قانون تأميم النساء



فؤاده العراقيه
2022 / 3 / 12

تبدأ الحكاية بعقد الزواج وبنوده التي تنص على البيع والشراء وهي بمثابة تأميم المرأة لصالح الرجل وليست عملية تكافؤ وشراكة ،وتتحمل النساء هذه المهانة بفعل الحصار المفروض عليهن من أجل الحصول على شرف لقب متزوجة لتتخلص من ملاحقة الأهل والمجتمع لها، فلا تزال المرأة مُجبرة لبيع جسدها وخدماتها مقابل أن ينفق عليها الزوج الذي سيتكفل بكسوتها وبعلاجها واكلها وشربها، وعلى الزوجة أن تتحمل تبعات هذا العقد الذي يتجلى الغبن به وبوضوح من خلال قانون الأحوال الشخصية العراقي الذي انعدمت به العدالة التي هي أساسا للقانون الذي ينص دستوره على العدالة والمساواة التامة وعدم التمييز على حساب الأجناس والطوائف والمذاهب لكن هذه البنود لدينا هي مجرد حبرا على ورق لكونها مُعتمدة على التمييز ما بين الجنسين والفصل فيما بينهما من خلال تقسيم الحقوق والواجبات عليهما والتي تكاد تنعدم بها حقوق الزوجة إزاء كم الخدمات التي ستقدمها .وكل ما يتعلق بعقود الزواج هي عبارة عن صك من القيود تكبل المرأة من ناحية وتفسد أخلاق الرجل وتزيد من عنجهيته الفارغة من ناحية أخرى.
ومن ضمن تلك البنود المهينة للمرأة هي حق الزوج بتنشيز زوجته في حال لمس منها أي عقوق أو عدم طاعة له وكذلك من حقه ضربها على أن لا يترك عليها أي اثر فيما لو نكّلت هي بالعقد الذي وثقوه ببضعة دنانير تحت مسمى المهر المقدم الذي هو أثاث الزوجية وملحقاتها والمهر المؤجل تستلمه حين طلاقها عند أقرب الاجلين على المذهب الحنفي، أو عند الميسرة فيما لو تم تطليقها في المذهب الشيعي.
ثانياً :-العصمة التي وضِعت بيد الزوج والتي تمكنه من فك رابطة الزواج وقت ما يشاء او الإبقاء عليها حيث يحق له تطليق زوجته وقت ما يشاء ويسمى بالطلاق التعسّفي على شرط أن يدفع لها المهر المتقدم والمتأخر ويعترف القانون هنا بالتعسّف ولكنه غير قادر على رفع هذا التعسّف عنها ,وهذه بحد ذاتها إهانة كبيرة للزوجة فالقانون اعتبر المرأة قاصرا بأي عمر كانت أو مهما كان وعيها مما جعلها عاجزة عن فك تلك الرابطة فيما لو تضررت من تلك العلاقة، وحين تُقرر الاخيرة إنهاء رابطة الزواج يقف الجميع ضدها وإن كانت هي على صواب، واللوم يقع عليها دوما وإن كان العيب بالزوج ،فلا صواب للمرأة سوى أن تتقبل الذل.
ثالثا:- عليها أن تعطيه حقوقه الشرعية في أي وقت يشاؤه, وتسقط نفقة الزوجة فيما لو امتنعت عن إعطاء تلك الحقوق دون أن يسألوا عن مشاعرها وعن اسباب رفضها .
رابعا:- القانون لا يعاقب اغتصاب الزوجات لكونه يعتبر الزوجة ملكا لزوجها ومن حقه اغتصابها.
خامساً:- يحق للزوج أن يشتري زوجة ثانية وثالثة ورابعة بعقد نكاح مخزي والذي لا يرتضي به حتى الحيوان فيما لو كان ناطقا لكونه يقتصر على المتعة الجنسية والخدمة التي تُقدّمها الزوجة للزوج وإذا امتنعت عن تقديم خدماتها له من خدمة وجنس ذهبت كل حقوقها الزوجية ,والغريب من هذا هو ان امتنعت الزوجة أو امتنع الزوج عن إعطاء الحقوق الشرعية فمن حق الطرف الثاني الشكوى عليه وأخذ حقه بالقانون!!!!
