عن اعتصام النساء وإخفاء صور مرشحات



ريما كتانة نزال
2021 / 12 / 12

عن حجب صور المرشحات بأدوات الدعاية الانتخابية:

بادرت لجنة الانتخابات المركزية قبل بدء موعد الدعاية الانتخابية إلى وضع مدوَّنة سلوك تحت عنوان «مناهضة المساس بحقوق المرأة في الانتخابات المحلية». بذلك، وقفت لجنة الانتخابات أمام مسؤولياتها في مواجهة ظاهرة إخفاء صور المرشحات من قوائم الدعاية الانتخابية ومحاولة معالجتها.

تصدَّت المدونة لممارسات عنفية محتملة قد تتعرض لها المرأة في الانتخابات تتعلق بحقوقها الانتخابية، ومرورها على حصيلة التجارب والممارسات السلبية السابقة بما يتلاءم مع الإطار القانوني الفلسطيني، من نمط منع انتخاب او إجبار عليه؛ كما ضمنتها عديد المسائل التي اعتقدت أنه بات من الضروري الإضاءة عليها وتشكيل رأي ووعي حولها، مخصصة لموضوع إخفاء صور النساء أحد بنود المدوَّنة بتصنيفه كأحد أشكال الانتهاكات الانتخابية، معتبرة أن «حجب صور المرشحات أو أسمائهن أو ألقابهن من وثائق ويافطات الدعاية الانتخابية أو حرمانها من قبل أعضاء قائمتها أو أي شخص آخر من ممارسة الأنشطة المتعلقة بالدعاية الانتخابية، أحد الانتهاكات المكروهة التي ينبغي الاقلاع عنها».

وعلى أثر ظهور قوائم تخالف معايير المدونة قامت اللجنة المقدر لها متابعتها العملية، بإصدار قرار تلفت الانتباه إلى أنها ستمتنع عن توثيق جميع أشكال الدعاية الانتخابية التي تخترق معايير المدونة لجهة المرشحات، في سجلاتها..

لقد قامت اللجنة بعمل كل ما تقدر عليه وفق صلاحياتها المُخولة والمناطة بها. ولن يكون بمقدورها أن تعمل أكثر أو يكون لآلياتها تحقيق الإنجاز الذي تتوخاه، كوْن مُدوَّنات السلوك قاطبة محدودة التأثير إن لم تتوفر القناعة الكافية بفلسفتها، علاوة على عدم إلْزاميتها بسبب مخاطبتها الأبعاد الأخلاقية والضميرية دون اشتراطات قسرية كالقوانين.

ستؤدي المدونة دورها ووظيفتها التغييرية المؤثرة إذا ما تجاورت مع ممارسة أدوار مختلفة، منها وأهمها أداء الحركة النسائية وخاصة الأطر الحزبية لدورها في المسارعة لتصويب الوضع وإسناد المرشحات. فلا يكفي لَعْن الظلام بل التدخل لإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي، وعمل ما اعتاده العالم من الفلسطينيات.

لا بد من الانطلاق من الواقع المعقد الجديد، التغير والتراجع الفكري الذي أصاب المجتمع لأسباب ربما أصبحت معروفة، اليوم نحن بحاجة إلى الحلول والتصدي للتدهور ومنعه من التقدم، ليتم العمل حالياً وخلال الدعاية الانتخابية على إعادة صور النساء إلى وسائل الدعاية الانتخابية، واستعادة دورهن الهام في ممارسة الدعاية الانتخابية مع الجمهور، دون خوف.

ما الذي يخيف النساء وقبول استبدال صورهن أو أسمائهن بالورود أو الطمس: لا شك أن القبول بإخفاء صور المرشحات يمكن إعادته إلى أسباب مختلفة، منها أن عملية الحجب قد تمت دون معرفتهن أو استشارتهن، كما جرى عليه الوضع في إدراجهن في القوائم وفرزهن دون علم مسبق بذلك ودون مفاوضتهن على عملية الترشح، والبعض منهن تم ابتزازه من الوجهة الاخلاقية وإثارة المخاوف حول قابلية استخدام صورهن على غير الغاية الانتخابية، وبعضهن توهم أن القائمة ستحصل على أصوات أكثر في حال إخفاء الصورة.

