بيع الجنس الشّرعي



نادية خلوف
2021 / 10 / 19

بيع الجسد ليس ظاهرة جديدة في سورية ، و تعدد الزوجات ليس بالضرورة أن يكون بوثيقة زواج رسمية ، وعندما سيطر الإسلاميون على الثورة السّورية سمّوا النساء بالحرائر ، وهي تسمية ربما دينية ، ولا تعني بشكل من الأشكا ل حرية المرأة بل الحرائر هن اللواتي يحافظن على فروجهن ، وهذا ما قصده الممول الخليجي في ترويج تلك الثقافة.
كنت في العشرينيات من عمري حينما كنت معلمة في ريف دمشق ، وفي منطقة اسمها المزاز ، وهي مرتبطة بكفر سوسة، ثم أصبحت جزءاً من دمشق ، وفي هذه المنطقة يعيش فلاحون منهم بعض الأثرياء ، في مرّة أتى أحد تلامذتي ، وقال: أختي سوف توصلك بالسيارة ،فوافقت .
فتحت لي الباب أميرة محجبة بحجاب عادي ولباس حديث، تبدو عليها النعمة، أبهرني جمالها ، دردشنا معاً ، فسألتها إن كان السائق هو زوجها ، وكان شاب أسمر جميل ، أجابتني بلا، و أنه هو ابن زوجها ، أنها متزوجة من سعودي ، وسوف يخطب الشّاب أختها ، ثم قالت لي أن زوجها في الخمسين، ولديه أكثر من زوجة ، استغربت يومها ، وكنت لا أفهم اللعبة ، لكنني سألتها : كيف تعرّف عليك؟ أجابت : من المكتب العقاري ، فهو يقوم بالواسطة ، ثم أشارت إلى معمل الاسمنت الذي يملكه والدها و الذي قدمه زوجها له. كانت الفتاة تبدو سعيدة ، فالمزاز كانت منطقة تقبل هذا.
بعد عقود من تلك الحادثة التقيت بسيدة في سكن اللجوء ، وهي من الشمال السوري ، لكنها تعيش في بلودان مع عائلتها ، وقد زوجت بناتها في سن المراهقة ، و إحداهن تزوجت رجل مسن من الإمارات ، أنجبت منه طفل ثم طلّقها، لكنها تحمل الجنسية الإماراتية ، ولها نفقة وعندها خادمة -حسب كلام السيدة،. سألتها أيضاً كيف وصل العجوز لها : أجابت أن المكتب العقاري دلّه وكان مهرها 500 ألف ليرة استلمهم والدها .
عندما كنت في الإمارات التقيت بمحامية سورية هي الزوجة الثالثة لرجل إماراتي ، التقيت ببطلة سباحة مغربية تعمل كمدربة هي الرابعة لرجل إماراتي .
الغريب أن النساء في جميع الحالات التي ذكرتها يقدّمن المساعدة الماديّة لعوائلهن كي يؤمّن مستقبل إخوتهم الذكور .
هذا عن بيع النساء ، وكان في دمشق زواج نهاية الإسبوع ، حيث تتزوج الفتاة لعدة أيام ، ويتقاسم ثمنها المكتب و الأب.
في القامشلي كانت ابنتي في الصف الخامس الابتدائي ، وتزوجت رفيقتها من خليجي في الستين من عمره، وسافرت إلى الكويت ، وعندما عادت في زيارة كانت تتنمّر على النساء لو سألوها ، وتقول زوجي سفير . ثم طلقها فتزوجت خلال أيام ابن عمها . الموضوع يتعلق بثقافة المكان، وثقافة العشيرة .
هل يوجد في سورية نساء أحرار بالمعنى الصحيح للكلمة ؟
على رأي من قال أن أخته تعود إلى المنزل في الثالثة بعد منتصف الليل ، فإنه يوجد حرية عبثية ، وليس أحرارا ، فلو أعجب أحد الضباط بها سوف يغتصبها ، أو يتزوجها شريطة أن تكون من علية القوم ، فزوجات رفعت الأسد من " العائلات الرّاقية" حسب مفهوم المجتمع . لا المرأة السورية ، ولا الرجل السّوري حرّ ، بل هما تحت الطلب للإذلال ، لكن نصيب المرأة مزدوج من النظام ومن رجال العائلة ، فتلك الجريمة التي اسمها زنى المحارم موجودة بكثرة ، ويسكت عنها أفراد العائلة .
رأيت في الإمارات سوريات تزوجن زواج متعة ، بعضهن تزوج زواج مسيار ، أو زواج مسفار. هذا يعني أن الدّعارة في سورية ليست كالدعارة في بقية أنحاء العالم . هي دعارة شرعية لا تشعر فيها الرأة بالذنب، وتتعود على الموضوع ، و آخر أوكار الدّعارة هو مكتب تعدد الزوجات حيث وضعت سمسارته علم الثورة السورية ، وتقول أن الموضوع لتمكين المرأة!
لا شكّ أن صاحب المكتب هو رجل عيّن سمسارة " قوادة " وسوف يربح الكثير من بيع القاصرات ، وهو شيء طبيعي ، ففي كل بلد يكون لشبكة الدعارة وعبودية النساء اسم ، واسم تلك الشبكة مكتب زواج يقع في المحرر . ماذا يعني المحرر؟ ومن ماذا تحرّر؟ إنّه الاستقواء ، يجب أن يسموه الأرض المغزوة بدلاً من المحرّر . في ذلك المكان الذي غزاه الاسلاميون العرب سوف تباع المرأة الصغيرة من خلال مكتب شرعي للزواج ، عليه علم الثورة السورية . هكذا تسقط الثورات ويهدر دم الشباب ، ويعود الطاغية إلى الحكم .