الخيانة المشروعة والمكايدة الذكورية



سلوى فاروق رمضان
2022 / 1 / 19

الخيانة المشروعة والكيد الذكوري
يتم الترويج لمشروعية الخيانة بحجة فطرة الرجل ولضمان وفاء المرأة رغم تعرضها للخيانة يحتجوا بفطرتها ؛ ففطرة الرجل هي الشهوة الجامحة والتنوع في النساء وأن لا تكفيه إمرأة واحدة ، ولكن فطرة المرأة كان يجب أن يتماشوا علي نفس الخط عندما يصفوها ؛كمثلا أن يدعوا أن المرأة تسعد عندما ترى من يشاركها في زوجها ، لكي يكون في توافق بين الفطرتين ، ولكن نرى هنا يقولون فطرة المرأة أن تكون مخلصة ، فقلبها لا يسع إلا لرجل واحد ، ولا أعلم الحقيقة كيف المخلصة بالفطرة تهب إخلاصها للخائن بالفطرة !
هذه ليست حجة لقبول التعتدد ( الخيانة الزوجية ) ، الحجة المنطقية الصحيحة أن تقول هو بطبيعته خائن وهي بطبيعتها تستحمل الخيانة ، ولكن ما يتم الترويج له ليس لصالح الحقيقة لكي نتعامل بالمنطق ، كل ما يهمهم أن لا تطالب المرأة أن تعامل بالمثل ، أن لا تبحث المرأة عن أسباب يجعلها ترفض أن يكون لها رجل واحد مقابل الطرف الذي يرفض أن يكن له إمرأة واحدة ، ولكنهم لا يفكرون في كيف نوافق بين الطبائع المتناقضة كمثلآ فطرة الخيانة للرجل وإحساس المرأة بالخيانة من هذا ، فلا يهم وهل السعادة والأمان النفسي لها مهم !
لو حدث أن طبيعة جار إنه يحب السهر ويسمع الأغاني ليلآ في سماعات صاخبة ، فمن حق جاره أن ينزعج من هذا ، وهذا الإنزعاج يتوقف عليه أن يقف الجار المزعج إزعاجه ، فهنا طبيعة الرجل عندما كانت ضد طبيعة الأخر تم التوافق بين الطبيعتين ، فالأول من حقه يسهر ويسمع ما يحلوا له ولكن في حدود عدم إزعاج الأخر ، أي أن بند الطبيعة لا يكفي أن يعطيك أولوية تؤذي بها طبيعة الأخر ، وإلا كان يكفي أن يقدم المجرم ما يفيد أن طبيعته تحب القتل والسرقة ليتجنب العقوبة !