ولأجل الإقلال من حالات الطلاق فعلى المرأة أن تتحمل خيانة الزوج ونزواته لكون الرجل بطبيعته لا يكتفي بامرأة واحدة !! هكذا يتصورون أو يقولون فمشكلة مجتمعنا تكمن بجذوره وبعاداته العشائرية البالية التي أنشئت ذكورا متعجرفة ومنفوخة على الفاضي , والحقيقة إن المرأة العربية عامة ,والعراقية خاصة ,عاشت عقود تحت رحمة الرجل سواء كان أب أو اخ أو زوج , وتحت رحمة القانون والمجتمع بمفاهيمه التي أرجعتنا دهورا وجعلتنا نسقط بهاوية غويطة. كل هذه الجرائم حلولها بسيطة بمجرد سن قوانين صارمة تحاسب كل من تسول له نفسه بأن يعتدي على أي كائن، ولكنها عملية ترك الحبل على الغارب ليزداد قلق الناس ومشاكلهم ومخاوفهم، ومقابل هذا تنتعش نفوس المضطربين نفسيا، فالسبب ليس فقط في انعدام الأخلاق ولا هو الجهل والتخلف، ولا مسألة انعدام الضمير ولا هو الفقر وصعوبة الزواج فهذه مجرد نتاج لعملية ادلجة العقول وتشويهها لتنتصر الغرائز بالنهاية على الوعي الذي انعدم .
وصلنا لحال يرثى لها بسبب القانون الفاسد الي تتبناه حكومات فاسدة حيث نسمع يوميا اخبارا مقززة عن جرائم الاغتصابات والتحرشات الجنسية ضد الفتيات والنساء بل وطالت حتى الأطفال من كلا الجنسين ووصل الحال بهم للاغتصاب الحيوانات أيضا. جرائم تنتشر في العراق ومصر وسوريا وجميع البلاد العربية كالنار في الهشيم وفي إزدياد مستمر وكذلك هناك حالة من توسع بحلقات هؤلاء الحثالة من الذكور المغتصبين يتفننون في أذاهم ليصل استهتارهم للقتل المتعمد بعد إفراغ شهواتهم الحيوانية بالضحايا، هذه الحوادث إن دلت على شيء فهي دليل على عملية الانهيار والسقوط التدريجي لهذه المجتمعات والسبب في ما آلينا له من بؤس هو عملية متعمدة يضمنها قانون فاسد بكل المعايير لا يعاقب مغتصب بل يكافئه احيانا بالزواج من الضحية.
أين العلاقات الإنسانية المتمثلة بالحب والمشاعر بمثل هكذا زواج وهكذا قوانين تبخس حق النساء في الكثير من البنود التي صارت منهجا حياتيا للشعب ومن ضمن ثوابت لا تفكير بها ولا نقاش رغم انتهاء صلاحيتها وانعدام صلاحها لزماننا بحكم عجلة التغيير التي لا زلنا بعيدين عنها لسنوات ضوئية قوانين هي بالأساس استهانة بعقل الإنسان حين يرسم له طريقة حياة مبنية على الزيف والعلاقات المشوهة التي هي شبيهة بسي السيد نوعا ما وتكون الزوجة تابعة لزوجها بعد أن يشتريها بالمهر الذي لم يتبقى منه سوى اسمه فقط بحكم التغيير الذي طرأ على حياتنا من ازمات مادية وحياة أصبحت متردية بسبب الفقر المادي والفكري ,وكذلك خروج النساء للعمل مما جعلها تنفق على نفسها وبيتها معا.
فهل نتأمل في نهضة شعب محكوم بقانون فاسد يسوقهم مثل ما يسوق الخرفان يكسر النساء ويعزز ذكورية الرجال وينفخهم كما يُنفخ البالون .