الفصل الثامن: من شباط/فبراير إلى تشرين الأول/أكتوبر: “لن نسلم حقوقنا على طبق”(56)



جودي كوكس
2022 / 2 / 28


Olga Rozanova, The Factory and the Bridge, 1913
الفصل الثامن من كتاب ثورة النساء: روسيا 1905-1917


يوم 21 نيسان/أبريل عام 1917 اعتصم جمعٌ من العاملات في قطاع النسيج ضد الحكومة المؤقتة، مطالبات بالخبز وبوقف الحرب. تعرضت العاملات المضربات لتشبيح من مناصري الحكومة [اليساريين] من الجهة الأخرى من الشارع: “شراميط بلا شرف” و”جاهلات” و”نساء من دون ثياب داخلية”. ردت إحدى المتظاهرات: “أنتم ترتدون قبعات صنعناها بأيادينا!” فاندلع اشتباك استعملت فيه دبابيس القبعات كسلاح.(57) هذا الاشتباك الصغير يلخص فشل الحكومة المؤقتة بتأمين ما طالبت به العاملات: الخبز والسلام. خلال الصيف، تلاشى الدعم الذي حصلت عليه الحكومة لصالح السوفيتات، وذاك الذي حصل عليه الاشتراكيون المعتدلون لصالح الثوار.

كانت الجماهير في بتروغراد وموسكو مغتبطة بالحرية الجديدة بهدف تنظيم الاجتماعات والنقاشات والتنظيم. مع ذلك، كانت كولونتاي على حق عندما أعلنت أن النساء لن تحصل على حقوق وتسلمها على طبق. تراجعت الحكومة المؤقتة عن وعودها حول إعطاء النساء حقهن بالتصويت. العديد من الرجال، وخاصة في القرى، عارضوا إعطاء النساء حقهن بالتصويت لأنهم فزعوا من أن هذا الحق سيعطي النساء الثقة لمقاومة معاملتهن كالحيوانات. إحدى التقارير المقدمة إلى الدوما سجلت قول أحد الفلاحين: “تحرضون نساءنا، بعد ذلك لن يتعاطين مع أعضائنا الجنسية”.(58) جادل بعض الرجال اليساريين أن النساء رجعيات ومحافظات للغاية لذلك يجب منعهن من التصويت.

عادت ألكسندرا كولونتاي من المنفى إلى روسيا في شهر آذار/مارس وفوراً انكبت على تنظيم حملة من أجل الحق التصويت العام. “ولكن أليس علينا نحن النساء، مع قلقنا من الجوع، والفوضى من الحياة في روسيا، ومن الفقر ومن نتائج الحرب الكارثية، اللواتي أفقنا غضب الشعب؟ وأليس نحن النساء من كان أول من نزل إلى الشوارع بهدف النضال مع أشقائنا من أجل الحرية، وحتى الموت من أجلها؟”(59) بعد مظاهرة جمعت أكثر من 40 ألف متظاهرة، قررت الحكومة منح النساء الحق بالتصويت في شهر تموز/يوليو عام 1917. مع الإشارة إلى أنه في انكلترا منحت النساء اللواتي يفوق عمرهن عن الـ 30 سنة الحق بالتصويت في السنة التالية [1918]. لم تحصل النساء الانكليزيات على الحق بالاقتراع العام حتى سنة 1928.

بعد ثورة شباط/فبراير، ازداد عدد النساء اللواتي توقفن عن الانتظار في الصفوف بهدف الحصول على الإصلاحات. إنما بدأن بتولي المسألة بأنفسهن عبر انتزاعها. فعمال المصانع الضخمة في بتروغراد لطالما عرفوا بأنهم محركو الثورة. ولكن، عنت قوة الحركة أن العمال غير المنظمين انتقلوا بدورهم إلى النضال، بحيث وجدوا الثقة للمطالبة بالاحترام وبظروف عمل أفضل.

