لماذا يغش الناس في علاقاتهم ؟



محمد عبد الكريم يوسف
2021 / 7 / 29

أما لماذا يغش الناس في علاقاتهم وحياتهم العامة وحياتهم الوظيفية ، فالأسباب عديدة ويصعب حصرها . لقد حاول العلماء مقاربة الغش في العلاقات العامة والخاصة ، وخلصوا إلى حصر ثمانية أسباب تؤدي لعدم الاخلاص في العلاقات. وقد اكتشف هؤلاء العلماء أن الجنس ليس من الأسباب الأساسية التي تؤدي إلى الغش في العلاقات الزوجية .
وقد وجد هؤلاء العلماء أن الناس يغشون بسبب الغضب وقلة الحب وعدم الالتزام وسوء التقدير والاهمال ، وهناك من يغش بالفطرة لأنه يستمتع باكتشاف الناس له . وقد لاحظ العلماء أن النساء تتميز بعلاقات أطول وأكثر استدامة وأكثر إشباعا من الناحية العاطفية .
يعرف الغش على أنه انتهاك لحرمة علاقة ، وهو أحد أكثر القتلة للعلاقات شهرة في العالم . لكن لا تتساوى ردود الأفعال نحو الغش وهي تختلف من شخص إلى شخص آخر . تعد بعد العلاقات عابرة وبعضها تجارب قصيرة وبعضها تجارب طويلة . وقد تقود الخيانة إلى انهاء علاقة .
السؤال الهام هو : ما سبب عدم اخلاص الشركاء في المقام الأول ؟
في خضم البحث عن إجابات ، يجب البحث أولا عما هو مفقود في العلاقة بين شريكين . أهو الجنس؟ أم المال؟ أم الكفاية العاطفية ؟ أم عدم الاستقرار الروحي ؟ أم العصبية والغضب السريع؟ ربما كان إلقاء اللوم والأعذار هو أبسط طريقة لتبرير الغش في العلاقات .
نُشرت مؤخرا دراسة في إحدى الصحف الأمريكية قام بها ديلان سيلترمان وجوستين غارسيا وإيرين تسابيلاس ، وقد وجدت الدراسة أن نصف المشتركين أبلغوا عن مشكلة تتعلق بالجنس قادت إلى الغش في العلاقة بين الشريكين . لكن إذا لم يكن الأمر متعلقا بالجنس ، ما الذي يدفع الناس إلى عدم الإخلاص في العلاقات وسلوك طريق الغش؟

الدوافع العديدة للغش :
هناك الكثير من الأسباب والدوافع للغش . لقد جمعت الدراسة التي أشرنا إليها أعلاه إلى أن 495 شخصا من المشاركين اعترفوا بالغش في علاقاتهم . وحتى نفهم أفعالهم ودوافعهم ، أعطاهم الباحثون استمارة تحتوي 77 سؤالا عن الغش كان أولها : لماذا فعلت ذلك ؟
وقد كشف التحليل عن ثمانية دوافع رئيسية ، معظمها لا يتعلق بالجنس على الإطلاق. على سبيل المثال ، قال كثيرون إنهم خدعوا بشريكهم وأن الغش نابع الغضب ، وقلة الحب ، وقلة الالتزام ، والاحترام ، والحالة ، والإهمال. والأهم من ذلك ، أفادوا جميعا أن أسباب الغش لم تؤثر فقط على شؤونهم ولكن علاقتهم الأساسية أيضًا.
أما دوافع الغش فقد كانت كما يلي :
الغضب : لم تظهر علامات الغضب والتوتر على الشريك من قبل وبالتالي لم يكن واضحا معي .
التقدير: لم أشعر بالتقدير اللازم ولم تتعزز استقلاليتي والثقة بي .
قلة الحب : لقد فقدت الكثير من الحب الذي كان يوجه لي من قبل حاليا لا أشعر بالحب الذي كنت أشعر به سابقا وبالتالي أسأل نفسي: هل هذا هو نفس الشخص قبل الارتباط أم أنه تغير؟ وأسأل نفسي إن كان هذا هو الشخص الذي أحببته سابقا.
