بسنت خالد ،ضحية الكيد الذكوري



سلوى فاروق رمضان
2022 / 1 / 4

بسنت خالد . ضحية الكيد الذكوري
في السبعينات طلع ( معبود الجماهير ) علينا ليخوض في عرض النساء بإسم الدين ويقول أن المرأة غير المحجبة لم تضمن أطفالك منها ! هذا الرجل لم يحاسب ولم يستهجن الناس ما يقوله ، وظهر حديثآ فتى يمشي على دربه ويخوض في أعراض النساء بإسم الدين ويحرض ضدهن ويقول عدم حجابك تعري وبدون خجل يكمل لإنك تستفزين ذكورتي ! ولم يحاسب كالعادة ولم يستهجن كلامه ، هذا وغير إننا دائما ما نسمع كلام وصم وتنميط للبنات ؛ فمن تضحك بصوت عالي فهي غير مهذبة ومن تتأخر في الرجوع لبيتها غير مهذبة وهكذا .
كل ذلك يوضح أن مفهوم الأخلاق عندنا مهترأ ، فهو نظام أنشئ فقط للنيل من النساء لتصبح سهلة الإبتزاز مهزوزة الثقة في النفس تخاف أن تأخذ حقها من متحرش حتى لا يتقول عليها ،وتخشى علي سمعتها من أن تترك نفسها علي طبيعتها تضحك مع صديقتها وهكذا يضمنوا أن تهتز صورتها أمام نفسها عن نفسها حتي لا يترك لها الفرصة في نمو شخصيتها لكي لا ترفض بعد ذلك ما يراد لها .
هذه هى وظيفة النسق الأخلاقي الذكوري لنا، وظيفة قمعية كيدية لذا يتعاطفون مع من يخرج أعضائه التناسلية ويروا له مخرج وتقتل معنويآ من تظهر خصلة من شعرها، يتعاطفون مع المتحرش ومتعتدد العلاقات وتغتال معلمات يرقصون ترفيهآ عن أنفسهن في مركب نيلي .
يسهل تمامآ إبتزاز النساء بهذه القيم الإزدواجية المهترأة ، والواضح أن كل المبتزيين يعلمون وظيفة هذه القيم ، ويعلم أن المجتمع سيكون بجانبه إذا إفترى على فتاة بريئة ، فهي الملامة دومآ وسيتيه الناس في لماذا تعرفت عليه ولماذا تكلمت معه من الأساس ولا يوجد دخان بدون نار وووو ، هو يعلم أن سهام اللوم لم تصبه ،على الرغم من وصم البنات بنقصان عقلهن ، أفلو حقآ هم يرون إنها ناقصة أيعقل أن تعاقب الناقصة أضعاف الكامل العقل ! هم لا يوصمونها بالنقصان إقتناعآ منهم بذلك بل لمجرد الحرب على ثقتها بنفسها لذا هى لها الوصم وليس لها الإعفاء من العقاب الذي يتيحه الوصم لها ، لذا أنا لا أعيب على المبتز الذي جعل الحياة تضيق علي طفلة وتقتل نفسها بل أعتب على منظومة أخلاق كاملة ليس لها علاقة بالأخلاق وعلي مجتمع بأكمله يعلم تمام العلم إن أى أحمق لو أراد التشهير ببنت لشهر بمنتهى السهولة ومع ذلك يتهامسون وينصتون للإفتراءات وينهشون مع الناهشيين في الأعراض ، فلو كانت البنت تعلم أن حقها سيرجع ولو كانت تعلم أنه هو وفقط عدوها ، لكانت وقفت وطلبت المساعدة ممن حولها ولكنها تعلم أن من حولها سينهشونها حتي لو جارها متعتدد العلاقات حشاش أو بيرتشي في العمل أو حتى جارتها لو كانت سليطة اللسان سينهشون في عرضها وسمعتها لإن كل الموبقات لا تضر بأخلاق المجتمع بل ما يضره أن تصبح البنت الصغيرة أو المرأة البالغة في أمان مطلق ،فهى لو أحست بالأمان التام فكيف يتم إذلالها وإبتزازها !
أنا لا أعتقد أن من ينهشون لحم غيرهم هم يفعلون ذلك لإنهم صدقوا ما يقال بل العكس تمامآ، كيف يصدقون وهم أنفسهم فيهم من جرب أن يلوث سمعة بنت لإنها رفضت خطبته أو طلبت الطلاق ، كيف وهم يقولون في أمثلتهم الشعبية أن شرف البنت مثل عود الكبريت أى يقرون إنه بسهولة يخدش وهم أنفسهم يخافون كلام الناس أو يفهموا خطأ منهم ،رغم أنهم لا يفعلون شيئا خطأ في نظر الناس أو كما يقولون الناس لها الظاهر أو كلامهم لا يرحم ، كل هذا يؤكد إنهم يعلمون أن بسهولة يتم التشويه وبدون ذنب ممكن تشوه بنت فلما عند وقوع الضحية نرى الناس لا يقفوا معها ؟
أعتقد أن السبب أن لسان حالهم يقول الحمد لله حدثت الفضيحة لغيري ولم تحدث لي ، ففي مجتمع يؤمن بأخلاق هشة جعل الجميع يخاف من الفضيحة وليس طالبآ للفضيلة ، لإن هذه الهشاشة تسهل أن تجرح لإي إنسان ،طبعا أقصد لإى إمرأة أو رجل بسبب سمعة إمرأة تخصه ، فالمجتمع لا يهمه شرف الرجل لذاته ويمكن الحالة الوحيدة التي يتعرض لها الرجل للإبتزاز بشكل مباشر ويقال له ديوث لو كان يحترم بنته أو زوجته أو أخته ويحترم حريتها ، فمجتمع القمع تصبح الفضيحة فيه وسيلة تسلية لذا يخوض الناس مع المبتز ليكونوا حائط خرساني ضد الضحية البريئة .

في قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات يعاقب المبتز في المادة ٢٥ لسنة ٢٠١٨ بمدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيهآ ولا تتجاوز مائة ألف جنيه ، أو بإحدى هاتين العقوبتين في حالة إنتهاك الخصوصية سواء كانت المعلومات صحيحة أو غير صحيحة ، والمادة التالية من ذات القانون تعاقب من ربط معطيات شخصية بمواد منافية للأداب بالحبس مدة لا تقل عن عاميين ولا تتجاوز الخمس سنوات. وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد عن ثلاثمائة ألف جنيه .
ولكن القانون وحده ليس الضامن علي حماية الضحايا من الكيد الذكوري المترصد لهن ؛ لإن ليس الكل يستطيع أن يبلغ خوفآ من لفت الأنظار إليهم أكثر أو ممكن تتعرض للإبتزاز بعد البلاغ قبل أن تصل للمحكمة .
الروح القديرة ترحم بسنت ومثيلاتها وتحمي الكثيرات من من عليهن الدور في هذا الأغتيال المعنوي الذي لا يرحم .