في بتروغراد، لاحظ مواطن بريطاني أن عاملتين في الخدمة المنزلية عنده كانتا “تمضيان ساعات عند زاوية شارع نيفسكي بروسبكت للاستماع إلى المحرضين يخطبون عن المساواة والعدالة. بعد عودتهن إلى المنزل، أخبرتاه وزوجته أنهما في المستقبل ستذهبان إلى السينما كل ليلة وأنهما ستعملان عنده فقط 8 ساعات باليوم.”(60) بعض العاملات في الخدمة المنزلية طالبن بحقوقهن جماعياً وأضربن. أعلنت جريدة الحزب البلشفي، البرافدا، كيف أن اجتماعات الحزب كانت تجمع الكثير من الناس الذين تصل أعدادهم إلى خارج مراكز الحزب في الشوارع. كتبت إحدى النساء: “الرفيقات الخادمات، نحتاج إلى قاعة أكبر!” شكلت النادلات نقابة واستعملن جريدة البرافدا لطلب الدعم من “كل الرفيقات اللواتي يعملن كنادلات في بتروغراد”.(61)

لاحظت بعض البلشفيات إمكانية كبيرة في تلك الإضرابات وأرادت تطوير طريقة جديدة لبناء الدعم لتلك النساء. لم يوافق الجميع في الحزب البلشفي معهن. اعتقد العديد من القادة الاشتراكيين/ات أن تنظيم أولئك النساء بشكل منفصل عن الرجال سيمثل تهديداً لوحدة الطبقة العاملة. اقترحت كولونتاي إنشاء مكتب نسائي لتنظيم النساء حول حقهن، الجديد المكتسب، بالتصويت في الانتخابات. لكنها خسرت في مؤتمر الحزب ببتروغراد في نيسان/أبريل عام 1917. وصفت كروبسكايا كيف أن عدائية الرفاق قد حدّت من قدرتها على محاولة تنظيم الاجتماعات للنساء المهاجرات العاملات في مهنة الخياطة. كان الرجال يأتون إلى الاجتماعات لمقاطعة وتشويش الحاجة إلى اجتماعات منفصلة للنساء.(62) لم تتبنَ كل العاملات الثورة. وعندما وجدت كولونتاي أن أكثر النساء تعرضاً للاستغلال هن الأكثر محافظة استشارت لينين الذي قال لها: “لا تقلقي إذا كان الأكثر تعرضاً للاستغلال هن الأكثر محافظة”. “حياتهن ستكون الأقسى وهن أول من سيفهم ماذا يريد البلاشفة”.(63) بفعل الضغط النسائي المتنامي نتيجة نضاليتهن، أصبح الحزب أكثر فأكثر مؤيداً لفكرة تنظيم العاملات وزوجات الجنود. كانت استراتيجية ساهمت في كسب الدعم الحيوي للحزب البلشفي.

يوم 1 أيار 1917، بدأ إضراب حوالي 4000 عاملة في مغاسل الثياب في بتروغراد. كانت العاملات هناك عرضة لاستغلال شديد، بحيث كن يعملن 14 ساعة عمل، ويقبضن القليل في ظل ظروف صحية بالغة السوء مسببة لهن الأمراض مثل الروماتيزم. طالبن بيوم عمل من 8 ساعات ورفضن أوامر الحكومة المؤقتة للعودة إلى العمل، واخترن بدلاً من ذلك إشعال غسيل المدينة بهدف تسخين المياه. واحدة من قادة الإضراب كانت البلشفية آنا ساخاروفا. إذ دعت ألكسندرا كولونتاي إلى التحدث إلى المضربات وشجعت كولونتاي البلاشفة للاعتراف بالأهمية السياسية لهذا الإضراب من خلال نشر سلسلة من المقالات في جريدة البرافدا.