الإنسان لا يوجد لديه طبيعة تجعله خائن ولا تجعلها خانعة ولا مستغلة جنسيآ ، معظم ما يقال عليه الطبيعة هو جميع العوامل التي شكلت وعينا وثقافتنا وما نفهمه ونفسره من الدين وعاداتنا وأمور كثيرة شكلها ما رأته المجتمع مصلحة له ، فمن تربى في مجتمع لا يوجد فيه إختلاط وإذا قابلت صدفة إمرأة رجل يحمر وجهها يظن أن طبيعة النساء الخجل ، ومن ينشأ في مجتمع النساء فقط هن المسئولات عن عمل البيت والجلوس في البيت سيظن أن هذا طبيعة النساء وهكذا ، لماذا نحن نشكل وعينا بأمور ضد الطبيعة ونرى أن هذا طبيعي ، لماذا السير عكس الإتجاه ، أو لماذا لا يهمنا سعادتنا ونلوي طبيعتنا لوضع يعاكسنا تمامآ .
الحقيقة أن هذا هو المطلوب ، لوى طبيعتنا بما يحمله هذا من قهر وسهولة التحكم في الإنسان المقهور لدرجة إني أجزم أن لو كانت الخيانة أمر طبيعي فعلآ للنساء لأعلنوا العفة ، لإن الهدف ليس الشهوانية التي يجعلونها هويتهم الرجولية ، ولكن هو المكايدة في النساء ، والحجج التي تقال ليجعلوا الخيانة أمر جميل كأكذوبة زيادة نسبة النساء وغيرها هي تقال فقط لإخراص الأصوات التي تناهض هذه العادة العبودية ، ولكن تظهر حقيقة النوايا من تهديد النساء بهذه العادة أو إثارة غيرة النساء من بعضهن بالمقارنات وغيرها من السلوكيات التافهة التي أتقنها الذكوريين ، هذا الأمر مهم جداً لهم كتعويض بإحساسهم القديم الذي سبب لهم النقص من المرأة ، فالرجل في بداية تطورنا كان عليه أن ينافس رجال أخرين ليفوز بالأنثي وكانت المرأة بطبيعتها هي من تختار أيهما أصلح من الذكور الذين يتنافسون من أجلها ، هذا أدى إلي إستبعاد الذكور الغير مرغوب فيهم من الأنثي ، هذا النهج هو ما إتخذته الطبيعة في تطور الذكور وليس بسبب قهر فرضته المرأة لتدفع ثمنه ، لذا بعد الإنقلاب الذكوري وجعل الرجل نفسه مسيطرا أراد أن يعوض النقص الذي مر به وأراد أن تكون المرأة عكس الطبيعة تمامآ ، هي التي تنافس النساء الآخرين من أجل إرضائه لذا أقول هم يعنفون النساء ويرهبونهن بالعقاب الإلهي المتخيل ، ولا أمل من كلمة لو كانت هذه طبيعة النساء لما إختاروا الخيانة ، لإن المطلوب قهرهن علي عكس طبيعتهن وأستخلص أيضاً من ذلك أن من عمل الإنقلاب الذكوري والهيمنة علي الانثي كان ذكر يشعر بالنقص في رجولته لم يتطور كما الرجال لتعجب به الأنثى .
لا نستطيع أن ندرس القهر الذكوري بعيدا عن الفكر الكيدي وإحساسهم بالنقص الدفين من الإناث ، وهذا يتجلى أيضاً في محاكاة دور المرأة في الولادة ، عن طريق شخصية (أدم) الذي ولد حواء أو خلقت منه علي عكس الطبيعة تمامآ ، أو محاكاة جمال المرأة الذي يتنافسون ويتقاتلون عليه عن طريق شخصية ( يوسف) الذي يقولون إنه يمتلك نصف جمال الكون ، فكل مميزات النساء تأخذ منهن لتعويض النقص الذكوري .
أسباب كثيرة للقهر ولكن ذكرت هنا ما يبدوا لي إنه أهمها ، لنعرف أن هؤلاء قوم لا يجادلون لا بالدين لإن كل ما يريدونه منه أن يخرجوا منه بأحكام يفعلونها لمصلحتهم ، ولا يناقشون بالمنطق ، وهل يناقش بالمنطق من يريد تجهيل البنات وحرمانهن من التعليم كما في السابق! وهذا وجه واحد من أوجه الظلم التي قلت الان ، ماذا تبقي للمخاطبة مع الذكوريين هو قهرهم علي ألا يقهروا غيرهم ، فلم يتنازلوا هؤلاء طوعآ عن ما ينغص حياتنا ، بل كرهآ تعلمت النساء وكرهآ تقلدت مناصب قيادية بل الرجال أيضآ أخذوا حريتهم من مستعبديهم قهرا ، لذا جميع الحقوق سنحصل عليها هكذا .
لا يجب أن ننسي أن القهر غير واقع فقط علي النساء بل على الرجال الأحرار أيضاً لإنهم يمثلون عبئ علي الذكوريين كبير لإنهم يكسرون قاعدة ( الطبيعة الرجولية) ،التي يحلوا بث السموم من خلالها ، وما كلمة دياثة التي يطلقونها عالرجل الخارج عن منظومتهم إلا إرهاب معنوي عليه ، لذا لا خروج من هذا النفق إلا بتكاتف من يؤمنون بالإنسانية رجالا ونساء.