هل الفتور الجنسي خطر على سلامة العلاقة الزوجية؟



عبد المجيد إسماعيل الشهاوي
2021 / 7 / 17

لا يهم كم مرة نمارس الجنس، ما يهم حقاً هو مدى ما نوليه لبعضنا البعض من عطف واهتمام

سؤال: أنا سيدة متزوجة منذ 10 سنوات وأشعر بالسعادة التامة مع زوجي ولا أتخيل العيش من دونه. لكن هناك أمر واحد يقلقني: الفتور الذي قد خيم على حياتنا الجنسية، خاصة منذ أنجبنا طفلينا. اعتدنا على أن نمارس الجنس يومياً وكان شعوراً رائعاً. لكن بمضي الوقت والانشغال بطفلينا، وجدت أننا أصبحنا بالكاد نمارس الجنس.

وضعت طفلنا الأول قبل الأوان وقضيت بعض الوقت بوحدة الرعاية المركزة لحديثي الولادة. كانت تجربة صعبة وربما قد تركت أثراً سيئاً على نفسيتي. زوجي يقول لي انسي الأمر وارمه وراء ظهرك واستمتعي بحياتك. أجده محقاً، لكني لا أستطيع.

حين يجمعنا الفراش، لا أريد منه سوى أن يتركني أنام، وهو أيضاً ينتابه نفس الشعور. وحين نمارس الجنس، أجده لذيذاً وجميلاً كسابق عهدي به. لكننا الآن لا نمارس الجنس سوى ربما ثلاثة إلى أربعة مرات في الشهر، وهذا يضايقني. لا أريد أن ينتهي بي المطاف إلى زواج بلا جنس. وأمر آخر، بالنسبة لي، هو أن جسمي قد تغير بعد إنجاب الطفلين. زوجي يشعرني بأني لازلت مرغوبة، لكني لا أشعر أني كذلك. أخشى أن تضيع حياتنا الجنسية من بين أيدينا وينتابني الرعب من فقدان تلك الدعامة الأساسية من دعائم الزواج. هل ثلاثة إلى أربعة مرات في الشهر كافية لسلامة العلاقة الزوجية؟

***
الإجابة: عزيزتي السائلة، نصيحتي لك هي أن تنصتي لكلام زوجك ولا تنظري وراءك. أخشى أنك قد لا تستطيعين نسيان تجربتك المؤلمة في وحدة الرعاية المركزة، التي لا تزال تراودك وتضغط عليك. تكلمي وابكي واصرخي، لكن لا تكتمي هواجسك في نفسك وتنعزلي. أحياناً، قد يظن شريك حياتنا أن شفاؤنا واجب عليه. غير صحيح. ما عليه هو أن يقف بجانبنا أثناء تماثلنا للشفاء من جروح وندبات قد علقت بنا من تجارب مؤلمة عشناها ولم نسلم من آثارها. التعجيل بالشفاء ليس أمراً سهلاً. فنحن كأفراد لا نملك نفس القدرة لتجاوز هذه الأشياء أو الشعور بها بنفس الطريقة- أو التعافي منها بنفس السرعة.

أتحدث الآن حول العلاقة الحميمة. أنا منبهرة، حقاً منبهرة! ثلاثة أو أربعة مرات في الشهر رغم العناية بطفلين صغيرين؟! كان حري بك ألا تسأليني إن كان هذا المعدل يكفي لاستمرار العلاقة الزوجية الصحية، بل تطالبيني بمنحكما ميدالية شرف وإنجاز. سيدتي العزيزة، معظم الأزواج ذوي الأطفال حين يسعدهم الحظ بلحظة للجماع، يتفقون عادة على ترك المداعبة للآخر إذا ما بقي لديهما وقت! وأنت تقولين إنه لذيذ وجميل كسابق عهدك به. في الحقيقة، لقد ترددت في نشر خطابك خشية أن أضع لبقية الأزواج سقفاً مرتفعاً يصعب عليهم وصوله.