وقفت كولونتاي إلى جانب المضربات خلال أيام الإضراب، وشجعتهن على رفع شعارات البلاشفة المناهضة للحرب إلى مطالبهن لفترة من النهار. نشرت البرافدا آخر أخبار الإضراب، ودعت إلى دعمه مادياً، كما نشرت أسماء غير المضربات. نظمت البلشفيتان كاترينا شالاغينوفا ولادفيغا نيتوبسكايا نقابة لعاملات مغاسل الثياب في الحي حيث تسكنان، في حين نظمت كولونتاي نقابتهن على مستوى المدينة. استمر إضراب العاملات لشهر إلى أن استسلم صاحب العمل. فكتبت كولونتاي مقالاً في جريدة البرافدا بعنوان: “على خط النار”، حاججت فيه أنه يجب التوقف عن “نعت النساء بأنهن الجزء المتخلف والجاهل من الشعب”.(64) أثبتت العاملات أن العمال غير المنظمين وغير المهرة يمكنهم/ن القيام بنضالات جماعية وهزم أصحاب العمل. كشفت نضالية العاملات تنامي التململ من الحكومة المؤقتة وتزايد الوعي السياسي عند العاملات.

وكانت زوجات الجنود مجموعة أخرى من النساء اللواتي لعبن دوراً رئيسياً في أحداث عام 1917. انتشار الاستياء من الحرب كان عاملاً أساسياً في الثورة. عام 1917، كان 15 مليون روسي يقاتل في صفوف الجيش، قتل 1،8 مليون، وجرح 4 ملايين واعتقل 3 مليون جندي. فشلت الحكومة المؤقتة في وقف الحرب وبدلاً من ذلك شنت هجوم حزيران/يونيو باسم الثورة. وكان هجوماً كارثياً. تزايد نفوذ البلاشفة لأنهم كانوا الحزب الوحيد الداعي إلى وقف فوري للحرب.

أقصيت زوجات الجنود من الحسابات الرسمية لعام 1917. وصفن من معاصريهن ب”فئران عمياء”، غير قادرات على فعل أي شيء ما عدا ترجي السلطات طالبات المساعدة منها. تمحور تعاطف الصحافة الديمقراطية مع أولئك “الفقيرات الأميات” لأن النساء [بحسب تلك الصحافة] يفتقرن للآراء السياسية ويتصرفن فقط وفق غريزتهن. ووصفن بغير المسيسات، ويطلبن الشفقة والرحمة. رفض السياسيون والصحافيون الاعتراف بزوجات الجنود كقوة سياسية لهن ملء الحقوق. (65) وعندما عبّرن عن تطلعاتهن الثورية كان ذلك دليلاً إضافياً على “وعيهن المظلم”.(66)

كانت زوجات الجنود مجموعة متنوعة من النساء ولكن وحّدتهن معاناتهن؛ مثل: انخفاض مداخيلهن وارتفاع أسعار الغذاء والوقود وارتفاع الضرائب. نظمت زوجات الجنود النقابات المحلية. بعض السوفيتات أطلقت مثل تلك النقابات ودعتهن إلى إرسال المندوبات، في حين أطلقت بعض النقابات الأخرى من قبل النساء أنفسهن. قادت بعض زوجات الجنود تلك النقابات. تعلمت زوجات الجنود كيفية التنظيم الجماعي وكثيراً ما حققن مطالبهن. في هذا المسار، تخلين عن خنوعهن وزادت نضاليتهن أكثر فأكثر. خلال صيف العام 1917، انتقلت أعداد متزايدة من دعم الاشتراكيين المعتدلين باتجاه البلاشفة، عاكسة بذلك التطورات السياسية الجارية في الطبقة العاملة بشكل عام.(67)

