الثورة و المرأة



عماد نصر ذكرى
2021 / 9 / 18

تقاس حضارة الأمم بمكانة المرأة فيها والحقوق التى يتمتع بها الأطفال والأقليات وكبار السن وذوو الإحتياجات الخاصة . ورغم اننى مؤيد لثورة 25 يناير إلا انى لا استطيع للآن ان اقول انها نجحت واكتملت لأن العبرة دائما بالخواتيم وللآن سفينة الوطن مازالت تتقاذفها الأمواج الإخوانية والأنواء السلفية. ولكى ترسو السفينة على شاطئ الأمان يجب أن تطرأ تغييرات جذرية على أوضاع المرأة فى مصرنا وأن يكون من حقها أن تشغل أى منصب مثل القضاء ورئاسة الدولة.

التمييز بين الرجل والمرأة

مازال قانون العقوبات يعج بمواد مجحفة للمرأة. فمثلا تنص المادة (274) من قانون العقوبات على حبس الزوجة الزانية لمدة لا تزيد عن سنتين سواء تم الزنا فى منزل الزوجية او خارجه بينما تكتفى المادة (277) من القانون ذاته بحبس الزوج الذى يقترف نفس الجريمة لمدة لا تزيد عن ستة أشهر اذا وقع الزنا فى منزل الزوجية أما فى منزل العشيقة فلا عقوبة له. فإذا افترضنا أن العشيقة زوجة لرجل آخر فستتعرض هى للعقوبة بينما العشيق الولهان الذى يشاركها الفراش سينفد بجلده وذنبه وجرمه وشحمه ولحمه. فهل يعقل أن عملا بعينه يكون مباحاَ متاحاَ فى مكان ما بينما يكون جرما فى مكان آخر؟
هل مثلا السرقة فى مكة حرام بينما فى اوروبا او امريكا حلال بلال؟ هل ايضا الزمان يحدد شرعية ومشروعية الفعل ، فمن يقتل فى رمضان يستحق القتل بينما يستحق الثواب فى شوال أو غيره من أوقات السنة؟
ويعاقب القانون المرأة التى تضبط زوجها مع عشيقته فتقتله بالسجن الذى قد يصل إلى المؤبد بينما لايسجن الرجل الذى يأتى الفعل نفسه أكثر من ثلاث سنوات.
وأنا لا أفهم لماذا يلتمس القانون العذر للرجل المفترض أنه أكثر قدرة من المرأة على ضبط انفعالاته والتحكم فى عاطفته والأحتكام إلى العقل. أليس هذا ما يردده دائما المتحيزون ضد المرأة ولهذا فإن الطلاق يجب أن يكون فى يد الرجل وحده ومازالوا للآن يهاجمون قانون الخلع الذى أخشى أن يتعرض للالغاء إذا تولى مقاليد الأمور أخوانى أو سلفى.
هل غيرة الرجل مفهومة ومبررة لأن زوجته من ممتلكاته بينما المرأة يجب أن تستأصل غدد الغيرة من جسدها لأن زوجها ليس ملكا لها وحدها؟

والقانون المصرى يعاقب المرأة التى تمارس الدعارة بالسجن بينما شريكها فى العهر لا ينال اى عقاب بل أنه يكون شاهدا عليها.

فهل من العدل أن يكون الشخص نفسه مجرما وشاهدا فى الجريمة نفسها؟

ومازالت قوانين المواريث تعطى للذكر مثل حظ الأنثيين وهذا نص يجب الإجتهاد فيه مثل قطع يد السارق وجلد الزناة ونكاح ملكات اليمين لأن الزوج فى الماضى كان ينفق على زوجته فى اغلب الاحوال أما الآن فهناك آلاف الأسر تعولها امرأة.

تعدد الزوجات

لا استطيع ان اصدق اى امرأة تدعى انها تقبل تعدد الزوجات الذى اراه تمييزا و ظلماَ صارخا ضد المرأة واعتقد ان من تردد هذا مريضة نفسية أو كاذبة تقول غير ما تعتقد خوفا من أن تتهم بالكفر وانكار معلوم من الدين بالضرورة.
لا أريد أن أتطرق الى النصوص القرآنية المتعلقة بتعدد الزوجات لأنى لست متخصصا ولكن أجزم أن العدل مستحيل، فمثلا لو تزوج رجل امرأتين وساوى بينهما فى الأنفاق لايمكن أن يعدل بينهما فى الجنس لأنه من الصعب أن يكون على نفس حالته المزاجية مع الأثنتين وحتى لو افترضنا امكانية حدوث هذا، فزواج رجل من امرأتين يعنى ان لكل امرأة نصف رجل. وعلينا ان نقتدى بتونس ونمنع كلية تعدد الزوجات الذى جرمته وحرمته دولة اسرائيل التى قامت على اساس دينى رغم ان التوراة تبيح التعدد الغير محدود والغير مشروط للزوجات بل ان النبي سليمان تزوج بألف امرأة بحسب النصوص التوراتية. والأولى بمصر أن تمنعه وهى أقدم دولة مركزية فى التاريخ وتعدد الزوجات لم يكن معروفا عند المصرى القديم الا عند الحكام.

زواج المسلمة من الكتابى

أرى ان منع المرأة المسلمة من الزواج بكتابى بينما يسمح للرجل المسلم ان يتزوج كتابية اهانة للمرأة المسلمة التى يقول لها الفقهاء أن الكتابى لايعترف بالإسلام كدين سماوى ولهذا فهو لايؤتمن على دين زوجته. ولكن من قال أن المرأة المسلمة يمكن أن يجبرها رجل غير مسلم على فعل شئ لا تريده. وأقول للفقهاء المؤمنين بأن المرأة ناقصة عقل أن امرأة مسلمة قوية المنطق والحجة يمكن أن تقنع رجل يهودى أو مسيحى بالأسلام. لقد طالب الكاتب الليبرالى احسان عبد القدوس منذ سنوات طويلة بامكانية أن تتزوج المسلمة من الكتابى وأيد هذا الرأى الكاتب الاسلامى محمد جلال كشك. وأعتقد انه يجب ان يصدر قانون مدنى موحد للأحوال الشخصية لكل المواطنين بصرف النظر عن الدين الذى يجب أن يظل امرا شخصيا بين الأنسان وربه يطبقه الانسان الناضج على نفسه بحسب ما يرتاح له ضميره ويطمئن له قلبه. فالدين ليس شربة مرة يفرضها الفقهاء على الناس رغما عن انوفهم وعقولهم وقلوبهم. والمرأة الراشدة التى ترفض ان تتزوج برجل من دين آخر لايمكن أن يجبرها احد على ذلك وأيضا المرأة التى لا ترى فى هذا ما يشينها أو يهينها أو ينتقص من دينها لايجب أن يمنعها احد من فعل ما تعتقد أنه الصواب.
وعلى ذكور كل قبيلة أو ديانة الذين يشعرون أن رجولتهم قد جرحت وأن كرامتهم قد أهينت إذا تزوج رجل من دين مختلف امرأة من قبيلتهم، أقول على هؤلاء الذكور أن يتحرروا من عقدهم البدائية الذكورية الموروثة منذ قيام النظام الأبوى.
ويوم أرى المرأة المصرية مثقفة مستقلة عن سلطة وحماية الرجل ومتحررة من حجاب العقل والعادات والآعراف والتقاليد ستكون الثورة انتصرت واكتملت ورست على شاطئ الامان والحضارة والمدنية ووقتها حتما سنفلح لو ولينا أمرنا إمرأة.

من كتاب " أيات علمانية " الصادر فى القاهرة سنة 2012