين أن معظم الرجال يحصلون عليها بشكلٍ دوريّ ( نقلاً عن مقال العلاقة الحميمية / كاتيا حداد / لندن ).
عندما تصلُ الفتاةُ العربية إلى سن الزواج، لا ينهضُ الوالدانُ بمهامهما في عملية تثقيف تلك الفتاة حول جسدها أولاً وحول احتياجاته ثانياً، وإنما يركزان على توجيهها نحو إرضاءِ زوجها ما أمكن وأن تتوفرُ لممارسة الجنسِ كلما طلبها إليه، مقدمين الحجةَ الظالمةَ بحقها والتي تنطوي على ( حتى ما تتطلع عيونو لبرا ) مستحكمينَ للقانون الديني الذي يجيزُ للرجل الزواج بأكثرِ من امرأة، ومن هنا تتركُ المرأة جميعَ رغباتها جانباً وتلتفتُ لرغبات الزوج فحسب.
تفشلُ الكثير من الأسر باطنياً وأعني باطنياً أي أن علاقاتَ المنزلِ الداخلية تتوتر وتتلاشى مع الزمن وقد يبقى الظاهرُ جميلاً أمام الآخرين، هناكَ عائلاتٌ لا تعترفُ بفشلها الجنسي وأن قدرة الرجلِ فيها على مساعدةِ زوجته في الوصولِ إلى لذتها الجنسية هي قدرةٌ ضعيفة أو لا يعول عليها، إذ سرعانَ ما يلعبُ الرجلُ لعبة الذكورةِ المتمثلة بحصوله على ما يرغب متناسياً شريكتهُ، ثمة نساءٌ يساعدن الرجلَ على اكتسابِ صفات نرجسية ومثيرةٍ للقلقِ على المدى البعيد في ادعائهن أنهن بلغن النّشوةَ الجنسية؛ لا بل.. لا يوفرن أمرَ إشاعةِ الأمر للأخريات باعتبار أن أزواجهنَ خارقينَ للطبيعة ولا يوجدُ ما يفوقهم فحولة .
في أثناءِ تعليمي للأطفال بين سن 11 و 12 سنة، اكتشفتُ أنه لا توجدُ علاقاتُ صداقةٍ حقيقية بين الطالبةِ المراهقة ووالدتها، في كثيرٍ من الأحيان كانت التلميذة تخبرني بما يحدثُ في جسدها من تغييراتٍ وبنظراتِ والديها المقلقة نحوهُ. إذا كانت الأم لا تستطيعُ تقبل جسدها وفكرة أنها أنثى فكيفَ ستتقبلُ جسدَ ابنتها أو أنوثتها التي تتعاظم يوماً تلو آخر؟
ولنترك التربية العادية جانباً، فما أقصده بالصداقة بين البنت وأمها يتعدى إخبار البنت بالدورة الشهرية وما يترتبُ عليها من أمورٍ وانتباه ويتعدى إخبارها أنها ستتزوجُ في اللحظة المناسبة وستنجب ولدين أو ثلاثة، أيةُ عملية تربية صحيحةٍ للبنت تقتضي تربيةً مختلفةً وأكثر حداثة، فلا تنتظرينَ أن تصبح ابنتك في سن المراهقة كي تخبريها عن الدّورة الشهرية فهذا يشبه الصَاعقة بالنسبة إليها، يجب توفيرُ مثل هذه المعلومات في سن الطفولة حصراً، فعقل الطفل يتقبّل هذه الأمور ويعالجها فيما بعد، أي حين تحين الفرصة.
لا يمكنكِ كوالدة أن تجلسي مع ابنتكِ بجدية، أو تتحدثي بجدية حول أمور اعتدتها أنتِ، اعتياد ابنتكِ عليها ليس سهلاً، من الضروري أن تفتحي باباً للمزاح أثناء تحدثكِ عن أشياءَ حميمية مع فتاةٍ تجد كل ذلك غريباً عنها.
في طبيعةِ الحال فإن الفتياتَ في عصرِ وسائل التواصلِ الاجتماعيّ لسن غبيات ويفهمن كلّ شيء، لكن فهمهن لكلّ شيءٍ عبر الوالدين يحقق لهن حياةً اجتماعيةً حقيقية وصحية أكثر مما لو حصلن على فهمهن بوسائل أخرى.
لكن أعودُ وأركز على أن لابنتك الحق في فهم اللذةِ الجنسية واعتبارها حقاً من حقوقها الطبيعية فهي ولدت معها ولم تسرقها من أحد، وهي تعدّ حاجة مثل أية حاجةٍ أخرى كالأكل والشرب، وكي تفهم حقها في الحصولِ عليها ينبغي أن تتفهمَ جسدها بالكامل وأن تقيم علاقة جدّية معه وأن تحبه إن صحَ التعبير باعتبار أن 46% من النساءِ لا يحصلن على الأورجازم بسبب صورتهن المشوهة عن أجسادهن ( وفق موقع إيلاف )
إن النشوة الجنسية لدى المرأة لا تقتصرُ على عمليةِ جنسٍ متبادل بينها وبين زوجها، فوفقَ المراجعِ التي تتبعتها منذُ مدة وجدتُ أن كثيراً من النساء يحصلن على تلك النشوة خلال ممارسةِ التمارين الرياضية، أو عند الولادةِ، وأحياناً أخرى خلال النوم إذ يُعتقد أن الأمر بمثابة هديةٍ من العقلِ الباطني يقدمها لجسدِ المرأة مخففاً آلامها، وأشيرُ هنا إلى أن بعض الديانات تقولُ أن احتلام المرأة ليلاً معناه أن الشيطان يمارسُ معها الجنس وهذه محض افتراءات يرادُ منها تخويفَ المرأة وانصياعها للأمر الذي يلزمها برفضِ مثل تلك المتعة. وما يترتب على شعورها بالمهانةِ جراء حدوثِ أمرٍ خارجٍ عن سيطرتها أثناءَ نومها.
في نهاية الأمرِ لا بدَ أن أذكرَ أن الحياةَ لا تنطوي على فهم ممارساتٍ جديدة من شأنها مساعدتنا على التأقلمِ مع المحيطِ المتغيرِ وإنما تنطوي على فهم المتغيرات التي تحدث لنا عبرَ أرواحنا أولاً ومن ثم أجسادنا، وإن كنا لا نستطيعُ أن نفهمَ جسداً نمتلكهُ فكيفَ يمكنُ فهم ما يحيطُ بنا