عزيزتي، من الحقائق البديهية أنه كلما تقدم بنا العمر كلما تراجع منسوب شبقنا الجنسي بنفس القدر مقارنة بذروته في سنوات المراهقة والشباب. هذا الشبق يفتر تدريجياً لكنه أحياناً ينطفئ فجأة، مثلما يحدث حين تلدين طفلاً أو تصابين بمرض. فلا تخلطي بين الفتور الذي يحدث طبيعياً عبر الزمن وبين الانطفاء الذي يحدث حين تمرين بتجربة مؤلمة ولا تستطيعين تجاوزها. لا تنسي أبداً هذه الحقيقة الهامة: تراجع وتيرة الجنس كلما تباعد الزوجان عن بعضهما البعض ليس معناه أبداً أنهما يتباعدان بالضرورة إذا ما مارسا الجنس بوتيرة أقل.

اللمسة الحانية، التي ليست لمسة جنسية بالضرورة، هي مؤشر آخر على سلامة العلاقة الزوجية.

السائلة العزيزة، أعرف أن شعورك بالأمان قد يتأثر إذا تراجع معدل الجنس قليلاً لأن الجنس هو في الأساس الرابط العاطفي والبدني الذي قد التقيتما عليه وجمع بينكما برباط الزوجية، لكن هناك أمور أخرى تحدث في العلاقة وتهبها الحياة والاستمرار- مثل العشرة والاستمتاع بالصحبة والإصغاء لبعضكما البعض. العطف والاهتمام والإصغاء أمور تحفظ الزواج بحق أكثر من الجنس الساخن المتدفق يومياً. ما أقصده هو الإصغاء لما يقوله الطرف الآخر مهما كان بسيطاً وتافهاً وعابراً، وإيلاء الاهتمام والتعاطف وإعطاء الجواب المنتظر. لا تترك شريكك يكلم نفسه في حضورك!

تظهر الأبحاث أن الزواج السعيد يستلزم الجواب على سبعة من أصل كل عشرة ملاحظات يبديها أي من الزوجين في حضور الآخر.

اللمسة الحانية- التي ليست لمسة جنسية بالضرورة- هي مؤشر آخر للزواج السعيد. فالشعور بالاسترخاء مع بعضكما البعض يعني أنكما تستطيعان الفضفضة لبعضكما بما تفكران وتشعران به. لا تفرطان في الندية والتحدي لبعضكما البعض ولا تقحمان نفسيكما في جدل متكرر حول مسائل خلافية، لأن تجنب ذلك يساعد أيضاً في خلق رابطة معمرة وداعمة للطرفين. بمرور الزمن سيجمع بين الزوجين حتماً الكثير من الأشياء المشتركة الأخرى، مثل ذكرياتهما معاً وأمور متعلقة بتربية الأطفال، لدرجة تجعلهما لا يحتاجان بعد لتجديد رابطة زواجهما من خلال ممارسة الجنس. هناك أشياء أخرى تحل تدريجياً محل الجنس كعوامل ربط وتدعيم للعلاقة الزوجية.

أخشى أن أجسامنا تصل إلى ذروتها في شبابنا، ثم تأخذ في الاضمحلال كلما تقدمنا في السن، ومن ثم لا تتوفر لها الطاقة بعد لممارسة الجنس كل يوم. لكن ذلك لن يؤثر على قدرتكما لكي تحبا وتحترما بعضكما البعض كعادتكما دائماً وأبداً. ومن وقت لآخر، سيستطيع هذا الجسم، رغم ترهلاته وتجعيداته، الاستمتاع ببعض من الجنس، ولو بوتيرة أقل. هناك إمكانية للربط بين المشكلتين اللتين طرحتيهما، الذي قد يعني أنه إذا ما استطاع زوجك أن يتفهم أنك لا تستطيعين تجاوز عقدة وحدة حديثي الولادة ووضعها وراء ظهرك بمجرد ضغطة بإصبعك، وأنك تحتاجين وقتاً لاجتياز ما مررت به، حينئذ قد تشعران كلاكما بأنكما أصبحتما تمارسان الجنس بطاقة ووتيرة أكبر.
_______________________
ترجمة: عبد المجيد الشهاوي
رابط المقال الأصلي: https://www.theguardian.com/lifeandstyle/2021/jun/20/my-sex-life-has-dropped-off-is-my-marriage-now-at-risk-philippa-perry-replies