من التالي بعد الافغانيات واليزيديات ؟



منال حميد غانم
2021 / 8 / 18

تتغير الانظمة السياسية بكل دول العالم بأستمرار ويتخذ هذا التغيير اشكال متعددة ومتنوعة وقد تتغير الى انظمة اكثر ديمقراطية او اكثر استبدادية وتطرف ,ولكن كلا النوعين يظهرون هذا التغيير من خلال اسقاط رؤاهم المستقبلية وسياساتهم على وضع النساء ومستقبله وتحديدا اجسادهن فأيران عندما حكمها حاكم علماني رفض كل مظاهر التدين والحجاب الاسلامي وعندما حكمها الاسلاميين فرضوا الحجاب على النساء وعندما حكم مصطفى اتاتورك تركيا وقرر تحويلها الى دولة علمانية فرض خلع الحجاب وعندما ظهرت داعش اول ماقامت به هو فرض النقاب والاقرار الجبري في البيوت والان طالبان التي تكلمت بأول تصريح لها بعد الاستيلاء على السلطة انها ستسمح بخروج النساء لكن بشرط وجود محرم معها وانها ستعطي حقوقا للنساء اهمها لتعليم والعمل والدخول كعضو في الحكومة ولكن وفق الشريعة الاسلامية .
في كل دول العالم عند الحروب والازمات تستخدم النساء كأداة من ادوات الحرب ,كأداة اكثر فاعلية ليس على ارض الواقع فحسب بل اعلاميا ايضا لكي تصل انباء التغييرات في تلك الدولة الى كل دول العالم كأداة تثير الخوف والرعب لدى العدو المباشر وغير المباشر. فطالبان اثارت الخوف لدى غالبية الناس القاطنين في بلدان لديها ارضية خصبة للارهاب او عدم استقرار او فصائل مسلحة خارج اطار الدولة وتحديدا في اليمن والعراق ولبنان وليبيا وسوريا وحتى مصر لأحتمالية ان يتعرضوا الى نفس المصير ونحن في العراق وبعد ويلات احتلال داعش ومحاربته ومحاربة تداعياته التي لاتزال غالبيتها تأن في الذاكرة والتي لم يتم معالجتها الى الان ,من حقنا ان نتوجس خيفة وحذر الى تعرضنا الى نفس المصير حتى لو كان المسلمين السنة لا يشكلون الغالبية في البلاد. لانه وبكل بساطة لدينا العشرات من الفصائل المسلحة التي تشبه طالبان في بداياتها لاتزال موجودة ومتنفذة ومتجذرة داخل الحكومة العراقية .
يرى مختصين ان امكانية التعاون والاعتراف بين الحكومة العراقية والافغانية جدا ممكنة وواردة حتى لو كانت بشكلها غير الرسمي فالدولة العراقية غير الرسمية ولأغراض تجارية ومالية بحتة ممكم ان تمد طالبان بالعون الذي يتعلق بتجارة المخدرات , فالمعروف ان افغانستان تنتج الحشيشة والافيون والكريستال والهيروين وبأوقات سابقة كانت تدخل عبر ايران الى العراق بتجارة محمية من اصحاب النفوذ من السياسيين , هذه السياسة التي تعتبر اكثر دخل جيد طالبان بحاجته الان بنظامها الجديد الذي تحتاج لأرساء دعائمه لكن الخطورة اكبر كون الكميات سوف تدخل بشكل اكبر ونوعية أخطر .
اما على الصعيد العسكري فكتائب فاطميون التي صنعهتها ايران من الافغان الشيعة منذ عام 2012 عملت جنبا الى جنب مع عصائب اهل الحق في سوريا وتربط قادة الحركتين علاقة وثيقة . اذن فتوقعات التعاون بالمستقبل القريب جدا عالية وعلى درجة من الخطورة . تجمعنا عدة نقاط مشتركة مع الشعب الافغاني من حيث المصير المأساوي الذي حبسنا فيه وهو التطرف بشقيه الشيعي والسني ورغبة القادة بسحق الناس امام نفوذهم وسلطاتهم وكذلك سيطرة الولايات على كلا الدولتين بسياسة مترددة وسلبية وانانية وغير صادقة كونها عملت لعقدين من الزمن من اجل مقاومة الارهاب في منابعه وظلت سياسة غير واضحة من حيث الاهداف المستقبلية سوى نصرة المصالح الامريكية بالدرجة الاولى فالفصائل العراقية تعتبرخروج القوات الامريكية من افغانستان هو بمثابة انتصار من طالبان .ورغبتهم الملحة بأخراج القوات الامريكية من العراق على غرار الافغان جلية وهذا بالطبع سيشجع بايدن ليمضي قدما برغبته لسحب قواته ودون نزاع .
ان سيطرة طالبان على افغانستان يحتاج لعدم قبول دولي شعوبا وحكومات لهذا التنظيم الدموي العنيف والارهابي والذي شهد العالم اجمع منه انفجارات واعمال تخريب ليس في افغانستان فحسب .ويجب ان يعلم كل شعوب العالم ان طالبان لن تكتفي بأفغانستان لوحدها في حال الاعتراف بها كدولة التي ستجعل منها قاعدة رصينة للارهاب العالمي بل ضمن حلمها وهدفها ورسالتها هو ضم كل الارض تحت ظل راية الله واكبر . ان مايحدث يخص كل النساء حول العالم كونهن المتضررات الاوائل من اي تنظيم متطرف ديني يهودي او اسلامي بكل طوائفه او مسيحي ... الخ وبشكل خاص النساء الافغانيات وتهديدهن طوال الوقت بالجلد والرجم والقتل والسخرة والزواج القسري والبيع والعنف الجنسي والعنف القائم على اساس النوع الاجتماعي ,فيجب حث المجتمع الدولي لكي يكون نصير لهن في كفاحهن ضد قوى الظلام والجحور والكهوف وان لايتم تركهن بمفردهن للتعذيب اليومي البطيء وخسارة مكتسباتهن التي حققنها خلال العشرون عام الماضية حيث ارتفعت نسبة النساء المتعلمات فوق الثمان سنوات وزاد عدد الطالبات في المدارس الثانوية وحصلن على مناصب حكومية عالية تصل الى درجة حاكمة ونسبة مشاركة في البرلمان وصلت ال27 %.
يجب ان لا نيأس من امكانية التخلص من طالبان فما حدث اليوم حدث عام 1995 وسيطرت طالبان على كابول واعترفت بها امريكا وباكستان والسعودية والامارات كدولة ولكن ضغط المنظمات حول العالم جعلها تتراجع عن الاعتراف ولذلك يجب على كل المنظمات والناشطين الضغط من اجل عدم الاعتراف بها ورفضها واستخدام رفض الشعب الامريكي للرئيس وهبوط شعبيته كوسيلة اكبر تسمح بقبول الضغط ورفض استخدام النساء كأدوات حرب او تصفية الصحفيين والمراسلين والناشطين فمعيار طالبان حسب اول مؤتمر صحفي لها هو ( ان لايعملوا ضدنا ولهم متسع الحرية ) بجملتين متناقضتين تماما وخطرة للغاية وبلا ضمانات بأنها لن تتحول مستقبلا الى ملاذ امن للأرهاب او ان تعيد مافعلته بالنساء من سنة 1996 الى ال2001 .