عندَ الامتحان يُكرم المرءُ أو يُهان



وهيب أيوب
2021 / 7 / 23

من العادات والتقاليد والممارسات السيّئة في مجتمعاتنا؛ هي لبس الوجوه والأقنعة، أي أن الشخص يحاول إظهار نفسه على غير حقيقته، محاولاً إبراز شخصية مُختلفة تُرضي المجتمع ومن حوله، مُخفياً حقيقة بواطنه وأفكاره الراسخة في نفسه وعقله، محاولاً تحقيق قبول وحظوة من قِبل الآخرين له.
إن من أروع وأجمل صفات الإنسان، أن يكون صادقاً شفافاً عفوياً وتلقائياً في التعبير عن نفسه وحقيقته، وفي تعامله مع الآخرين، وهذا سيجنّبه الكثير من المشاكل والخلافات مع الناس عموماً، كما مع الأهل والجيران والأصحاب والأصدقاء.
أتحدّث اليوم بالتحديد عن مسألة الخطوبة والارتباط "الزواج" بين الشاب والفتاة. فالملاحظ بأن معظم حالات الافتراق "الطلاق" بعد مرحلة من الزواج باتت حالات كثيرة ومنتشرة أكثر من ذي قبل في مجتمعاتنا.
وفي تقديري؛ أنه من الأسباب الرئيسية لتك الحالات نابعة بالأساس، كما ذكرتُ سابقاً، من عدم الصدق والصراحة والوضوح والشفافية بين الخطيبين أثناء مرحلة الخطوبة، فالطرفين في تلك المرحلة يحاول إظهار شخصية يقبلها الآخر غير شخصيته الحقيقية حتى يحظى بقبول الآخر وإعجابه.
وعند الانتقال إلى مرحلة الارتباط والزواج ويصبح المخطوبين زوجين تحت سقفٍ واحد، تبدأ تفاصيل الحياة المُربكة بكل تفرعاتها وتعقيداتها وضغوطاتها بفرض نفسها على الزوجين، وهنا لا يعود الطرفان قادرين على إخفاء المكنونات الحقيقية في أعماق كُلٍّ منهما والاستمرار بالتصنّع والتمثيل،
فيبدأ نزع الوجوه المُصطنعة، وليبدأ كل طرف بالكشف عن وجهه وشخصيته الحقيقية، بحيث لم يعد هناك مجال إلا بنزع الوجه المُصطنع وخروج الوجه الحقيقي من قمقمه؛ ليمارس كل حقيقته وسلوكياته وعقليته بأبهى وضوحها وفجاجتها، وحتى وقاحتها !
والأمر الثاني الذي أودُّ الإشارة إليه؛ هو حين يصل الطرفان إلى حائطٍ مسدود وخلافات يصعب تجاوزها أو التعايش معها، فيقع الفراق، أو ما يُسمى "الطلاق" وتلك الكلمة لا أحبها ولا أستسيغها، لِما تحمله من معانٍ ثقيلة الوقع على النفس.
وفي حالة وقوع الفراق بين الزوجين، سيبدأ هنا أهم وأوضح امتحان حقيقي في الكشف عن الشخصية الحقيقية لكلٍ من الزوجين، ومدى مستوى التربية والأخلاق التي بالفعل يتمتع بها كلا الزوجين المُفترقين، من حيث طريقة التعاطي والتعامل مع هذا الحدث ...
فهل سيطوي الطرفان تلك الصفحة بالتي هي أحسن، خاصة مع وجود أطفال بينهما، أم سيبدأ كلٍ منهما بالتشنيع على الآخر ونبش كل أسراره وسلوكياته وحتى الزيادة عليها، ليكسب تعاطف الناس والأصدقاء معه، كونه كان الطرف الأفضل وغير المسؤول عما آلت إليه الأمور فوقع الخلاف والفراق، في تلك الحالة سيكون هذا استمراراً للبس الأقنعة والوجوه واستمرار في الكذب والمُخاتلة وإخفاء الحقيقة.
إن مستوى الأخلاق والتعامل حالة الفراق، ستكون المسألة الحاسمة والمُعبّر الحقيقي عن الشخصية الحقيقية لكلا الطرفين.
ولا ننسى إلى التنويه هنا؛ بأن الحيف والظلم دائماً يقع على المرأة، نتيجة العادات والتقاليد والمجتمع القهري الذكوري المتخلّف تجاهها، فيرمون المرأة "الأنثى" بشتى التهم، فتدفع الثمن أضعاف مضاعفة عن الرجل "الذكر" حين يفترقان !
يقول الشافعي:
وعاشر بمعروفٍ وسامح من اعتدى
وفارق ولكن بالتي هي أحسنُ.