أحقاً أن للمرأة عيد؟



فلورنس غزلان
2022 / 3 / 7

أ
المرأة المقتولة، الموؤودة، المغتصبة ،المعتقلة، المُغيبة، المنفية،المقموعة، المضطهدة، المقهورة ، المُستَلبة، والمُستَعبدة، هذه هي المرأة في معظم البلدان العربية والإسلامية وكافة دول العالم الثالث المتخلف المحكوم من العسكر أو الديكتاتوريات الوراثية ، حيث يسيطر طاغوت العصا والسلطة السياسية ــالمجتمعية التي لاقانون فيها يعدل ويساوي تحكمها قوانين الغاب ، قوانين تميز بين الجنس والانتماء الأسري أو المادي ،قوانين لاهم لها سوى الحاكم باسم الله أو اسمه ، قوانين لاترى في المرأة سوى " شيء، موضوع للجنس، للتكاثر ، يد عاملة بلا أجر...".
وحين يُعلون من قدرها ويتفضلون عليها بمنحها صفة أو لقباً يعطيها قيمة فقيمتها تصبح نوع من" الاستلاب الإيجابي " ــ إن صح التعبير ــ فهي الأم المتفانية، الرؤوم، الوفية لزوجها الراحل، التي تتحمل شظف العيش ،تصبر على مرضه وعجزه ،ترعاه وترعى الأسرة ناسية نفسها وجسدها وإنسانيتها كبشر، تظل على هذه الصورة تحت المراقبة لمسلكها كي لايشذ عن قواعدهم" الشرفية "، ولا ننسى أن اسمها يُمحى ويُنسى في بعض البلدان لتصبح أم فلان أو فلانة، أو زوجة فلان وشقيقة علان ، ولا تعرف مجتمعياً إلا بهذه الصفة، هي نكرة يلصقون عليها طابعاً آخر في الظاهر يحمل معنى الاحترام والتقدير وفي الخفاء هو مسح لوجودها وكينونتها، لابد أن تلحق بذكر ما حتى يكون لها دور مجتمعي، مملوكة للأب والأخ ثم للزوج ، هي مخلوق يقبع أسفل السُلم الاجتماعي، محكومة لاتحكم، موروثة لاترث، وإن حصل فلها نصف ماللذكر، تدير شؤون البيت وتتحمل مسؤولية الأسرة حين يغيب الرجل، لكنها لاتملك حق القرار على ولدها أو ابنتها، فللعم والخال حق يفوق حقها...بل وحتى الابن يصبح أمام القانون والمجتمع " رب الأسرة وبعلها" ، وحين يقال أن راي زوجة فلان يعلو على رأيه، فاعلموا أنها كي تصل لما تريد لابد لها من استخدام الأساليب الأنثوية الاغرائية والطرق الملتوية التي تدنيها إلى مستوى اللُعبة والموضوع الجنسي، تشعل رغباته لتمرر بعض القرارات والآراء.
هي حَرثُ الرجل يأتيها ويطالبها بما يقول عنه " حقه الشرعي " ألم يقل القرآن الكريم "نساؤكم حرثٌ لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم "
كيف تصل المرأة للعدالة والمساواة حين نرى الدين يقف إلى جانب المجتمع فيغلق أمامها السبل، التي تَجَهد في كسر حواجزها وتجاوز كل صعابها ،تشق طريقها كإنسانة مساوية للرجل وتثبت في معظم المجالات أنها لاتساويه فقط بل تفوقه في كثير من الأحيان، كيف يمكنها هذا والقرآن الكريم يقول " وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم "
ناهيك عن القوامة، " فالرجال قوامون على النساء "....كل هذه الآيات وُجدت في عصر وزمن وظروف لم تعد في منطق التاريخ والتطور الحضاري موجودة، إذن على علماء الدين ، لا علماء السلاطين إبطال العمل بها كي يستوي ميزان المجتمع ويقف على قدميه ويدير عجلة التطور نحو الأمام ...دون صراعات عفا عليها الزمن تدخل في سياق " امرأة ورجل ".
لا أريد أن أدخل في أرقام القهر والظلم للمرأة ــ فقد سبق وكتبنا عنها الكثير خاصة في يوم محاربة العنف ضد المرأة ــ، سواء في بلداننا أم البلدان المسماة متحضرة واستطاعت المرأة أن تخرق القوانين وتساهم في صنع القرار، لكنها رغم كل هذا لازالت ضحية العنف الأسري والوظيفي ، تتعرض للابتزاز والمساومة وتفقد حياتها من أقرب الناس إليها في بلادنا تحت " اسم الشرف " في سوريا ، الأردن ، فلسطين ، العراق ، مصر ، الجزائر ، الكويت والسعودية مع كافة دول الخليج ...المغرب وأقلها نسبياً تونس"
أما في البلدان التي أنتجت قوانين يمكنها ان تدافع عن حق المرأة ، فلا زالت عرضة للعنف والاغتصاب
تقضي المرأة تحت مسمى " الشرف أو أنها زنت" مع أن الإسلام واضح في حكمه ،لابد من شهود أربعة على إرتكاب الواقعة ...في بلادنا تقتل من أجل رُسَيلة قصيرة على الهاتف ، أو وقفة بريئة مع زميل لها في الدراسة... أو حتى حين تغتصب لماذا ؟؟؟لأن جسدها ليس لها عليه سلطة تحمله ولا تملكه، يقتلها باسم الشرف من لاشرف في رأسه ولاضمير في عقله،سلوكه يخلو من التقدير والاحترام وتخلو إنسانيته من الحكمة والعقل ، همه الآخر ورأي الآخر، الذي يسيطر عليه بفعل العادة والتقليد ، فيمنحه شرف البطولة حين يغدر بزوجته أو شقيقته أو ابنته...مع أنه جبان سارق وفاسد ، أو أنه يبيح لنفسه أن يعشق فتيات أخريات ...لكن أخته خارج قوس العشق والحب هي إنسان بلا أحاسيس ومشاعر !
حين يفسح القانون والمجتمع للمرأة فسحة صغيرة تمر منها ، تبدع وتعطي ،تصل لأحلامها وتساهم في بناء الأوطان وتقرر مصائر الشعوب وحقوقهم ، تثبت أنها أكثر إنسانية تنشر المحبة والتسامح حيث تحل ، تمنع الحروب والقتل لأنها أول ضحايا الذكورة العنيفة، ــ طبعا لا أعمم فتاتشر وغيرها لم تكن إلا مسترجلة تبحث عن مقارعة الرجل على دوره العنفي ــ سيكون لها دورها إن شئتم أم أبيتم ، لأنها وحدها من سيحقق الحلم والحياة الأفضل لها ولمجتمعها ووطنها ، لن تكون ضحية بعد اليوم ، وليس عيد الثامن من آذار من سيمنحها دورها بل أيام العام بطوله ستجعله عيداً لأنوثتها وحبها للحياة والمساهمة على قدم وساق مع الرجل من أجل بناء المجتمعات وتطورها وتبادل ثقافاتها بما يخدم الإنسانية.
فلورنس غزلان باريس ــ 07/03/2022