جدول أعمال المرأة المصرية



فاطمة خير
2022 / 3 / 9

مارس هو الشهر الأفضل على الإطلاق لإحياء أي مطلب متعلق بالنساء، ليس لأن بقية العام هو موعد غير مناسب، ولا لأن هناك مواعيد محددة للمطالبة بتغيير الأوضاع للأفضل؛ لكن ببساطة لأن شهر مارس هو الموعد السنوي لتسليط الضوء على قضايا النساء في العالم أجمع ، فالثامن من مارس هو يوم المرأة العالمي، وللمصادفة السادس عشر منه هو يوم المرأة المصرية، ثم يتصادف أن نحتفل بعيد الأم في الواحد والعشرين منه حيث موعد انطلاق الربيع.
ولا نمل من تكرار أنه برغم ما حصلته المرأة المصرية من حقوق تصب في النهاية لصالح الأسرة، وبالطبع في ترسيخ كون المرأة كاملة الأهلية لها حقوق المواطنة كافة؛ إلا أنه لا يزال الطريق طويلاً، سواء من ناحية التعديلات القانونية، أو تنفيذ القوانين الجديدة، أو تغيير النظرة المجتمعة، وغيرها من القضايا الموضوعة على جدول أعمال المهتمين بتحسين أوضاع النساء، وبالتمكين الكامل للمرأة المصرية باعتبار وجودها كإنسان كامل الأهلية.
وحسناً فعلت الدولة المصرية بإطلاق المشروع القومي لتنمية الأسرة المصرية، والذي بدأ تنفيذه بالفعل منذ العام الماضي وعلى مدار ثلاث سنوات لينتهي كما هو مخطط له في 2023، يقوم المشروع على خمس محاور لها عدة فروع، وعلى رأسها التمكين الاقتصادي والذي يشمل تنفيذ مليون مشروع متناهى الصغر تقوده المرأة، ما يستلزم ويضمن تدريب 2 مليون سيدة على : إدارة المشروعات، ومحو الأمية الرقمية، والشمول المالي، وكذلك التأهيل لسوق العمل وفقاً للظروف في كل محافظة، عبر تنفيذ عدد كبير من البرامج والدورات التدريبية ، بالإضافة إلى محاور خدمية تشمل إتاحة وسائل تنظيم الأسرة، ورفع كفاءة مراكز صحة وتنمية الأسرة، لتقديم الرعاية الصحية للنساء والفتيات قبل الزواج وبعده، وأيضاً إنشاء «منظومة الأسرة المصرية» لميكنة خدمات صندوق تأمين الأسرة وربطها بوحدات صحة وتنمية الأسرة، بالإضافة إلى تأسيس صندوق حكومي لتأمين وتنمية الأسرة المصرية. كل هذه الخطوات التنفيذية التي يتم توسيع دائرة شمولها لكل محافظات الجمهورية منذ العام الماضي، والتي أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي عليها في حفل إطلاق المشروع يوم 28 فبراير الماضي؛ تعني أن النساء في ربوع مصر كافة سيحصلن على فرص متساوية وضرورية للتمكين الصحي والاقتصادي، وهو أمر عظيم أن يمثل ذلك أولوية معلنة للدولة المصرية.
يتضمن جدول أعمال احتياجات المرأة المصرية المزيد، فبرغم جهود الدولة في تأمين أوضاع النساء في حال الطلاق من نفقة لهن ولأطفالهن؛ إلا أن الرحلة طويلة فيما يخص العدل الذي تستحقه النساء اقتصادياً، ومن ذلك ما أثاره تصريح الشيخ أحمد الطيب – شيخ الجامع الأزهر، حول حق الكد والسعاية، والذي يتضمن ضمن تفسيره، حق المرأة المتزوجة فيما اكتسبه زوجها من أموال وممتلكات بعد الزواج، تحدث الطيب عن فتوى شهيرة في التاريخ الإسلامي للخليفة والصحابي الجليل عمر بن الخطاب، أعطت لامرأة الحق في نصف ما اكتسبه زوجها وقت الزواج، فحكم لها به قبل اقتسام تركته عقب الوفاة، ويبدو هذا الأمر مستحقاً للمناقشة بشكل جدي بهدف الوصول للصيغة القانونية العادلة للجميع: الزوجات والأزواج وللأسرة بطبيعة الأمر، ولنا في القوانين الغربية سابقة مثال على اقتسام ثروات الزوجين، يبدو هذا عادلاً في عصر تعمل فيه النساء جنباً إلى جنب مع الرجال وتضع كل دخلها في ميزانية الإنفاق على الأسرة، وحتى إن لم تعمل المرأة بالمفهوم التقليدي للعمل، فإنه من المعلوم أن رعايتها لبيتها تتضمن القيام بأعمال ذات مردود اقتصادي، كل ذلك يدعو لوقفة حقيقية تستهدف تقنين الأوضاع المالية في مؤسسة الأسرة.
من أهم ما يتضمنه جدول أعمال قضايا المرأة المصرية – من وجهة نظري أيضاً، هو تقنين الطلاق الشفهي، النقاش بدأ منذ عدة سنوات ولم تظهر حلول حتى الآن، وكل تأخير في تنظيم الحقوق القانونية في مؤسسة الزواج، تؤتي ثماراً سيئة للغاية في محيط الأسرة المصرية.
حراك ملموس فيما يخص تحسين ظروف المرأة المصرية، لكن جدول الأعمال لا يزال يتضمن الكثير، والأمل دائماً موجود فمشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وقد قطعنا بالفعل خطوات كثيرة.