صحوة أخلاقية رفعت الغطاء عن المقدس



أحلام أكرم
2021 / 9 / 6

تحت غطاء المُقدس الديني برر فقهاء الدين ما لا يُبرر عقليا ولا أخلاقيا .. أسؤا ما نجحوا فيه هو الترابط الوثيق الذي خلقوة ما بين المقدس والثقافة المجتمعية كلاهما يُبرر ويُعزز الآخر وخلق إلتباسا عقليا ما بين الفضيلة والإنحلال ..يخلق مجتمعا يتستر بالفضيلة بينما ينخر الإنحلال بنية قيمه .. ويضر بالصحة النفسية المجتمعية في إنعزال خانق بين الجنسين وفي كبت مجتمعي .. في مجتمعات تفتقر إلى العدل والمساواة والمواطنة ووووو... وربطهم كل القيم الأخلاقية بالمرأة وجسدها ..خاصة وبعد تصاعد الأصوات الشاذه خلال الأربعين عاما السابقة .. فيما سموها بالصحوة الدينية ..
ولكن يبدو بل وآمل أن تكون الصحوة الحقيقة التي بدأها الأمير في عقلنة تلك الأصوات المتشددة .. ونيته في صحوة حقيقية يقوم بها رجال دين معتدلين مترافقين بتنويرين لإيجاد تفسيرات تستند إلى العقل وموضوعية العصر وإنسانية الدين بدأت تؤتي ثمارها ..
بعد تصريحات الدكتور المصري رئيس الأزهر .. أحمد الطيب في مايو 2021 وحتى بعد رفض المؤسسة الدينية لنداءات الرئيس المصري المتعددة لتجديد الخطاب الديني ..مفادها الإعتراف بضرورة التجديد فيما يتعلق بحقوق المرأة .والتي جاءت بعد خطوات ولي العهد السعودي الجريئة .. . والآن.. ولأول مرة في التاريخ المعاصر أسمع توالي الفتاوي الإيجابية لصالح المرأة .. ففي مجتمع تعود على إزدواجية المعايير وأعطى الرجل حقوقا سيادية في المغامرات الجنسية .. وفي الزواج والطلاق .. وفي العلاقة الجنسية مع الزوجة .. أقرأ عن فتاوي تصدر من دار الإفتاء المصرية لصالح المرأة .. في إعتراف مُبطن بحقها الإنساني .. أول هذه الفتاوي صدرت من دار الإفتاء المصرية بإباحة ترقيع غشاء البكارة ... هذا الغشاء الذي يقصر عفة المرأة عليه وحده .. خاصة في حالات التغرير بها .. أو إغتصابها ...وبالتالي وبدل التشهير بها وفي إسم عائلتها .. قصرت المؤسسة الدينية ستر الفضيحة بعدم القتل المسمى بقتل الشرف حفاظا على العرض .. بترقيع الغشاء.. تلتها فتوى إيجابية أخرى تؤكد تراجع المؤسسة الدينية عن ترويجها بفوقية الرجل ..وخضوع وإذلال المرأة خوفا من غضب الله ولعنة الملائكة بفتوى صدرت من دار الإفتاء بأن إجبار الزوجة على العلاقة الجنسية بالإكراه .. المسماه بالإغتصاب الزوجي .. ليست من الإسلام في شيء ..
فبعد عقود من التجهيل ومن إستعمال سلطة المُقدّس .. إستنادا إلى تبريرات فقهية إستندت إلى الخيال الذكوري بررت للرجل حق المعاشرة الجنسية وقتما شاء وأينما شاء .. سواء برضا الزوجة أم لا ؟؟ .
وتتوالى الأخبار الإيجابية من دولة الأردن .. التي قامت بإلغاء المادة 308 من قانون العقوبات .. التي تُعفي المغتصب من العقوبة حال تزوج بالمُغتصبة حتى ولو لشهر واحد ؟؟؟
الإغتصاب واحد في الحالتين ..وتبريره بأي شكل من الأشكال أمر لا ينتمي للحرص على السلامة النفسية للمرأة وللأسرة بالتحديد . ولكن ما أذهلني أنه وفي الحالتين ورغم التفاوت في درجة التدين من عدمه . رفضت شرائح كبيرة من الذكور في المجتمعين كلا الأمرين برغم إيجابيتهما ؟؟؟ بما يؤكد أن معظم ما جاء في القوانين والأحكام الدينية التي وضعها ذكور . لم توضع إلا لخدمة الرجل في كل المجتمعات الإسلامية وآن الأوان لتعديلها .
كلها أخبار في الطريق الصحيح .. ولكنها تبقى قاصره إن لم ترتبط بالتعليلات المجتمعية للرفض .. فمثلا في حالة الأردن .. إرتبط الرفض بسؤال .. وماذا إذا كان هناك حمل من هذا الإغتصاب ؟؟؟؟ فالقانون يُحرّم القتل وعليه يُحرم الإجهاض .. بينما القانون ذاته يحرم هذا الطفل من الأهلية .. لأنه مجهول النسب .. وعليه يحرمه القانون من الشهادة في المحكمة . والإلتحاق بالجيش .. ودراسة القضاء .. ويحمل رقما وطنيا يُبين فيه أنه مجهول النسب .؟؟؟؟ وإبن ؟؟؟
بمعنى تمييز واضح بين بشر .. وحرمان من الحقوق الإنسانية .. ومن الحياة كلها ؟؟؟ وهو الأمر المعمول به في كل الدول العربية وإن كان بتفاوت بسيط ؟
التغيير الحاصل والصادر من المؤسسات الدينية يؤكد أمرين ..إما الخوف على سلطتها وإستمرار بقائها ورواتب موظفيها .. وإما صحوة أتمناها حتى وإن جاءت مُتأخرة لضرورات الواقع والحاجة للتغيير الثقافي والأخلاقي المجتمعي .حقيقة أنها فتوى وأنا أرفض الفتاوي .. ولكنها فتوى إيجابية تتماشى مع العقل ومع رحمة الخالق ..

سيدي المُشرع العربي .. بدون مُراجعة وغربلة كل القوانين لا يمكن أنسنتها ولا أنسنة المجتمع .. وستبقى مجتمعات تفتقر إلى الرحمة والعدالة .. والقانون .. لا يمكن تغيير الثقافة المجتمعية بدون قوانين رادعة تحمي المرأة وتحمي المجتمع .. وتعيد الإحترام لنا كبشر في هذا العالم ...