الجزء الثالث من مقال صفاء تبحث عن الصفاء



صفاء زويدي
2021 / 12 / 24

هل ماتت..
لا أظن ، لقد فقدت وعيها لاغير..
حسنا لندعها ونذهب الآن .
فجأة تفتح عينيها لتنظر نحوهم لحياة ،
لكن نظرتهم زرعت بها الكثير من الآلام ،
تذكرت كيف كانت تبكي ارجوكم دعوني و دعو فؤادي وارحموني ،
كانوا وحوشا بل ذئاب ،
فقتلت في زهر الشباب ،
لم يرأفوا بي رغم صرخاتي وغرقت في دمي الطهور
وبدأت ارقى في نسور نحو السماء وريح جلادي لتغلق عينيها وهي تستمعوا لضحكاتهم ولكن أحست شيئا يلمسها لترى أختها تلبسها ثيابها وتنزع كل مجوهراتها …
ماهذا !! لماذا !!
لترقد لساعات وبعدها تستفيق لتحاول أن تنهض لكن جسدها لم يتركها لم تستطع ،
فكل جسدها مليء بالكدمات ، ورغم ذلك ظلا تستجمع كل قواها .. تقف لتذهب الى ؟!!!..
إلى أين ؟؟؟ لا تعلم
المهم أن تخرج من هذا المكان ،
المكان الذي شهد حبها ، حياتها ، كل مشاعرها ،حبها الصادق الطهور ،
ايام فرحها التي لم تصدق ابدا انها عاشت لتسعدها ، ولكن الآن أصبح مكان خوفها ، عذابها ، ينقلب من مكان حلو الى كابوس ..
تنظر الى السماء ، لم تصدق أن الحياة جعلتها تعيش أياما حلوة لتصدمها ، لاتعلم .. لماذا تقسو عليها هكذا ..
لتتبدل نظرتها من دهشة وصدمة الى نظرة هادئة لا تبشر بالخير ابدا ..
تجوب الشوارع ،
تترنح ببطء لا تعلم أين تذهب ، تركت نفسها تخطو خطواتها لا تعلم أين ستأخذها ،
لتترك نفسها الى مصيرها المجهول ..
تتوقف لتجد نفسها أمام منزلها ،
رغم كل ماحدث معها إلا ان روحها تفضل العذاب وكأنها خلقت لأجل هذا …
تستدير وتطلق العنان لقدمها ، تجوب الشوارع ، بين الذئاب ،
ولكن لم تعد تبالي اعترضها الكثير من السكارى والشباب الطائيشين ولكنها لم تخف منهم بل واصلت طريقها بنظرتها الهادئة تلك لتقف أمام منزل مهجور ، تدخله ، تقف وراء الباب ، وتترك جسدها يسقط ببطء ، وتستند بظهرها على الباب تنظر إلى السقف في سكون ومن ثم تفترش القاع وتنام بعمق …
لتستفيق على أشعة الشمس الحافة وأصوات العصافير التي سكنت هذا البيت ، نظرت حولها باستغراب ، بيت تلفه أعشاش العناكب من كل جانب ، وأعشاش العصافير التي أخذت من النافذة والباب والمقاعد اعشاشا لها ، وكل ذلك الغبار ،
هي التي كانت تخاف العناكب ولها حساسية من الغبار قضت ليلتها كلها هنا ، ونامت ولاول مرة في هدوء تام ..
كل هذا في ليلة واحدة تنقلب حياتنا وبدون سابق انذار هكذا هي الدنيا تقسو علينا تدفعنا ، نموت ببطء تجعلنا نكرهها …
ولكن إلى متى ، ألم يأنبها ضميرها إلى الآن ، على ما حل بي وكل هذا العذاب منذ عشرين سنة وأنا أعاني ولكن كنت اقاوم وأتجاوز واقف من جديد لتأتي الآن وتترك لي وصمة كبيرة لا تمحى على مر الزمان ،
هكذا لاسقط للمرة الأخيرة ولا اقف بعدها ، لتفقدني الامل وتمدني بالخيبات والبؤس ،
لتصبح ضعيفة غير قادرة على مواجهة مرارة الحياة لتجعلني أفقد ثقتي بنفسي وتخر قوتي وافقد الصبر لك لا أتخطى هذه العقبة الصعبة ..
نعم
انا التي أعطيت ، منحت ، ضحيت ،احببت، ولكن في النهاية الحياة قابلتني بالإساءة والخيانة ..
أتعلم بماذا تشعر الان ..
أتعلم شعور عندما تريد الصراخ والبكاء ،
ولكن محاجر عينيك قد جفت ولسانك قد شل ، عندما يخذلك القدر كل امل لديك ويكسر كل مجاديف النجاة لتغرق في بحر من الضياع ..
هذا ما أشعر به الآن .
خذلتني الحياة اولا عندما ولدت في وسط عائلة كتلك
وخذلتني ثانية عندما أصبحت ابنتهم
وثالثا عندما احببت
عندما أطلقت قلبي وجعلته يحلق عاليا .
ولكن الآن ماذا حصل تحطمت احلامي كلها كل شيء بنيته حجرا بحجر في احلامي تحطم كما لو أنه جسر هنا في تونس أتت عليه الفيضانات فهدمته لتكشف غش مقاول وتحايله ،
هكذا هي احلامي بنيتها أو قد غششت فيها عندما بنية اساسا غير مكتمل متسرعة في اتخاذ قراراتي ..
لماذا ألوم نفسي ، لست أنا المخطئة ، انها الدنيا
الحياة قست عليا واعطتني دروسا اكبر مني .
هذه الحياة مقدرة ،
الله هو من كتب اقدارنا لنعيشها ، لكن هذا القدر صعب جدا كيف لي ان اتجاوز ، لقد دهست طفولتي ولطخ شرفي بسبب عائلتي …
هل الله يكرهني لهذه الدرجة ؟ ولكني لم أخطئ في حقه لو مرة ، والله كنت امتثل لأوامر اتقيد بكل شيء
أ تراني فعلت ذنبا كبيرا وهذا عقابي ..
لا لم افعل
لحظة اظن عندما نسيت يوما أن اضع دواء ابي بجانب سريره كما كل يوم ،
لكن يومها غفوة قليلا وعندما أفاق بحث ولم يجده وتدهورت حالته كاد أن يموت لولا استعجالنا ، اخذناه للمستشفى ، يومها لم أسامح نفسي وكنت مواظبة على وضع دوائه دائما ..
لا هذا ليس ذنبنا ، انا فعلت كل ما بوسعي لاجعله يحبني لكنه دمرني ..
الى متى سأظل اختبئ هنا في هذا المنزل المهجور الذي تملؤه العناكب والغبار وأعشاش العصافير..
الى متى سأهرب
انا لم اعتد على الهرب
لا يجب أن اقف أن أواجه كل هذه الصعوبات
انا وان كنت فتاة ، امرأة ، فهذا لا يعني اني ضعيفة لا لم اسمح لهم بعد ما فعله بي ان ادمر
نعم سأنتقم منهم وسيكون انتقاما رائعا
لن أدع أحدا يدعس كبريائي....