أثر الطلاق على المرأة



نادية خلوف
2021 / 7 / 1

ليس الطلاق رحلة ممتعة ، وليس هناك امرأة قوية ، و امرأة ضعيفة عند الطلاق إلا من النّاحية الاقتصادية، و إذا كان هناك تقرير للأمم المتحدة يبين أن هناك واحدة من كلّ ثلاثة أمهات هي أم عازبة ، و الأمّ العازبة تعني أنها هي من تتحمّل مسؤولية العناية بالأطفال ، وهناك صعوبة كبيرة في تحمّل هذا العبء، لذا نرى أن الدول المتقدمة تقدم الحماية للأم العازبة ، كما تقدم الدّعم النفسي الذي لا ينفي آثار الطلاق ، ليست كل الآثار النفسية للطلاق على المرأة سلبية. يمكنككِ الخروج من التجربة بالشعور بالقوة ، و التحكم أكبر في حياتك. غالباً ما يكون الزواج سيئاً، لكن المرأة تشعر أنها لا تملك الموارد ولا الخيار للشروع في الطلاق، إضافة إلى الوصمة الاجتماعية في الشرق حيث أن مصطلح امرأة مطلقة يعادل مصطلح امرأة عاهرة ، فهي متّهمة بسلاطة اللسان، أو بالخلل العقلي، أو أنها أم ليست جيدة، وهذه التّهم مجتمعة توجه إلى النساء المطلقات، بينما قد يكون الرجل مدمناً ، أو لديه إشكالات نفسية، لكنّه معذور لأنّ زوجته لا تستحقّه .
يؤثر الطلاق أكثر من الأفراد الذين يختارون إنهاء زواجهم. تظهر الأبحاث أن معدل الطلاق آخذ في الانخفاض في الغرب على عكس الشرق، وبخاصة بين الطبقة الوسطى ،ومع ذلك ، لا يزال معدل الطلاق يعادل حوالي 50 في المائة من جميع المتزوجين. ولكل طلاق تأثير بعيد المدى.
الطلاق يؤثر سلباً على دخل الأسرة. عندما يطلق الأزواج ، من المهم أن يفهم الوالد الحاضن أن نفقة الطفل تنتهي ، وهي نفقة قليلة من حيث الواقع، وتظهر الأبحاث أنّ النساء المطلقات أكثر عرضة للفقر حيث أن وضع المرأة يتأثر سلباً ، وربما تكون بالأساس غير عاملة، ومن خلال عملي في مهنة المحاماة لاحظت أن الطلاق أو تعدّد الزوجات يحدث بعد الزواج الأول بعشرة سنوات أو أكثر قليلاً ، مع اقتراب الرجل من سن منتصف العمر، وبعد أن يكون قد حقق استقراراً مالياً ، لكن في حالات كثيرة تم الطلاق بعد عشرين عاماً من الزواج، وهنا تكون المرأة قد استثمرت طاقتها ، وشبابها في علاقة مسيئة، وخرجت منها في عمر متقدم ليس لديها فيه الكثير من الخيارات سوى أن تنتظر رحمة أولادها ، علماً أن للأولاد حياتهم، وسوف لن يلبوا طموحها ، فتندب حظها، وربما تتشرّد.
يلوم العديد من الأطفال أنفسهم على طلاق والديهم ، مما يؤدي إلى الشعور بالذنب والحزن. غالباً ما يعاني الأطفال من الأسر ذات الوالد الوحيد من مشاكل في النمو ، مما يؤثر على سلامتهم السلوكية والعاطفية،
الأطفال من الطلاق يُظهرون سلوكاً أكثر خطورة من الأطفال من الأسر ذات الوالدين على سبيل المثال ، الأطفال أكثر عرضة لتجربة المخدرات والكحول، و أكثر صعوبة في تقبّل الأمّ حيث أنهم يؤمنون بمفاهيم المجتمع في عقلهم الباطن، يعتقدون أنّ الأمّ هي السبب، يحتاج الأمر وقتاً طيلاً إلى أن ينضجوا، و قد لا ينضجون من الناحية العاطفية، فوجود الأب في الأسرة يمنح المرأة قوة في التعامل مع أبناءها لأنّه رمز السلطة، ورمز الخوف أيضاً، بدون نموذج جيد للزواج الدائم أثناء الطفولة ، يمكن للأطفال تجربة مشاكل العلاقات كبالغين.