حملة التطويع الجماعية للروس عنت أنه بحلول العام 1917 كان هناك حوالي 36 مليون روسي يطالب بالدعم من الدولة. بدءاً من عام 1912، كانت زوجات الجنود تستطيع نيل دعم الحكومة، ولكن النساء غير المتزوجات بحسب الكنيسة الأورثوذكسية أقصين من هذا الحق. أنهت الحكومة المؤقتة هذا التمييز ومنحت التقديمات للزوجات المساكِنات وأولادهن، ولكنها لم ترفع من قيمتها. وعندما ردت النساء على عدم زيادة الحكومة المؤقتة من قيمة التقديمات حصل نزاع أيديولوجي بشأن ولائهن، ومرة جديدة، كانت النسويات بوجه ألكسندرا كولونتاي. نظمت النسويات مظاهرات شجعت خلالها زوجات الجنود على حمل لافتات مؤيدة للحرب. ورداً على ذلك، أخذت كولونتاي مبادرة تنظيم مظاهرة أخرى. يوم 11 نيسان/أبريل، سارت حوالي 15 ألف زوجة جندي باتجاه سوفيات بتروغراد مطالبات برفع قيمة التقديمات وبوقف الحرب.

شهدت الفترة الممتدة بين ثورة شباط/فبراير وتشرين الأول/أكتوبر تنافساً بين الحكومة المؤقتة والسوفيتات على السلطة. خلال تلك الأشهر، رأت الحكومة المؤقتة أن سلطتها تتراجع أمام قوة السوفيتات، التي كانت تقوم على الديمقراطية المباشرة في أماكن العمل بدلاً من البرلمان. وكان ذلك بالغ الدلالة على الرغم من كون الحكومة المؤقتة كانت المشرعة الرسمية، سارت النساء باتجاه السوفيت. لأنهن شعرن أين تكمن القوة في المجتمع. فخرج رئيس السوفيات، المنشفي دان، وقال للنساء: “لا تطالبن بالمزيد من المال، إنما طالبن بوقف الحرب”. فقاطعته كولونتاي باستياء: “ما هذا الكرم الآتي من منشفي!”(68) عندما منعت من حقها بالخطابة أمام النساء، نظمت كولونتاي اجتماعاً مرتجلاً. ودعت النساء إلى تشكيل منظمة بحيث يستطعن إرسال مندوبات عنها إلى السوفيات. إثر الاجتماع تأسست منظمة مثلت مجمل المدينة تحت اسم نقابة زوجات الجنود، في شهر حزيران. وهيمن البلاشفة عليها.

كذلك كان لزوجات الجنود تأثيراً كبيراً خارج العاصمة. في كازان، خلال شهر أيار/مايو 1917، نصحت الزوجات المجتمعات برفع مطالبهن إلى السوفيات المحلي. فاتجهت المجتمعات إلى السوفيات، الذي كان مجتمعاً بدوره. أرسل السوفيات ممثلاً عنه لتهدئة النساء، والطلب منهن انتخاب ممثلة عنهن إلى السوفيات. وافقت النساء على ذلك، ولكنهن لم يتفرقن لا بل سرن في شوارع المدينة حاملات اللافتات. أجبر السوفيات على عقد اجتماع عام في الأسبوع المقبل. دام الاجتماع حوالي 4 ساعات بحيث انتهى الساعة 1 بعد منتصف الليل. ففازت النساء بحقهن الحصول على الوقود الرخيص ووجبات طعام مدعومة السعر من المقهى المحلي. (69) في مقاطعة خيرسون، صادرت زوجات الجنود الحبوب من خلال التوجه إلى بيوت الأغنياء وأخذ ما اعتبرنه عادلاً. “لم يشأ تاجر الطحين بيعه بأسعار متهاودة، فتعرض للضرب من عصبة من زوجات الجنود، وعندما سارع مسؤول الشرطة المحلية لمساعدته، نجا من نفس المصير بشق النفس”.(70)

