شيخ المخازي يقف أمام جلالة المرأة



محمد قاسم علي
2022 / 2 / 11

أن شخصاً أنتهك طفولة أبنته القاصر أنتهاكاً صارخاً، مٌلقياً أياها الى معترك الحياة مٌكرهة تحمل حملاً ثقيلاً من المسؤولية تحت وطاأة ما يسمى الزواج "ستر" و هو في واقع الحال أغتصاب و سرقة للطفولة. ذاته ذلك الشخص الذي الذي حرم أبنته من حق التعليم، التعليم الذي يمكن أن يكون هو السبيل للخروج من الانفاق المظلمة، و شق الطريق نحو آفاق واسعة. يمكن من خلالها أن تكتسب بعض المؤهلات الأساسية لمواجهة معترك الحياة. إن شخصاً كهذا الذي يدعي الابوة و هو يحمل تلك الملكات الفكرية الرجعية التي بدورها تقضي على الطفولة و تعمل على هدم هيكل الأسرة ، لا يمكن لهذا الشخص بأي حال من الأحوال أن تجده على سبيل المثال في مظاهرات تطالب بحقوق المرأة ، لأنه في واقع الحال موغل بالجريمة ، الجريمة المتمثلة بأمتهان المراة و أستعبادها.الجريمة المتمثلة بنظرته الدونية للمرأة.
شريحة واسعة من المجتمع العراقي تحمل أفكار مقرفة على أعلى المستويات ، يمكن أن تصنف تلك الأفكار بالقذرة هذا على أقل تقدير. على سبيل المثال مقولة "المرأة ناقصة عقل و دين" سمعتها في العديد من المناسبات يالها من مقولة حقيرة تثير الإشمئزاز، أن من يتبنى هكذا قُبح هم مجموعة من الأوباش يستندوا على موروث قديم و مٌظلم ملئ بالأنتهاكات. العجيب في الأمر الشريعة المٌظلمة لتلك الحقب الغابرة بكل ما تحمله من إنتهاكات يمكن أن تتجذر في المجتمع الذي يعيش في القرن الحادي و العشرين. هكذا موروث أوغل في الأنتقاص من المرأة سابقاً و أتمرت هذه الانتهاكات الى وقتنا الحاضر. مؤخراً رمى شخص قميْ بتلك الكلمات على مسامعي ، "المرأة ناقصة عقل و دين" ويضيف موغلاً بالسفالة بأن المرأة مهما قرعت زوجها فأنها في نهاية المطاف ستلقي بنفسها تحته في الفراش، أشارة منه الى الحاجة الجنسية ، أي أن من وجهة نظره بأن المرأة خٌلقت للإستخدام الجنسي. بذلك هو يجرد المرأة من المشاعر و الأحاسيس و الكرامة و القيمة الانسانية العظيمة و بأنها تملك فرادة لا يمكن التجاوز عليها او أنتهاكها خاصيتها بأي شكل من الأشكال. أن أستمرار مثل هكذا تجاوزات يستند الى الشريعة الإسلامية التي تقف بدورها عائقاً امام كل محاولة لتشريع قوانين تحمي المرأة و بالتالي تغيير الموروث الذي ينتقص من كرامتها.
أخلاق الصحراء هي المتجذرة في المجتمع الى حد بعيد، العجيب في ان أولئك الشخوص القميئية و أن تغير عليهم المكان إلا أن الموروثات الوضيعة دائماً ما تكون ثابتة في ذهنيتهم. الأمم الأخرى سنت قوانين وضعية حديثة من خلالها أعطت جزء من حقوق المرأة و أن كانت تلك الحقوق متفاوتة حسب تشريعات و قوانين الدول المختلفة. الى أن الأصلاحات في الدول التي تحترم حقوق الإنسان جارية على قدم و ساق و بأستمرار. على النقيض من المجتمعات التي يكتنفها الجمود الفكري و التعصب القبلي التي ترفض الأعتراف بالآخر و تمعن في أمتهان كرامة الأنسان بشكل عام و المرأة بشكل خاص.
يذكر أن الحطيئة كان أحد الهجائين العرب الكبار كان أن لم يجد شخصاً يهجوه فيقوم بهجاء نقسه ، تنسب للحطيئة الأبيات التالية يقال أنه هجا فيها أباه:
فنعم الشيخ أنت لدى المخازي و بئس الشيخ أنت لدى المعالي
جمعت اللوم لا حياك ربي و أبواب السفاهة و الظلالِ
وجدت في هذه الأبيات الرد المناسب على الكلام المنقوص من ذلك المنقوص الذي تفوه بها. ليس عليّ الإستطراد بأن الحركات النسوية و منظمات حقوق الإنسان و أحزاب اليسار الشيوعية و أحزاب اليمين الليبرالية، بمجملها و بمختلف مشاربها عجزت عن الوقوف أمام التيارات الأسلامية، ليس ذلك فحسب بل أيضاً عجزت عن اجراء التغييرات اللازمة لكي تضمن حقوق المرأة، يعزى السبب الى ان طبيعة المجتمع القبلي تجهض تلك المحاولات بطابع الحتمية، أن عادات القبيلة راسخة و متجذرة بعمق أكثر أيغالاً في التأثير من الواعز الديني ذاته.
على النقيض من ذلك في الجانب الآخر في البلدان التي تسعى نحو التغيير الى الافضل وتبحث عن الرخاء، دائماً ما يكون في تلكم المجتمعات دوراً بارزاً و قيادياً للمرأة و تكون العلاقة طردية بين ضمان حقوق المرأة و مساواتها في الحقوق و الواجبات مع الرجل و أحترام كيانها و قدسية فرادتها كأنسان مستقل في كينونته و بين النمو و الأستقرار و الرخاء للمجتمع و الدولة و للأمة باكملها،. هنا نعود بتفكير دائري مضمونه أينما وجدت تلكم الأفكار الرجعية في أي مجتمع وجدت أيضاً بالضرورة أسباب البؤوس و الشقاء على مستوى الأفراد و المجتمع.
من أين لذلك القزم الذي يجرم بحق أبنته و المرأة بشكل عام، من أين له القدرة على السماح للأبيات النبيلة للشاعر أحمد شوقي أن تلامس ظميره، تلك الأبيات حينما شبه بها الأم بالمدرسة التي أن تمت رعايتها و أعدادها و الاهتمام بها ستنتج شعباً طيب الأعراق.
في نهاية المطاف يبقى للدور الذي يبذله المثقف فاعلاً في مكافحة تلكم الأفكار و الوقوف أمام تلكم الشراذم من الناس.