من يوميات امرأة محاصرة



صبيحة شبر
2006 / 8 / 23

استيقظت مبكرة هذا الصباح ، لم استطع النوم الليلة الماضية ، الحرارة لا تطاق ، والكهرباء تنقطع لساعات طويلة من النهار ، وكل الليل ، يبدو أنهم يظنون إننا لسنا بحاجة الى تلك الكهرباء النزيرة ليلا ، لأننا سوف يأخذنا سلطان الكرى بين أحضانه الدافئة ، حين نضع رؤوسنا المنهكة ، على الوسادات ، التي تحضننا بابتهاج قل نظيره ، وإننا من شدة ابتهاجنا ، من انتصارات يومنا ، وافراحه ، سوف نبعد ملك السهاد ، ان ياتي لقلوبنا المطفأة ، حاولت ان احرك بعض النسمات اللطيفة ، علها تعينني على جلب بعض لحظات النوم الهانئة الى جفوني ، ولكن عبثا ، البق اللعين يرى الفرصة الذهبية له كي ينطلق ، ليداعب وجوهنا وأجسادنا ، بقبلاته المتكررة ، أحاول ان أتلافى تلك القبلات من ان تضع رحالها على جسدي المنهك ، لكن جميع محاولاتي تذهب أدراج الرياح ، البق في منطقتنا ، معروف بقدرة عجيبة على مداعبة وجناتنا واذرعنا واقدامنا ، وهو مشهور انه يتمتع بإصرار يدعو للدهشة ، أملت وكما في كل مرة ، ان اخفف ذلك الحر الخانق الذي يطرد سلطان النوم عني ، ويجعله يحيا دائما وهو في خشية ان يقترب من أجفاني ، جررت أقدامي المتعبة ، من عناء العمل المتواصل أثناء النهار ، وذهبت حالمة ان اجد بعض قطرات الماء ، علها تخفف من شدة الهجير الذي أعاني من وطأته هذه المساءات ـ وجدت صنبور الماء ، يابسا جافا ، وكأنه لم يعرف يوما ، ما معنى ماء ، ولم يمر من خلاله ، ذلك السائل العجيب ، والحبيب ، والذي لا يمكن ان نصبر على بعاده ، من شدة العشق والهيام ، سمعت بعض العبارات من جارتي ، القريبة الى نفسي ، والتي عشت وإياها بعلاقة صداقة طويلة ، استمرت أعواما ، كنت أتقاسم واياها لحظات سروري ، وأيام حزني ومرارتي ، فكرت ان أسالها ان تمدني ببعض قطرات من الماء الشهي اللذيذ ، لأبدد به عطشي ، وأسكب منه بعض القطرات ، لتنعش جسدي ، الذي تآلفت عليه جيوش البعوض تلك الليلة المقمرة الطويلة ، وانا من شدة لهفتي ، للحصول على طلبي ، لم أفكر بالحالة الجديدة ، والتي ما أزال غير قادرة على استيعابها ، حتى هذه اللحظة ، ان جارتي ، والتي هي صديقتي ، لا يمكنني ان اذهب اليها ، فكيف أتمكن من ان استجدي منها بعض قطرات الماء التي أصبحت من الأحلام ، البعيدة عن المنال، والتي تعتبر من اكبر المستحيلات ، نسيت ان حينا والحي الذي تسكن به جارتي ، متحاربان ، ما ان يجرؤ احد سكان الحيين على الاقتراب من منطقة الحي الآخر ، حتى تسمع صوت الرصاص يلعلع ، راغبا في استئصال حياته ، فكرت أنها صديقتي ، ومن المنطقي والمعقول ان تنجدني ، في هذه الليلة الليلاء ، وتحقق طلبي ، ولكني بعد هنيئة من التفكير ، اتضح لي انها غير قادرة على تقديم العون لي ، كما أنني عاجزة ، على ان امد لها يد المساعدة ، بقيت تلك الرغبة ، مكبوتة ، في أعماق قلبي ، دون ان اتمكن من تحقيقها ، وبقيت ساكنة مقموعة ، ككل الرغبات ، المجهضة ، التي لم اتمكن من الوفاء بها وإخراجها الى النور
بقيت ساعات من الليل ، لا تريد ان تغادر ني ، ماذا يمكنني ان افعل ؟ لأنال قسطا من الراحة ، لأتمكن من النهوض نشيطة لممارسة عملي المعتاد ، ككل يوم ، فكرت ان أبدد تلك الساعات المتبقية ،، من ليلتي تلك بالقراءة ، نهضت من فراشي ، وأحببت ان أودع البق ،، الى غير رجعة ، وما ان خطوت عدة خطوات باتجاه الغرفة التي وضعت بها مكتبتي ، حتى تذكرت حقيقة ، تناسيتها في غمرة مشاغلي وتمنياتي ، كيف يمكنني القراءة والكهرباء مقطوعة تلك الليلة ، فكرت وفكرت طويلا ، لأريح جسدي المهدود ، وفكري المتعب ، وما أزال في تفكيري المضني ، ورغبتي المستحيلة ، حتى رأيت نورا ،، قد انبثق من النافذة ، أدركت ان الفجر ، يدق علينا الباب : ( هيا استفيقوا أيها الناس ، حان وقت العمل ) نهضت من فراشي ، وأسرعت الى المطبخ كي أجهز بعض اللقيمات تعينني على ابتداء يوم جديد