المسؤولية تقع على الأحزاب السياسية وعلى الحكومة، وعليهم يقع العبء في الإصلاح. فالاحزاب وخاصة الوطنية والتقدمية مطالبة بإيلاء مسألة التوعية الحقوقية والمدنية اهتماما أكبر بالمسائل الفكرية المتعلقة بالديمقراطية والمساواة، كون الثقافة السائدة لم توفر قواعدهم وكوادرهم. لقد أهملت الأحزاب تثقيف وتوعية قواعدها وتوحيد صفوفها فكرياً واجتماعياً، للدرجة الذي تماهت بها مع الثقافة السائدة.

أما الحكومة ومنظمة التحرير الفلسطينية، فتتركز مسؤوليتهما وواجباتهما تجاه ثقافة المجتمع بشكل جدي أكبر واشتقاق السياسات والاجراءات اللازمة لوقف التدهور والدمار الثقافي والقيمي. مطلوب من البُنى الرسمية سنّ القوانين الضامنة لتحقيق العدالة والمساواة، حتى لا يتمدد الفكر الطالباني ويتغلغل أكثر. ولنا عبرة فيما يجري للنساء حالياً في «أفغانستان» من قمع وحجب، حيث تعرضت صور الأفغانيات المعلقة على الجدران وواجهات المحلات للتشويه كعلامة على التغيير الجديد!

قانون حماية الأسرة أيضاً:

تحرك الاعتصام الذي دعا لتنظيمه «منتدى مناهضة العنف ضد المرأة» من أمام مقر مجلس الوزراء في رام الله، إلى الاعتصام أمام محافظة نابلس، بعد قرار الحكومة عقد اجتماع الحكومة اجتماعها في نابلس. حمل الاعتصام مطلبه الوحيد ممثلاً بالافراج عن قانون حماية الأسرة المنتظر منذ ما يقارب 16 عاماً، منذ أول مسودة مقدمة في عام 2012، تبعها إعداد ووضع ثماني مسودات لم ترَ أي واحدة منهم النور، لقد استهلك إعداد المسودات القانونية وبحثها وتمحيصها ونقاشها مئات الساعات من العمل المُضني، ضاع جميعها سُدى.

وحسناً فعلت وزيرة المرأة بلقاء المعتصمات أمام مقر محافظة نابلس، لكن قراءة إجابة الوزيرة أو تصريحاتها التي أدلت بها أمام المعتصمات، يُسْتَنْتَج منها أن ليس من إفراج عن القانون في المدى القريب. حيث كانت المصطلحات المستخْدَمة من الوزيرة بأن القانون على الطاولة، أو قيامها بنقل المطالب المقدمة من المعتصمات إلى مجلس الوزراء دون طرح موقفها الخاص من صدور القانون، كان كافياً لفهم أن الأفق أمام صدور القانون بلا وضوح.

وبناءً على ما سبق من تجارب غضة، وأهمها التلكؤ في تطبيق 30% في قانون الانتخابات المحلية، مازالت الارادة السياسية غير جاهزة وغير ناضجة لحماية نصف المجتمع. وأن التذرع بعدم وجود المجلس التشريعي لإقرار القوانين لا يقنع أحداً في وضع أُقرّت به مئات القوانين خلال تجميد وحل المجلس التشريعي.

وأخيراً، إذا كان قانون حماية الأسرة من العنف المعروف بأنه لا يتعارض مع الخصوصية الثقافية والدينية في المجتمع، فماذا سيكون الحال مع قانون الأحوال الشخصية! ولتضع المرأة يديها في المياه الساخنة.