ضعف الالتزام : لم يعد يلتزم بي وبشؤوني ، وبالتالي العلاقة ليست على ما يرام . هناك خلل ناحية الالتزام .
الحاجة للتنوع: وسببها رغبة الشخص أو الشريك بتعدد العلاقات لأنه لا يشعر بالاكتفاء الذاتي في العلاقة .
الاهمال : إهمال الشريك وعدم الاكتراث بشؤونه والبعد العاطفي نتيجة ظروف غير واضحة .
الرغبة الجنسية :مثل فقدان الرغبة بالممارسة الجنسية والرفض الجنسي وفقدان المتعة والتشاركية في العلاقة.
الحالة الطارئة : مثل السكر والضغوط الخارجية الطارئة والخلافات العائلية أو الوظيفية أو فقدان الرؤية المؤقت والتشوش والنزوات .
المصدر: سيلترمان وشركاه، 2020
لقد أثرت هذه الدوافع على العديد من العلاقات ووضعتها في مهب الريح. وقد وجدت الدراسة أن المشاركين الذي اعترفوا بالدوافع الثمانية كانت علاقاتهم أطول ، في حين كانت "النزوات " أٌقصر وأكثر حدة . ووجدت الدراسة أن العلاقات النسائية أطول من علاقات الرجال وأكثر إرضاء من الناحية العاطفية خاصة إذا كان الشريك قريب من حياتهم .
وقد وجدت الدراسة أن (62.8 في المائة) اعترفوا بالتعبير عن المودة للشريك الجديد وما يقارب (61.2 في المائة)، أجروا معه حوار جنسي صريح جدا، وحوالي (37.6 بالمائة) أجروا محادثات حميمة ، بينما قال 1 من كل 10 (11.1 بالمائة) من المشاركين : "أنا أحبك". أما أولئك الذين أبلغوا عن ارتباط أقل عاطفية في علاقتهم الأساسية كان لديهم ألفة أكثر مع شريكهم في العلاقة الغرامية ، ربما كطريقة بديلة للبحث عن الوفاء المفقود.
لقد كان الدافع الرئيسي لزيادة العلاقة الحميمة العاطفية مع الشركاء في علاقة غرامية هو عدم وجود الحب في العلاقة الأساسية. وبالمثل ، عندما كان الدافع وراء هذه العلاقة هو قلة الحب ، وجد الأفراد أن العلاقة أكثر إرضاءً من الناحية الفكرية والعاطفية ، ولكن أقل من ذلك بكثير عندما كانت الحالة الطارئة هي الدافع وراء العلاقة.
وفق الدراسة ، شملت معظم الأنشطة الجنسية في علاقات الغش : التقبيل (86.7٪) والحضن (72.9٪) والاستمناء المتبادل (53.5 بالمائة) ، والجنس الفموي (46.4 بالمائة) ، والجنس المهبلي (53.3 بالمائة) ، والجنس الشرجي (6.1 بالمائة) ، وعدم وجود اتصال جسدي (5.7 بالمائة) وهي أقل شيوعًا. لقد قام المشاركون بالغش بدوافع: الرغبة الجنسية والتنوع ، وكذلك نقص الحب ، ولكن ليس عندما كانوا يغشون بسبب الحالة الطارئة ، وقد أبلغ الرجال والنساء عن تكرار ممارسة الجنس مع الشريك في العلاقة، ولم يختلفوا في مستويات رضاهم الجنسي.
المتلبس بالغش؟
تشير الدراسة إلى أن الناس يميلون إلى اعتبار الغش مشروع سري لا يجب اكتشافه في أي لحظة من اللحظات . وقد تم تصنيف الغشاشين في العلاقات حسب دوافعهم ، فمن يغش بدافع الافتقار للحب يميل إلى المواعدة في الأماكن العامة مثل الخروج للعشاء أو مشاهدة السينما أو التنزه في الأماكن العامة . وقد لاحظت الدراسة قلة التقبيل أو التودد الفاضح ضمن مجموعة الغشاشين بسبب قلة الحب . أما من يغش بدافع أخر فقد اعتبر الغش مشروع سري يجب الحفاظ على سريته ما أمكن إلى ذلك سبيلا . كما لاحظت الدراسة أن الغشاشين الظرفيين أقل ميلا للغش في العلن و لا يملكون خططا سرية لإنهاء علاقاتهم الأساسية .
