عقد الزواج وعقد الشركة



سلوى فاروق رمضان
2022 / 1 / 10

في عقد الشركة لا يوجد محاباة ولا تمييز ، عقد يتمتع أفراده بحقوق متناسبة لما قدموه، الربح والخسارةفيه مقابل المشاركة في الحصص ، وفرصة تخارج الشركاء من الشركة واحدة وبنفس الشروط ، وإستقرار الشركة والتعاملات بين الشركاء أمر يهم القانون لدرجة وضع القانون بنود لها .
في شركة التضامن مثلآ لو أراد أحد الشركاء التخارج عليه أن يعرض حصته علي الشركاء الأخرون وليس من حقه أن يرفض ويجبر شركائه علي أمر لا يريدونه ، لإن في بداية العقد كان فيه إتفاق . ووضع المشرع أركان أساسية في العقد لا تنعقد إلا به ،كشرط النية في الشراكة التي يترتب عليها وجوب المشاركة في الأرباح والخسائر وعلي هذا لو أتفق أطراف العقد على مخالفة هذا البند كإتفاق الشركاء علي مشاركة أحدهم للربح ولكن ليس عليه الخسارة هذا الشرط ما يسمى بشرط الأسد يفسد العقد بقوة القانون على الرغم وجود قاعدة قانونية تقول ( أن العقد شريعة المتعاقدين ) ، أي أن للأطراف الحق أن يشترطوا علي أنفسهم ما يشاؤون في العقد ويلتزمون به وسيحاكمهم القانون وفقآ لما إشترطوه علي أنفسهم في حدود عدم مخالفتهم القانون . هنا شرط الأسد من الحدود التي لايجوز الإتفاق علي مخالفتها !
العلة؛ لإن ذلك يتنافي مع نية المشاركة في العقد ، هذا يتنافى مع العدالة والطبيعة الإنسانية التي تكره الإستغلال ، القانون حقآ عادل في الحفاظ على أموالنا ، حتي عندما تدخل الفقهاء بآرائهم المصبوغ بصبغة دينية ، بحكم هيمنة العقل الديني علي جميع نواحي الحياة لم يعترضوا علي هذا الشرط ، بل توجد قاعدة فقهية تؤيده وهي ( الغرم بالغنم ) أو ما يعبر عنها بالنعمة بقدر النقمة والنقمة بقدر النعمة ) . فالعدالة عمياء رحمية فهي لم تفرق بين الرجل والمرأة ولا بين المسلم وغيره ، الحقيقة سواء قانونآ أو شرعآ لا غبار على إحترامهم لحفظ الحقوق المادية .
لكن أين تذهب هذه القاعدة وهذه العدالة في قانون الأحوال الشخصية ؟!
كيف المشرع في القانون التجاري يرفض شرط الأسد وفي الأحوال الشخصية يوافق عليه ؟ فعقد الشركة التي لها أهداف مادية فقط لها قيود لتحافظ عليها وعلي حقوق الشركاء لم يحظ مثلها قانون الأحوال الشخصية ، فعقد الزواج من حق طرف واحد أن يطلق ويتخارج من الشراكة الزوجية بكامل إرادته وبكل الطرق التي يحب أن يخرج بها ،فعنده الطلاق غيابي وحضوري ، شفهي وكتابي وعنده حق الرد بكامل حريته وكل هذا محروم منه الشريك الأخر ، وعلي الرغم أن كل هذا يؤثر علي موقف الشريك في العلاقة ولكن لا يوجد حماية قانونية شرعية لحفظ المركز القانوني وحقوق الطرف الأخر ، كيف لطرف له الحق أن يستبدل زوج مكان زوج والأخر لا ، بل الأخر محروم حتي أن يحفظ موقفه من التلاعب ، كيف لطرف له كل شريكة والطرف الأخر له نصف شريكه أوربعه ولو رفض الطرف الأخر الوضع المهين يتنازل عن حقوقه المادية حتي لو بعد عشرون سنة جواز مقابل حفظ كرامته من الخيانة ! فإما الخيانة أو الإستغلال المادي ، أين قاعدة الغرم بالغنم الفقهية التي تحافظ علي أموال الناس ، هنا تظهر قاعدة أخري تسمي ( الحقوق الشرعية) وهي لا تسمع إلا في الخيانة والإغتصاب الزوجي .
فهناك ( في قانون الشركات كمثال) كان الظلم ولو وافق عليه الأفراد مرفوض ،وهنا يصبح الظلم مقبول وحق سواء وافق الشريك علي ظلمه وسواء لم يوافق الشريك علي إهدار كرامته .

المشكلة ليس أن قانون الأحوال الشخصية تأخذ تشريعتها من الدين فقط الذي بطبيعة الحال يتكلم بلسانه الفقهاء ، جميع القوانين عدا هذا القانون تؤخذ بالتفكير المنطقي والقواعد القانونية المنظمة لمصالحنا بعيدآ عن دوجمائية الدين ، لإن حتي في الفتاوي أو الدراسات الفقهية هم عندهم حس العدالة ولا ينتقصوا حقوق الشركاء ولكن ما الذي يحدث في الأحوال الشخصية ، ليس مشكلة تدخل الدين فقط الثابت في مصالحنا المتغيرة ولكن من الأساس كان سبب تدخل الدين هو صفة الثبوتية والقداسة ، بمعني أي عاقل لا يمكن أن يوافق علي الخيانة الزوجية وأي خطيب مفوه لا يستطيع أن يجادلنا فيها ! ولكن عندما تدخل قدسية الدين يمنع أن تفكر وأن تقول لماذا ، لذا كان قانون الأحوال الشخصية هو الذي يؤخذ بهذه الأراء الفقهية ، فالنساء هم أخر العبيد فليس بالساهل التفريط فيهن ، ولإن إنعدام العدالة في القانون يكاد أن ينطق فمن الذي يستطيع كتمانه إلا إعطاء صفة القدسية ؟ هذا من ناحية ، ومن ناحية أخري للبحث عن الأسباب التي تجعل قانون الأحوال الشخصية هو قانون عبودي هو تعريف معني الزواج في الفقة الذي يؤخذ القانون تشريعه منه ، ( هو عقد يمتلك به الرجل مبضع المرأة ، عرفه المالكية علي إنه عقد علي مجرد متعة التلذذ بآدمية وعرفه الشافعي بإنه عقد يتضمن إباحة وطء ) .
عندما نري هذه التعريفات نستطيع أن نفهم لماذا جميع القوانين (وفي هذه المقال اتخذت قانون الشركات كمثال) تحفظ حقوق الشركاء وقانون الأحوال الشخصية الذي يترتب عليه حقوق أكثر تعقيدآ لا يحفظ فيه حقوق الشركاء بالتساوي وهو أن المرأة في نظر الأخير لا تعتبر شريكة للرجل بل هي بضع للرجل .
لكي يكون القانون أكثر عدالة يراعي الحقوق فعلينا أن نحيد الدين عنه ليس لإنه سبب المشكلة ولكنه غطاء جيد بقدسيته لمن يريد إستغلاله في قهر الأخر ، وعلينا بعد أن نعيد مفهوم الزواج لنجعله يتلائم مع إنسانيتنا ( عقد الزواج هو عقد تعاهدا فيه المرأة والرجل علي العيش سويآ بإخلاص )