أهلية المرأة حسب النص الديني اليهودي



رائد الدنيناوي
2021 / 6 / 14

لم يكن أي حضور يذكر للمرأة اليهودية عند المشرع اليهودي، سوى أنها وعاء لحمل ما يزرعه الرجل. فالمرأة شيطان، وإن لم تكن كذلك، فهي قرينته في حلها وترحالها، وإن لم تكن شيطاناً فهي متاع أو شيء من أشياء الرجل، ولكنها شيء قبيح تشمئز منه النفوس (مبارك أنت يا رب لأنك لم تجعلني لا وثنيا، ولا امرأة، ولا جاهلا. بينما تقول المرأة في هذه الصلاة: (مبارك أنت يا رب الذي خلقتني بحسب مشيئتك). لا يحق لها تولي المناصب الرفيعة في المجتمع، فلا يحق لها تولي منصب القضاء، (لا قضاء شرعاً للمرأة ولا لكفيف ولا لدخيل في اليهودية من أبوين اجنبيين)، لأن الرجل أليق بهذا المنصب، وهو صاحب العلم، وهي لا تمتلك هذه المؤهلات، (يشترط فيمن يتولى القضاء العلم واللياقة واذا كان زملاؤه غير متوفر فيهم ذلك وجب عليه الامتناع عن مجالستهم). فقد ورد في التوراة (وقف الرجلان)، والتوراة هنا تتحدث هنا عن شهود رجال، وهو ما يدل على أنه لا شهادة للنساء. أن سارة زوجة إبراهيم كذبت على الرب ووحيه. ولكن الكهنة والاحبار يرون سببا آخر كما يقول وول ديورانت : (اعتبروا شهادة المرأة غير مقبولة لانها سفيهة العقل).
كما ورد في كتاب شولحان عاروخ، في باب (حوشين مشباط) بشأن تشريع الشهادة، ترفض شهادة المرأة. وقد ورد تحريم القضاء: في باب الحيض: كل من يحق له القضاء- يحق له الشهادة، وهناك من لا يحق له القضاء ويحقق له الشهادة، ونظراً لأن المرأة لا يحق لها الشهادة، فبالتالي لا يحق لها أيضاً الجلوس على كرسي القضاء كقاضية. ومع ما ورد في التوراة من أن دبورة كانت قاضية، إذ ورد في سفر القضاة، (وكانت دبورة النبية، زوجة لفيدوت قاضية على ببني إسرائيل في ذلك الزمان). فقد جاء في تفسير ذلك، بالنسبة لما ورد في (سفر القضاة 4) من أن دبورة كانت قاضية إسرائيل فليس فيه دليل على أنه يحق للمرأة تولي القضاء إذ إنهم وافقوا على توليها القضاء لأن ذلك كان بأمر من الرب. والمرأة اليهودية ليس لها خيار في جميع شؤون حياتها الخاصة، ليس لها رأي في اختيار زوجها وشريك حياتها، وكان الاخوة في بعض الأحيان حق الموافقة على زواج أختهم فقد وافق (لابان) على زواج أخته (رفقة) من (إسحاق)، (هذه رفقة أمامك، خذها واذهب فتكون زوجة لابن سيدك كما قال الرب). أو رفض الزوج كما فعل ابناء يعقوب عندما خطب أختهم (شكيم) مع عدم معارضة يعقوب، (فأجاب بنو يعقوب شكيم وحمور أباه بمكر وكيد لأن شكيم دنس دينة أختهم، فقالوا لهما: لا نقدر أن نفعل هذا فنعطي أختنا لرجل غير مختون، لأنه عار عندنا). وليس لها كذلك الخيار في أمر الزواج من أخيه بعد وفاة زوجها الاول، بل يجب عليها القبول والخضوع. فهي ليست اهلا لاختيار مسيرة حياتها، وبما أنه لا حق لها في الحياة؛ فإنها إن أخطأت بزنا فكفارتها حرقها بالنار حتى الموت، (إذا تدنست ابنة كاهن بالزنا فقد دنست أباها بالنار تحرق)، وبالطبع فهذا الحكم الناري لا يطبق على الكاهن الذكر إن زنا!. المتتبع للتشريعات اليهودية يجد أن الادوار الاجتماعية تختلف بالنسبة للمرأة، إذ تنص بعض الاحكام على أن تعفى النساء من أداء العبادات التي تؤدى في أوقات بعينها؛ مثل: ارتداء الصيصيت والتفلين، (يعفي لنساء والعبيد والصغار من قراءة الشمع ومن ارتداء التفلين ويلزمون بالصلاة، وبالمزوزة وبتلاوة بركة الطعام). يظهر من هذه الفقرة وجوب التزام المرأة بالصلاة الدائمة وهي الثمان عشر بركة مع إعفائها من قراءة شمع، وهي الاقرار بالتوحيد عند اليهود. ويتضح من الفقرة المتقدمة مساواة المرأة والعبيد والصغار، أي أنها تساوت بمن ليست لهم أهلية كاملة. لقد ورد ما يؤكد إعفاء المرأة من مسئولية الأضرار التي تتسبب فيها من جراء ولاية زوجها عليها، ولكن في الوقت ذاته ساوى الحاخامات بينها وبين عديمي الأهلية (إن أذى الأصم، أو المعتوه، أو القاصر، يُعد مجلبة للخسارة، فمن يصيبهم يُلزم بتعويضهم، وهم إذا أصابوا الآخرين يُعفون من التعويض، ويعد اذى المرأة والعبد مجلبة للخسارة، فمن يصيبهما، وهما إذا أصابا الآخرين يعفيان من التعويض، ولكن يعوضان بعد حين). ويتضح من هذه الفقرة اشتراك المرة مع كل من عديمي الأهلية كالأصم والمعتوه والقاصر، إذ لا يعاقبون ولا تطبق عليهم أحكام التعويضات الخاصة بكامل الأهلية، ومع ناقصي الأهلية كالعبيد. ولقد وردت الكثير من التفاسير والشروح اليهودية التي تشير إلى المرتبة المتدنية للمرأة وتتعامل معها على أنها تابع للرجل أو أقل شأناً منه. ولم يكن تعليم الفتاة متاحا إلا في حدود ضيقة جدا، يستدل على ذلك من الوثائق التي كتبت عن حالة التعليم في عصر التلمود وهو العصر الذى يمكن اْن نقول ان التعليم فيه قد بدأ يأخذ شكله المنظم في مدارس الفكر الديني عن أحبار المشناة الذين كان يطلق عليهم التنائيم، أو في مدارس أحبار التلمود الذين كان يطلق عليهم مدارس الجاؤنيم، فقد أشارت معظم النصوص الخاصة بهذه الفترة أن تعليم النساء كان محدوداً وكان يأخذ شكل الاستماع إلى دروس في الفكر الديني من أخوات لهن يتميزن بمقدرة على الشرح والتفسير هذا من ناحية، ومن ناحية اًخرى كانت نساء الطبقة المثقفة والمتعلمة هن اللاتي يتمتعن بهذا الحق في التعليم، وكانت بنات الحاخامات دائما يتلقين قسطا وافراً من التعليم، ولذلك كانت الرغبة في الزواج بهن تفوق الرغبة في الزواجِ من بقية الفتيات اللاتي لم يتلقين قسطا وافراً من التعليم.