متى يعترف الغشاش؟
تشير الدراسة إلى أن 50 بالمئة من الغشاشين يعترفون بعلاقاتهم السرية ويفصحون عنها ، وقد وجدت الدراسة أن النساء أكثر ميلا للاعتراف بالغش من الرجال وخاصة أولئك اللواتي صرن نظيفات وكن معرضات للغش بسبب الغضب أو الإهمال ، والحالة هذه لا تنطبق على من يغش بدافع الرغبة الجنسية . لقد كان الاعتراف شكلا من أشكال الانتقام من الشريك . إن مسألة الالتزام بالشريك تحتاج إلى الكثير من التفهم والحب والمشاركة .
ماذا حدث في العلاقة مع الشريك ؟
نادرا ما ينتج عن العلاقات الحقيقية أي انحراف معياري ملحوظ نتيجة التفاهم والحب المتبادل ، وقد تم تسجيل انحراف معياري طفيف بمعدل حالة غش واحدة في كل عشر علاقات . وقد رأى (11.1 بالمائة) أن العلاقة الملتزمة هي الأساس ويجب المحافظة عليها ، ويرى (31.1 بالمائة) أن على الشركاء رؤية بعضهم بين الحين والآخر ، ويرى (29.9 بالمائة) أنه من الضروري البقاء في علاقة غرامية مع الشريك ، ورأى حوالي ( 25.5 بالمائة) أنه يجب إنهاء العلاقة الغرامية مع الشريك الغشاش وقطع التواصل معه ، أما الغشاشين الظرفيين فقد رأوا أن البقاء مع الشريك أساسي ولا يميلون لتطوير علاقات الغش.
عواقب الغش:
لقد بينت الدراسة أنه في العلاقة الأولية ، كان المثير للدهشة أن 1من أصل 5 أشخاص أي ما يعادل (20.4 بالمائة) انتهت علاقاتهم الغرامية بسبب الغش . وبقي ما يقارب من (21.8 في المائة) مع الشريك رغم اكتشاف الغش ، وبقي (21.3 في المائة) مع الشركاء نتيجة عدم اكتشاف الغش ، في حين انفصلت النسبة المتبقية لأسباب لا علاقة لها بالغش.
لقد ساعدت أسباب ضلال الناس وغشهم في تحديد مصير العلاقة. كان الغش أكثر من كونه قاتل للعلاقة عندما كان الغش ناتج عن الغضب ، وقلة الحب ، والالتزام المنخفض ، والإهمال ، أكثر من العلاقة الطارئة . وعلى الرغم من أن العلاقة الضعيفة عاطفياً كانت السبب الرئيسي لإنهاء العلاقة وكانت العلاقة الجنسية في مكان آخر سبب في تعثر العلاقة .
قد يكون الانسجام العاطفي والاهتمام والجنس من العوامل الأساسية في تطوير علاقات الغش . إن دوافع الغش تنجم عن عاملين أساسيين هما الموقف والعلاقة المنكسرة ويؤدي هذا الأخير إلى أمور أكثر خطورة . يمكن للقارئ الكريم أن يستخدم نتائج الدراسة المشار إليها في هذا البحث كأداة تحذيرية لمراجعة الذات وتطوير علاقات أكثر إرضاء والتزاما .
المراجع
Selterman ، D. ، Garcia ، JR ، & Tsapelas ، I. (2020) https://doi.org/10.1080/0092623X.2020.1856987
ماذا يفعل الناس ويقولون ويشعرون عندما يكون لديهم علاقات؟ الارتباط بين دوافع الخيانة الزوجية مع النتائج السلوكية والعاطفية والجنسية. مجلة الجنس والعلاج الزوجي (عبر الإنترنت).