النّسويّة كحبل غسيل



نادية خلوف
2021 / 6 / 21

خلال مسيرة حياتي العشوائية التي منحتني الكثير ، و أخذت مني الكثير عرفت أنّه لا قيمة للإنسان في المجتمع العربي بشكل عام و السّوري بشكل خاص، وهذا لا ينطبق على المرأة فهي لم تصنّف في بلادنا كإنسان بعد ! أحبّ التّعميم ، فنسبة عشرة بالمئة من المجتمع لا تمنحنا إمكانية عدم التعميم – هذا إن وجدت-!
منذ أن شكلت الأحزاب السياسية تنظيمات نسوية وشبابية نتصارع على الفوز بقيادتها، و الأحزاب تشبه إلى حدّ كبير النّظام المستبدّ، وهنا عليّ أن أؤكد أنه لا يعنيني ما يجري في أمريكا ، بل مايجري في سورية ، ففي أمريكا يتمّ معالجة الأمور علناً ، هناك سباق على كافة الأصعدة، ومنها الأصعدة النسوية التي كان آخرها مي تو التي أوقعت برؤوس كبيرة، وهذا الكلام يحتاج لتفسير .
النسوية السّورية هي حبل غسيل يستطيع أي شخص أن ينشر غسيله عليه ، هو مباح ، وحالياً استولى عليه الرجال ينشرون عليه ما تبقى من ثياب النساء البالية عليه . إذا كنت امرأة ، و أردت أن تكوني نسوية ، فبإمكانك أن ترفعي علم الثورة السورية، وتلبسي الحجاب ، أو تتبني الفكر الشيوعي ، وتكوني سافرة ، وهنا أعني بالحزب الشيوعي جميع الأحزاب المسجلة في الوعي المجتمعي كإشتراكية حتى الأحزاب القومية، فالشيوعية تعني اليسار العربي بدءاً من بشار الأسد ، أو محمود عباس ، أو خالد بكداش ، عبد الناصر . . إلخ. كلّ هؤلاء كانوا مرتبطين بالشيوعية السوفياتية .
نتحدّث عن النّسوية العربية، وموقف المرأة منها .
قادة النسوية العربية المفوضين من الرجال هنّ من النساء التي تبدو على وجوههن النّعمة ، وهنّ مستفيدات من موضوع النسوية الغير فاعلة ، فالنّسويات السّوريات على سبيل المثال تمّ إحضرهن إلى أغلب دول العالم ليعبرن عن رأيهن السياسي في القضية السورية، وقد حضرت صديقتي إلى السويد، وهي من فرع النسويات الشيوعيات لللالتقاء بمندوب الأمم المتحدة من أجل سورية .
صديقة سورية أخرى ، وهي تحمل ذات الانتماء ، ولها مؤسسة نسوية ذات صيت ذائع. التقيت معها مرة في سورية، وعرفت أنه مرضي عنها لدرجة أنها تسوّق عملها الأدبي ،بمقابل ضخم في ذلك الوقت داخل سورية، اليوم هي معارضة ، حملت اسم منظمتها معها إلى الغرب، وقد سوقت المنظمة بأكملها على حساب الاتحاد الأوروبي ، وهي لعبة يلعبها المهاجرون .
لو أردنا أن نسأل عن النسوية السورية علينا أن نطرح سؤالاً :ماذا تريد أغلب النساء السّوريات اليوم؟
لا شكّ أن المرأة تتعرض لمعاملة قاسية ، وقد كشف اللجوء إلى الغرب عمق معاناتها، فحتى هذه اللحظة تم قتل أكثر من عشر نساء سوريات على يد أرواجهن في الغرب، وتم تجريم مئات الشباب بالاغتصاب .
مطالب المرأة السورية اليوم بسيطة جداً ، ورغم أن المطالب تكون بالمساواة القانونية ، لكن في دولة لا يحكمها القانون تتقلّص المطالب ، المرأة اليوم تطالب برغيف الخبز ، و الدواء ، و التعليم لأبنائها ، وكل هذا غير متوفر ، وهي معنّفة من قبل الرجل سواء كان زوجاً أو ابناً أو أخاً ، الزوج و الابن و الأخ نسويون ، لكنهم يرمون بنسائهم في سلة القمامة ويشردون أبنائهم ، وهنا سوف أورد مثلاً :
في دبي كان الطلاق عند السوريين أكثر منه عندهم في الغرب ، وفي مرة تواصلت مع صاحب شركة سوري طلّق زوجته لأنّه أفلس مادياً ، فوجدت المرأة وظيفة تربي أولادها من خلالها. عرضت عليه أن أقوم بالصلح بينهما ، لكنه قال لي : طلبت لجوءاً للغرب، وسوف أبدأ حياتي من جديد، هو الآن مناصر للنسوية، وطرائفه على الفيس جميعها حول النساء المطلقات و المسنات، وكونه غير متزوج بأخرى حتى الآن تتابعه النساء ، ويضحكن على شتائمه للمرأة طمعاً في الزواج منه حتى لو كان ستينيّ .
في دبي قالت لي مرّة صاحبة العمل الإماراتية : " شبابنا ضائع لأنه يعرض عليه نساء من كل لون ، فهناك المغربية، الروسية، اللبنانية، السورية. . . إلخ". إذا كان هذا هو الوضع في الإمارات فما هو الوضع في سورية . أعتقد أنّ الشاب في سورية معروض عليه مئة صنف من النساء ، فالمرأة تتعلق بحبال الوهم ، وعدد الرجال في تقلص ، وهنا أود أن أتحدّث عن رجل مسن لكنه يعتقد أنه وسيم وشاب، ومشهور . ترك زوجته و أطفاله ، وكان يخطط لذلك فتزوج قبل أن يعلن الطلاق من الأخرى ، وقال أنه انتصر ، فكتب على الفيس: زعم الفرزدق أن سيقتل مربعاً. . أبشر بطول العمر يامربع .
علّقت عليه الزوجة الجديدة: الفرزدق من الماضي يا حبيبي!
سألني أحدهم مرّة : هل مربع نادم لأنه لم ير أولاده منذ سنوات . لم أجبه، لكنه بالطبع ليس نادماً لأنه يعتبرنفسه انتصر، وبنفس الوقت تخلّص من أعباء الأبوة . نحن في عصر النسوية في أسوأ حالاتها السّورية ، فقد كان الرجل في الماضي أفضل منه اليوم حيث يكافح إعالة أسرته رغم وجود المنغصات. نحن اليوم ، ورغم قلة الذكورفي سورية نعيش في عهد الذكورة المزدهر ، حيث النساء هن المدافعات عن حق الذكر إلا ما ندر ، و المعركة موجهة ضد النساء ، وجميع الذكور المعتدين على عائلاتهم هم مربع ، وجميهن هن الفرزدق. .
المنظمات النسوية السّورية هدفها الربح المادي رغم الشعارات الرّنانة، ولن تسمح تلك المنظمات للنساء الفاعلات بمشاركتها . هنّ كالسلطة تماماً يخفن من التحديث.