يعاني الرجال والنساء الذين يعانون من الطلاق من آثار جانبية نفسية من التجربة ، على الرغم من أن النساء أكثر عرضة للتأثر من الرجال عقلياً وعاطفياً وجسدياً واقتصادياً ، لكن كما هو الحال مع أي تجربة مرهقة ، فإن بعض الذين يواجهون التحدي يظهرون أقوى وأفضل بالنسبة له. فالطلاق يتسبب للمرأة:
القلق حيث يرتفع القلق استجابة لمجهول يلوح في الأفق. يمكن أن يستهلكك تدريجياً أثناء تقدمك في الطلاق ، حيث أصبح المستقبل الآن أكثر غموضاً مما تخيلته.
الاكتئاب،الانسحاب والاكتئاب ردود أفعال شائعة. النساء ، أكثر من الرجال ، أكثر عرضة للإصابة بنوبات الاكتئاب حتى بعد ثلاث سنوات من الطلاق.
الخوف حيث يمكن للطلاق يمكن أن يكون مرعباً. تشعر بالخوف من المشكلات الصغيرة والفورية والخوف من المشكلات البعيدة التي لم تصل بعد.
الغضب ، ينبع الغضب بشكل عام من الخوف، الغضب هو رد فعل شائع. لقد جرحك. تريد أن تؤذيه لأنه يؤذي أطفالك. يخشى معظم الناس التعرض للأذى مرة أخرى أو أن يتعرض أطفالهم لصدمة نفسية أخرى.
الشعور بالذنب ، سواء بدأت أنتِ الإجراءات أو فرضت عليك ، فإن الشعور بالذنب أمر شائع: هل عملت بجد بما يكفي لإنقاذ زواجي؟ وهل عجلت في زواله بشيء فعلته أو لم أفعله؟ هل جرح أطفالي؟ سوف تأكل هذه الأفكار السلبية منك تعيق قدرتك على الاستجابة للمواقف الجديدة ، حيث أن عقلك يسكن في القضايا القديمة.
الحزن و الحداد على فقدان العلاقة أمر صحي وطبيعي. يجب أن تمنح نفسك الإذن للشعور بالحزن ، وتجاوزه ، والخروج منه، حتى لو كان الزواج سيئاً ، فقد استثمرت الوقت والعاطفة فيه وخسارته مؤلمة.
عادة ما تجد النساء اللائي يمررن بالطلاق أو المطلقات حديثاً أنفسهن أمام خيارات أقل وأقل في التعامل مع القضايا اليومية. من سيأخذ الأطفال؟ كيف سنتحمل تكلفة كبيرة أو نفقات طبية؟
نظراً لأن جسم المرأة يتعرض للإجهاد وتميل عواطفك إلى الشعور بالذنب والاكتئاب والقلق ، فقد تدخل في دائرة من الاستجابة للتحديات اليومية بأفعال معاكسة.
ستواجه المرأة التي تعاني بالفعل من الآثار النفسية للطلاق صعوبة كبيرة في التعامل مع سلسلة مستمرة من الأزمات الأخرى، لكن هل تستسلم؟
البعض يستسلم ، يقبل بالأمر الواقع، تعيش في كنف عائلتها " كخادمة" من أجل إعالة أولادها، لكن في الوضع الحالي في سورية مثلاً حيث يتخلى الآباء عن أولادهم بسبب الجوع هل يمكن لعائلتها أن تحتضنها حتى لو بصفة خادمة؟
لكن على الطّرف الآخر من المعادلة : هل يتأثر الرجل بالطلاق؟
من حيث المبدأ الرجل هو صاحب الكلمة الآولى في الطلاق -إلا ماندر-، وهو يعتبره انتصاراً استطاع من خلاله تحطيم خصمه الذي هو المرأة ، لكن من وصل إلى الغرب ، و اختارت زوجته أن تطلّقه بعد أن تحرّرت اقتصادياً، فقد يتسبب خيارها في الموت حيث أن بعض الرجال يقتلون نساءهم لأنّهن اخترن الطّلاق ، والسبب هو الشعور بالهزيمة، فالرجل يجب أن يكون منتصراً، و إلا يقتل خصمه، أو يجرحه في أعز مالديه كأن يسرق أطفاله ويعيدهم إلى أماكن خطرة ، لكن من لا يقدم على ذلك فإن الكثير من النساء تعرضن عليه الزواج بعكس المرأة فهي في الغرب و الشرق لا تجد فرصتها الحقيقية في الزواج في المرة الأولى، وقد تقضي أغلب النساء حياتهن مع الوحدة. الطلاق ليس رحلة سياحية، وبخاصة مع وجود الأطفال.