دفع النضال والتنظيم العديد من زوجات الجنود إلى السياسات الاشتراكية ولعبت النساء دوراً مهماً في الحركة الثورية على المستوى المحلي.(71) يفسر تقرير من الشرطة حول اجتماع لزوجات الجنود في تامبوف أن الأخيرات كن تقريباً مؤيدات للبلاشفة بسبب موقفهم المستمر المعارض للحرب فضلاً عن نضالهم من أجل وقفها فوراً. قالت ليبرالية، قادت لجنة إغاثة زوجات الجنود في فيبورغ الراديكالية، لكروبسكايا: “إن النساء “لا يثقن بنا”؛ كن غير راضيات بكل ما نفعله؛ هن يؤمن فقط بالبلاشفة”.(72) وجدت القياديات البلشفيات الإمكانيات في زوجات الجنود. ومَن كان أفضل من يحمل الحجج الاشتراكية إلى داخل وحدات الجيش أكثر من زوجات، وشقيقات وأمهات الجنود؟ تتذكر كروبسكايا: “أول من نشر التحريض البلشفي بين الجنود كانت بائعات بذور دوار الشمس والسيدر…، الكثير منهن كن من زوجات الجنود”.(73)

أرادت البلشفيات التعبير عن الراديكالية الجديدة بين النساء وكسبهن إلى السياسات الاشتراكية. وأفضل وسيلة لذلك كانت الجريدة التي أطلقت عام 1914 وأقفلتها الرقابة. فقررن إعادة إطلاق جريدة البلشفيات: رابوتنيتسا، وصدر العدد الأول يوم 10 أيار/مايو 1917. كانت قد عادت البلشفية فيرا سلوتسكايا إلى بتروغراد في شهر آذار عام 1917. أدركت أن الإمكانيات متوفرة في العاملات اللواتي التقت بهن وأقنعت لجنة بتروغراد السماح بطبع الكتيبات التي تستهدف بشكل خاص النساء. وهكذا، مع عودة القيادات النسائية إلى روسيا بعد ثورة شباط/فبراير، كانت الأرضية جاهزة لإعادة إطلاق جريدة رابوتنيتسا.

فور صدور العدد الأول من جريدة رابوتنيتسا بيع منها 40 ألف نسخة. كانت مظاهرات رابوتنيتسا تفيض بعشرات الآلاف من العاملات. وأصبحت في صلب عمل الحزب بين النساء. وصلت الجريدة إلى عشرات الآلاف من النساء. نقرأ في إحدى افتتاحيات الجريدة: “الحزب الاشتراكي الديمقراطي هو الحزب الوحيد الذي يطالب بالمساواة للنساء ويناضل من أجل تحقيق ذلك”.(74) هاجمت الجريدة القيادات النقابية الذكورية بسبب ممارستها لسياسة تمييزية بحق النساء. تقول رسالة عاملة مصنع أن التصرفات القروية ما زالت موجودة داخل المصانع. فالعمال الذكور، كتبت: “كلهم لفظياً مع المساواة في الحقوق، ولكن عندما يحين موعد الجد يبدأون بالقول إن الدجاجة ليست عصفوراً، وأن البابا [الفلاحة] ليست إنسانة”.(75) كانت الجريدة منصة لمطالب النساء في وقت كانت تدعو إلى الوحدة بين العمال والعاملات. كتبت كونكورديا سامويلوفا: “إذا كانت النساء قادرات على تسلق السقالات والقتال على المتاريس، إذاً، هن قادرات على أن تتساوى في العائلات العمالية وفي المنظمات العمالية”.(76) وأشارت افتتاحية أخرى: “الزمن ولّى عندما كان نجاح المسألة العمالية يقرره فقط الرجال المنظمون”.(77)

جمعت الصحيفة بعض العظيمات في الحركة البلشفية، نساء مصممات على أن تحرر النساء يجب أن يكون في صلب الثورة الاشتراكية. ومن بينهن ناديا كروبسكايا، وإينيسا أرماند وكونكورديا سامويلوفا وآنا وماريا أوليانوفا. ألقت كروبسكايا الخطابات في اجتماعات مختلطة ضخمة في منطقة فيبورغ؛ وقامت أرماند بالأمر عينه في موسكو.

كانت سامويلوفا تحرر رابوتنيتسا إلى جانب كلاوديا نيكولايفا وبراسكوفيا كوديللي. كتبت الكثيرات من العاملات وبعض الرجال في الجريدة. كانت جريدة شعبية عززت من التزام البلاشفة بتحقيق المساواة للنساء.

