الأمهات العازبات...الحب الذي ينتهي بلعنة



هند الصنعاني
2022 / 1 / 6

لازلت المرأة تواصل حروبها في مجتمعاتنا العربية، تتحدى "الخطوط الحمراء" التي سطرها فكر متخلف، تقاتل من أجل إقصاء كلمة "تابوه" من حياتنا، المرأة العربية عانت ولازالت تعاني من مشاكل مجتمعية تُتَهم فيها بمفردها بالرغم من أن الذنب كان مشتركا، لكن ولأنها الضعيفة وتنتمي إلى عالم عربي يعيش بانفصام في الشخصية هي فقط من توضع في قفص الاتهام وتحاكم أمام محكمة ظالمة بالرغم من أن الله كان عادلا فلم يفرق بين ذنب امرأة أو ذنب رجل.
فاسدة، منحرفة، زانية وصفات أخرى عديدة أكثر تعنيف وتجريح، ناهيك عن الصفات التي تلتصق بذلك الطفل البريء ليتحول إلى "ابن حرام" فقط لأنها في لحظة ضعف أو ربما غدر حملت خارج الضوابط التي وضعوها للشرعية، لتصبح منبوذة، مهمشة ومُحتقَرة لأنها حسب فكرهم العقيم حاملة لعار أبدي لا يمحوه الدهر حتى بعد إعلان الثوبة.
بالرغم من أن مصطلح "الأم العازبة" هو مصطلح مستجد علينا كعرب لا يقتصر فقط على تلك المرأة التي أخطأت وأنجبت خارج إطار الزواج، لكن هي أيضا المرأة التي اتخدت القرار الأصعب وهو تربية الأطفال بمفردها وفضلت الكفاح من أجل توفير حياة كريمة لها ولأولادها ونجد أن العنصر المشترك هو "الرجل" ذلك الجزء الأساسي الغائب الذي اكتفى بلذة مؤقتة واختفى بدون محاسبة.
امرأة من المحيط، جاءت حاملة على عاتقها عهدا لم تتخلى عنه بالرغم من العراقيل الإجتماعية والنفسية، بل ثارت أمام المفاهيم والقواعد البالية، لقبوها مناصريها بألقاب عديدة منها المحاربة والثائرة و"ام تريز"، في حين نعتوها خصومها ب "المدافعة عن الرذيلة" فقط لأنها اختارت إنصاف فئة تعاني من التمييز، إنها السيدة عائشة الشنا التي اختارت طريقا وعرا حيث واجهت كل الأفكار المتطرفة واهتمت بمساعدة الأمهات العازبات بإنشاء جمعية لها ثقل كبير وسمعة فاضلة، تساعدهن على اكتساب مهارات مختلفة لتأمين مستقبل أفضل لهن ولأطفالهن، كما تعمل هذه المؤسسة على إعادة بناء ثقتهن بأنفسهن والسعي وراء تغيير واقعهن نحو الأفضل حيث يدخلن مطأطآت الرأس يخرجن منها مرفوعات الهامة.
التجربة المغربية التي تقودها عائشة الشنا هي تجربة إنسانية تنصف المرأة التي تظلمها المجتمعات الذكورية، حولت الذنوب التي لا تغتفر إلى أخطاء يمكن معالجتها وتجاوزها بإعادة دمجهن واحتوائهن، نتمنى أن تعمم هذه التجربة في جميع الدول العربية حتى تنال المرأة العربية جميع حقوقها بدلا من أن تعيش في صراع مع أفكار وقوانين تدفع بها أحيانا إلى الهروب إلى دول الغرب لاستعادة آدميتها التي يداس عليها في موطنها.