مواقف



صبيحة شبر
2006 / 8 / 19

ارتبطت به بعد إلحاح متواصل من الأهل والأصدقاء ، استطاعوا ان يجعلوها فيه تخشى ان تكون وحيدة في هذا العالم ، لا احد يقف بجانبها ، يخفف عنها وعورة الطريق ، وبعد ان بينوا لها بأساليب الكلام المقنعة التي يحسنونها ، ان الرجل ذاك يتميز بعديد من الخصال الايجابية ، أكثر مما به من سلبيات ، وان كل أمريء لابد ان تكون به بعض الهنات والتي هي من القلة والضالة بحيث لايمكن ان يراها الشخص المنصف ، الذي يرى المحاسن والمساويء في شخص معين ، ولا يجعل هواه طاغيا ، فيعمى عن رؤية المحاسن ، والاقتصار على مشاهدة المساويء فقط ، ولانها انسانة عاطفية ، تحب ان تجد من يبادلها عواطفها ، ويستمع الى أحاديثها ، ولا يسخر من أحاسيسها ، او يستهزيء من متاعبها ، وأسباب قلقها ، وافقت بعد ان بين لها المعارف والأهل ان الشخص المطالب بالزواج جدير بالقبول ، وأنها من العقل والاتزان ، ومعرفة الواقع الذي تعيش به ، حيث لا يمكنها التفريط بهذه الهبة الرحمانية التي جاءتها بغير توقع او انتظار
تمر السنة الأولى حيادية ، لا حرارة عاطفة من النوع الذي كانت تحلم به ، أيام صباها وشبابها ، ولا تفاهم في وجهات النظر ، او اقتناع بالآخر واحترام آرائه ، كما بين لها المقنعون ،، حين زينوا لها خصال الزوج ، والسعادة المرجوة التي ستنعم بها لو اقترنت به ،
يأتيها بعد انصرام السنة الأولى ، ويبلغها بهدوء من لا يعرفها ، ولا يبالي بالعواطف التي يمكن ان تحملها ، وكأنها جبل لااحساس به ولا شعور ، انه وجد أخيرا الحب الذي بحث عنه طويلا ، وأعياه البحث حتى ظن الا وجود للحب الا في مخيلة الشعراء والأدباء ، وانه ارتبط بها بعد ان يئس من العثور على ضالته ، لم يسمع جوابها ، ولم يكلف نفسه عناء الإصغاء الى متاعبها ، او تذمرها من هذه المعاملة المجحفة ، وهي التي اجتهدت طيلة السنة الماضية على زواجهما ان تكون نعم الزوجة الواعية المتفهمة ، طلقها طلقة أولى غير بائنة وطلب منها ان تعود برفق الى منزل أبيها كما غادرته بيسر قبل عام من الزمان
يرتبط الرجل بمن ارتضى بها القلب ، ولكن الارتباط ذاك لم يدم طويلا ، اذ سرعان ما بدت الطبائع المتناقضة والتي هي من الضخامة والكبر لايمكن إخفاؤها ، غادرت الزوجة الجديدة عش الزوجية وهي غير آسفة لانها لم تحظ بالحب الذي كانت ترجوه ، أيام قلائل ، لم تندمل بها الجراح ، ان كان ثمة جراح تنتظر الاندمال ، ويعود الزوج مرة أخرى ،، طالبا ان يعيد زوجته الأولى الى العرش الذي طردت منه ، هي ترفض قائلة انها قد نسيته وأبعدته من فكرها ، بعد ان استطاع القلب ان ينساه ، ذلك القلب الذي بقي ينشد الحب سنين طوال وهو محروم مما يرجو ، ثم ارتبط بمن أراده لها الأهل والأصدقاء
الأصدقاء كلهم يقفون ضد رغبتها ، ويطالبونها ان تعود إليه مرة أخرى ، وان تنسى جراحاتها ، وكرامتها المسلوبة ، وهي تقول كيف أعود ، لمن لم يحمل ذرة حب لي في قلبه ، وتخلى عني عند أول نداء ، وكيف أثق انه لن يكرر فعلته مرة أخرى ، متغنيا بكل امرأة يراها في طريقه ظانا انه الحب ، وهي لم تعد تراه مناسبا كي يكون رجلها بعد ان رأت معه النجوم في عز الظهيرة كما يقولون ، لقد فقدت الأصدقاء ، بعد هذا الرفض ، وأصبحت وحيدة ، يتهمها الجميع أنها لم تلب رغبة الزوج بالعودة ، وهي تسال هؤلاء اللائمين ، ( هل تظنون المراة قطعة من الجماد كي تواظب على حب من تنكر لها ونسيها ؟ ولماذا لا يحق للمراة ان تعامل الهجران بمثله ، ولماذا عليها ان تعود لمن تخلى عنها ، اليس البقاء بدون زواج افضل من العودة الى رجل لاتثق به ، وما دامت المراة غريبة في الحالتين ، لماذا لاتختار الحرية مع الغربة