لكن رابوتنيتسا كانت أكثر من مجرد جريدة. كانت المركز التنظيمي للنضال البلشفي بين نساء بتروغراد. كانت رابوتنيتسا داخل الشبكات، تجمع المعلومات وتنظم الاجتماعات ومدرسة للمحرضات. دعت كونكورديا سامويلوفا مجموعات رابوتنيتسا إلى إرسال مندوبات عنها إلى السوفيتات، بناءً على اقتراح لينين. كما عززت رابوتنيتسا من علاقة النساء بالحزب البلشفي. موِّلت الجريدة من أجور العاملات؛ على سبيل المثال، تبرعت ألكسندرا روديونوفا، مشغّلة الترام، بأجر ثلاثة أيام عمل للجريدة. خلال شهري أيار/مايو وحزيران/يونيو، نظم البلاشفة سلسلة من مسيرات رابوتنيتسا ونظموا المدارس وشجعوا على تكوين كوادر جديدة من المناضلين تحت شعار: “تسقط الحرب، يسقط الغلاء”. عندما تحول الغضب إلى إضرابات وأعمال شغب في بتروغراد في تموز/يوليو 1917، استطاعت الحكومة المؤقتة إلقاء اللوم على البلاشفة واتهمتهم بأنهم جواسيس لألمانيا. واستغلت الحكومة الوضع حتى شنت حملة قمعية ضد الثوار، واعتقلت الكثيرين منهم واضطر آخرون إلى الاختباء. عندما اعتقلت كولونتاي، دعا اجتماع للعاملات في الخدمة المنزلية إلى مظاهرة جمعت ألف متظاهرة. خلال الحملة القمعية في شهر تموز/يوليو، لم تنظم أي مظاهرة، لكنها عادت في شهر آب/أغسطس. شارك حوالي 5 آلاف متظاهر في مظاهرة آب/أغسطس حيث طالبوا بإطلاق سراح السجناء البلاشفة. كما طالبت مظاهرات أخرى بوقف الحرب.

عندما شنت الحكومة المؤقتة الهجوم العسكري الكارثي في شهر تموز/يوليو عام 1917، نظمت رابوتنيتسا اجتماعاً أممياً موسعاً دعت فيه إلى معارضة المذابح الإجرامية للحرب وإلى تضامن العمال في كل أنحاء العالم. تلا ذلك عدد كبير من المظاهرات المحلية. تمكنت هذه الشبكات من تسييس النساء المُحرضات في أماكن عملهن وأحيائهن وخلقت شبكات من الاشتراكيين. ساعدت رابوتنيتسا على تمهيد الطريق إلى ثورة تشرين الأول/أكتوبر.

الهوامش:

56. Porter, Alexandra Kollontai, p.242.

57. McDermid and Hillyar, Midwives of the Revolution, p.159.

58. Sarah Badcock, ‘Women, Protest and Revolution: Soldiers’ Wives in Russia 1917’, International Review of Social History, April 2003, (Cambridge, 2003), p.11.

59. Miéville, October, p.94.

60. Rappaport, Caught in the Revolution, p.147.

61. Porter, Alexandra Kollontai, p.251.

62. Clements, Bolshevik Women, p.101.

63. Porter, Alexandra Kollontai, p.252.

64. Ibid., p253.

65. Badcock, ‘Women, Protest and Revolution’, p.27.

66. Badcock, ‘Women, Protest and Revolution’, p.23.

67. Ibid.

68. Porter, Alexandra Kollontai, p.251.

69. Badcock, ‘Women, Protest and Revolution’, pp.22-3.

70. Miéville, October, p.115.

71. Badcock, ‘Women, Protest and Revolution’, p.2.

72. McDermid and Hillyar, Midwives of the Revolution, p.163.

73. Ibid., p.165.

74. Clements, Bolshevik Women, p.105.

75. Ibid., p.133.

76. Ibid., p.132.

77. Ibid.