امرأة لا مبالية



نادية خلوف
2021 / 7 / 12

تعرّضتْ للتنمّر من عائلة زوجها لأنّها ضعيفة، ليس في حياتها رجل يحميها، وليس لديها منصب أو مال ، تحولت إلى قطعة من ثلج ، عندما فكرت بعائلتها كان إخوتها أكثر تنمّراً ، رفضت أن تغادر " القفص الذهبي" ، تمكنت من اختراع التبريد الذي يجعلها ترد على الجميع دون كلام . إنها أمل التي حدثتكم عنها مرة، صغت كلماتها بطريقتي. كيف يمكن لامرأة في مجتمع قانونه وعاداته من خلف التاريخ أن تقاوم؟
ذلك البرود الذي يلفّني ،- الذي تفسّرني من خلاله أنّني لامبالية- يعجبني .
أتجاهل الرسائل التي توصلها لي بحديثك. تلك الرسائل اللئيمة التي تمطرني فيها صباحاً، ومساءً. لا أتحدث عن زوجي، فهو لا يصلح حتى أن يكون جواز سفر اجتماعي ، لأنّه ببساطة غير موجود كزوج، أو كذكر، أو كإنسان. هو مختف في غرفة دعارة، مهمّته الخيانة ، فكلما أئتمنته مومس خانها ، هو طبعه لايجد إثارة إلا عندما يخون . أتحدث عنك أنت الذي توصل لي أخباره ، وعندما لا تثيرني تقول: " معه حق . إنها امرأة لا مبالية"!
لماذا ترغب أن أطلّق شخصاً غير موجود ؟ أعرف أنّك تغار منّي لأن أدائي يجعل أولادي في مأمن منك. ترغب أن تشرّد أولادي .
عندما قلت لها أن المجتمع ذكوري ابتسمت ابتسامة صفراء، قالت لا أحبّ أحاديث المثقفين . أنظر إلى النساء ، فأرى أن قلّة منهن يتعرضن لما أتعرض له.
اعتقدت أنه ليس بطولة أن أدافع عن كرامتي بطريقة أفقدها من خلالها، لذا لجأت إلى " النضال السلبي" ، وهو أن أبني أسرة الأب فيها موجود في السجلات ومفقود في الواقع ، لدي طموح كبير، وحزن كبير، وبرود كبير .
سوف يكتب التاريخ عن امرأة مجهولة استطاعت أن تبني قلعة من ثلج ، حمتها من ذلك المجتمع المتنمّر الذي تصفونه بالذكوري ، و الذي حال الرجال فيه أيضاً في الحضيض، يحاولون التعويض عن نقصهم بالتنمّر على عائلاتهم ، فيصبح الرجل الذي لا يحبّ أمّه رمزاً للولد الحنون.
أتت أمل إليّ من أجل أن تحصل على بعض المال من وراثة والدها ، لكنّها قالت لي في النهاية أنّها اختارتني كي تبوح لي لأنها ترغب في الحديث مع أحد عن حياتها.
قالت لي: عندما يختل التوازن في العائلة تصبح تربية الأولاد من أصعب الأمور ، حتى أولادي يحملون في عقلهم الباطن أفكار المجتمع، ولا يحترمون امرأة ليس لها زوج مثلي لذلك أتصارع معهم ، لكنّ تربيتي، وربما جيناتي تجعلهم يتراجعون عن الخطأ بعد أن يصلوا إلى حافة البئر فلا يقعون في البئر . أنا أصنع دولة ، لي علم ونشيد ، أما العلم فهو كلسون نسائي أحمر اللون أنشره دائماً على حبل الغسيل ، و أما النشيد فهو : لا أستثمر في الأشخاص ، ولا الأمكنة . أعيش العزلة لأبني دولتي . إنها العنجهية التي تجعلني أستمرّ أمام ذلك التنمّر الكبير على الضحايا ، ينظرون لي كلامبالية ، وكمصابة بداء الغرور، بينما داخلي كومة قش!