المرأة في الفكر اليهودي



محمد عمارة تقي الدين
2022 / 1 / 9

دكتور محمد عمارة تقي الدين
" خسر الإسرائيليون حرب أكتوبر73 لأن رئيس وزرائهم كان امرأة " هكذا برر حاخامات إسرائيل أسباب الهزيمة التي لحقت بالكيان الصهيوني في تلك المعركة، وهي مقولة تنم عن احتقار عميق للمرأة، فهي رؤية تضرب بجذورها عميقًا في التراث الديني اليهودي الذي يعتبر المرأة منبع الشر في هذا العالم، باعتبارها المسئولة وفقًا لقناعات كثير من اليهود عن الخطيئة الأولى التي وقعت فيها البشرية وكانت سببا لعذاباتها الدنيوية حين أغوت حواء آدم بالأكل من الشجرة المحرمة.
تقول التوراة في هذا الشأن: " قالت الحيّة للمرأة لن تموتا بل الله عالم أنه يوم تأكلا منه تتفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين للخير والشر، فأخذت من ثمرها وأكلت وأعطت رجلها أيضًا معها فأكل فقال الربّ الإله للحيّة: لأنّكِ فعلت هذا ملعونة أنتِ من جميع البهائم، ومن جميع وحوش البرية وقال الرب للمرأة: أُكثر أتعاب حبلك، بالوجع تلدين أولادًا، وإلى رجلك يكون اشتياقك، وهو يسود عليك" .
وفي مواضع أخرى من العهد القديم تأتي المرأة كعاهرة فيجري وصف بنات نبي الله لوط بالعهر وارتكاب زنا المحارم مع أبيهم، كما نرى زوجة يعقوب ترتكب ذات الفعل مع ابن زوجها وغيرها الكثير من الأمثلة، وسفر نشيد الإنشاد وما يضج به من أحداث جنسية مهينة للمرأة.
هكذا الحال فيما يتعلق بأمور الطهارة والنجاسة في اليهودية، فالمرأة إذا أنجبت بنتا تظل نجسة لمدة ثمانين يوما، في حين أنه إذا أنجبت ولداً تبقي نجسة لمدة أربعين يوما فقط، فقد جاء في سفر اللاويين: "إذا حبلت امرأة وولدت ذكرًا تكون نجسة سبعة أيام ثم تقيم ثلاثة وثلاثين يومًا في دم تطهيرها وإن ولدت أنثى، تكون نجسة أسبوعين ثم تقيم ستة وستين يومًا في دم تطهيرها"
وفي بعض العصور ، وكما تذهب المراجع التاريخية، كان يجري نفي المرأة اليهودية الحائض إلى مكان يطلق عليه (بيت الدناسة) ، حيث يجري عزلها به إلى أن تنتهي مدة الحيض حماية للمجتمع وحتى لا تصيب أحدًا من أفراده بالنجاسة بمجرد ملامستها له.
كما كانت الدراسات الدينية ممنوعة على النساء، يقول أحد الحاخامات القدامى: "من علم ابنته التوراة، فكأنما علمها الدعارة" ، وفي صلاة اليهود اليومية يقول الرجل : "مبارك أنت يا رب لأنك لم تجعلني لا وثنيا، ولا امرأة، ولا جاهلا" أما المرأة فتقول في صلاتها: "مبارك أنت يا رب الذي خلقتني بحسب مشيئتك" .
وفي التلمود أحد أكثر كتب اليهود قداسة تأتي العبارة التالية :" المرأة هي حقيبة مملوءة بالغائط" وعبارة أخرى تقول : "يجب على الرجل ألا يمر بين امرأتين أو كلبين" ، فالرجل في نظر التلمود يساوي مئة امرأة، كما أنه إذا سقط رجل وامرأة في البحر، فإنه يتحتم إنقاذ الرجل أولاً.
ووفقًا للنصوص الدينية اليهودية فقد جرى استخدام المرأة في الإغواء وبيع جسدها من أجل صالح اليهود العام، لذا ففي التاريخ المعاصر أعاد الكيان الصهيوني توظيفها في هذا الدور ففي الموساد استغلت كأداة جنسية لاستجلاب المعلومات عبر إخضاع الضحايا وابتزازهم جنسيا، فلا عجب إذن أن تصدر فتوى من عدد من الحاخامات الصهاينة يبيحون بموجبها ممارسة الجنس مع الأعداء بغية الحصول على معلومات إذا كان ذلك ينطلي على مصلحة وطنية.
واحدة من القضايا التي تفجرت بقوة وتدفع بهذا الاتجاه هي فضيحة وزيرة الخارجية السابقة والسياسية الإسرائيلية تسيفي ليفني والتي اعترفت مؤخراً بممارستها الجنس مع عدد من الشخصيات العربية والفلسطينية لإخضاعهم والحصول على معلومات منهم وقت عملها في الموساد الإسرائيلي.
هكذا وبفعل تاريخ طويل من الأطروحات المنحرفة حول المرأة والتي تأسست على فتاوى دينية يهودية خاطئة انتهى الحال بالمرأة في الرؤية اليهودية لأن تصبح شيئا من الأشياء ففقدت محوريتها كإنسانة وكشريك أساسي للرجل في هذا الكون، ولعل ذلك ما دعا عالم الأديان البريطاني ويليام باركلي لأن يقول مقولته الشهيرة: " كان مقام المرأة في اليهودية وضيعًا جدًا، لم تكن المرأة تعد كبشر، إذ لا تعدو كونها شيئًا من الأشياء فهي أحد ممتلكات الرجل" .