اهلية المرأة المسيحية



رائد الدنيناوي
2021 / 6 / 28

ربما كانت المشكلة الأولى التي واجهت المرأة هي ما يثار حول الضعف الظاهر وهل هو جزء من طبيعتها، بمعنى أنها خلقت على هذا النحو من الضعف، أم أنه شيء فرضه عليها المجتمع؟ لكن السؤال لم يكن يتعلق بضعف البنية فحسب، وإنما امتد ليشمل القوى العقلية، والإمكانات الذهنية، وما يتعلق بالمهارات، إذا ما قارنها بقدرات الرجل وملكاته، فهل للعادات والتقاليد على المرأة من قيود وأعباء ومسؤوليات، إلى جانب الحمل والولادة، وتربية الأطفال والعناية بالمنزل الى اخره، فهل هذه الاعباء الأسرية والمسؤوليات الاجتماعية هي السبب في ضعف المرأة؟ حتى يجوز لنا أن نقول أنه ضعف اجتماعي، وليس ضعف طبيعي، أم أنه ضعف طبيعي خلقي، بمعنى أنه كتب عليها أن تكون على هذا النحو من الضعف البدني والعقلي، الذي تولد عنه النقص في الإمكانيات والقدرات؟. قد ظهرت هذه الأسئلة في بداية ظهور الفلسفة حسب التتبع، وقد أنقسم الفلاسفة إلى مجموعتين: المجموعة الأولى انحازت إلى أن الطبيعة هي التي جعلت المرأة على هذا النحو من الضعف والنقص، أما المجموعة الثانية فقد ذهبت إلى أن العرف، والتقاليد والعادات الاجتماعية، والمؤسسات هي التي شكلت المرأة على هذه الصورة التي جعلتها ضعيفة. ولقد بقيت هذه النظرة سارية وقائمة في الفكر الغربي بصور شتى، وبقيت نظرية الفلاسفة اليونان مسيطرة، ومترسبة في اعماق الثقافة الغربية والمسيحية بصورة خاصة.
يقول القديس جريجوري: إن أحد الاساقفة تساءل أثناء النقاش عما إذا كانت كلمة إنسان تعني المرأة ايضاً. لقد ساهمت الايديولوجية المسيحية كثيراً في قمع النساء، وإلى هذا الحد بلغ وضع المرأة في نظر رجال اللاهوت الذين يبشرون بتعاليم المسيح، ويضربون عرض الحائط بما جاء به السيد المسيح نفسه من مواقف جديدة. في الإنجيل دون شك مسحة من الرأفة مست النساء كما المجذومين والمساكين والعبيد، ولكن حال المرأة بقي كما هو حال سميتها اليهودية كما اسلف الباحث. وبقيت لا تمتلك الأهلية، (وعلى المرأة أن تتعلم بصمت وخضوع تام، ولا أجيز للمرأة أن تُعَلّم ولا أن تتسلط على الرجل، بل عليها أن تلزم الهدوء، لأن آدم خلقه الله أولاً ثم حواء). ( وكما تصمت النساء في جميع كنائس الأخوة القديسين فلا يجوز لهن التكلم، وعليهن أن يخضعن كمال تقول الشريعة، فإن أردن أن يتعلمن شيئاً فليسألن أزواجهن في البيت لأنه عيب على النساء أن تتكلم في الكنيسة)، ويؤكد المفسر المسيحي متى هنري هذا المعنى في تفسيره لما جاء فيقول: هنا يلزم الرسول النساء بالآتي:
أولا: أن يصمتن في الاجتماعات العامة، إذ لا يجب أن يسألن عن أي معلومة في الكنيسة بل يسألن أزواجهن في البيت. ويعد هذا حقيقته إشارة إلى أن النساء كن يصلين ويتنبأن أحياناً في اجتماعات الكنيسة، ولكنه هنا يمنعهن عن أي عمل عام، إذ أنه غير مسموح لهن أن يتكلمن في الكنيسة، كما لا يجب السماح لهن بأن يعلمن في الجماعة، ولا حتى يسألن أسئلة في الكنيسة، بل يتعلمن في صمت. أما إذا واجهتهن الصعوبات، (فليسألن رجالهن في البيت). وكما أن واجب المرأة ان تتعلم في خضوع، فمن واجب الرجل أيضاً أن يمارس سلطانه، بأن يكون قادراً على تعليمها، فإن كان قبيحاً بها أن تتكلم في الكنيسة، إذ يجب أن تصمت، فقبيح بالرجل أن يصمت حينما يكون من واجبه أن يتكلم، عندما تسأله في البيت.
ثانياً: يختم الرسول بأنه قبيح بالمرأة أن تتكلم في الكنيسة فالقباحة أو العار، هنا انعكاس غير مريح للذهن على شيء تم فعله بدون لياقة، وأي شيء لا يليق أكثر من أن تترك المرأة مكانها، إذ أنها خلقت لتخضع للرجل، وعليها الاحتفاظ بمكانها وترضى به. والنساء هن من تعلق بشغف أكبر بالقانون الجديد.