فضيلة التستر على الأخطاء



فؤاده العراقيه
2022 / 3 / 30

تعوّدت آذاننا على سماع مفردات تتكرر علينا وبتكرارها يتوقف التأمل بصحتها كبقية الافعال ,مفردة الستر من ضمن المفردات المتهرئة والمُقزّزة لا نحاول الخوض في تفسيرها ,ولكون النساء الفئة المغضوب عليهنّ دوما والمغلوب على أمرهنّ فموضوع الستر خاص بهنّ دون الرجال, فالرجل مستور عليه منذ ولادته ولا يُعيبه شيئاً مهما فعل "الرجل رحمة وإن كان فحمة" أمثلة نابعة من ثقافة مجتمع يضع العيب وكل العيب في النساء مهما علا شأنهنٍ, فالتحرش عيب عليها وفخرٌ على المتحرش رغم أنها الضحية وهو المعتدي, والزانية تُقتل غسلا للعار ويطلق سراح الزاني ، هكذا نبَتت أفكار التمييز بين الجنسين وتناسلت لغاية التستر على الاغلاط لتكون النتيجة المساهمة بالغلط نفسه بحجة التستر على أصحابها وهو دليل على إننا مجتمعات أساسها هش لا يمكنها أن تقاوم هشاشتها طويلا ولهذا السبب تطمس علاقاتنا في الوحل تحت اقل هفوة.
طالما أثارت تساؤلاتي تلك الأفكار والمفاهيم التي يتمسك بها الجموع ويعتبروها من ضمن الفضائل رغم إنها سببا رئيسيا لمشاكلنا ولتأخرنا ولضياع أعمارنا سدى، أرى بأن اكبر الإساءات هي أن يلتزم المعارف والأصدقاء الصمت أمام رؤيتهم لخيانة أحد الأزواج وهي ظاهرة موجودة وتغلب على سلوكنا ويسموها "الكذب الأبيض" والتستر على الأخطاء بحجة الحفاظ على العائلة من الانهيار رغم إن الانهيار قائم لكنه مخفي ,ولكونه مخفي عن عيونهم فكأنه غير موجود ، حجة سمجة وهي بمثابة خيانة مضاعفة لزوجة مخدوعة تشارك الجميع بخداعها ، وبدلا من شعورهم بالذنب بخداعهم للزوجة يلازمهم الشعور بالفخر ويكون تفكيرهم على شاكلة الله يحب الساترين أو فلندع الخلق للخالق ، وبحجة هذه الفضيلة كما يطلقون عليها يبتعدون عن الفضيحة فيدعون الخلق للخالق ويرتكبوا ذنبا أكبر من سابقه بحجة خوفهم من أن يتحملوا الذنب , يستمر الحال على هذا الاساس الى أن يأتي اليوم الذي تكتشف به الزوجة بأنها كانت مخدوعة لتتهاوى العلاقة من أساسها وتخرج هي منها بخسائر نفسية لا يُعوّضها شيء، الشعور بالأسى والندم وخداع المحيطين بها، الشعور بالغبن وضياع العمر ,الشعور بالغدر والتسبب بعقدة نفسية ، والكثير من الامور التي تواجهها المرأة خصوصا لو كان ينقصها الوعي, ومؤكد بأنها ستخرج خالية من العقل بخضم تلك العلاقة التي استنزفت جهدها وطاقاتها من جراء تسلط الذكر على كيانها وعقلها وهناك استثناءات أكيد لكن تُعنيني الغالبية,هذا فيما لو احتفظت الزوجة بكرامتها وانتفضت على فعل الخيانة وهذا نادر الحدوث لكون اغلب النساء تُهدر كرامتهن بالزواج ويتقبلنّ خيانة ازواجهنّ برحابة صدر بل وأحيانا يتستّرن عليها ويمثلنّ دور الغباء أمام سي سيدهنّ المُبّجل بل ويضعنّ السبب واللوم على أنفسهنّ وما عليها سوى أن تفكر أين يكمن الخلل بها وأين يكمن نقصها لتحاول تعديله، فبدلا من وضع اللوم عليه ستضع اللوم على نفسها وتحاول أن تغير من نفسها من خلال الاعتناء بمظهرها والاعتناء بزوجها أكثر حتى لا يضيع منها وكأنه يحظى بمكافئتها له على خياناته ، أو بأتعس الأحوال تترك الامور على الله الذي سيأخذ لها حقها في يوم الحساب بدلا من التمرّد على واقعها، يزداد رضوخها شيئاً فشيء وتبدأ بالتنازلات واحدة تلو الاخرى وكأن الخطأ كان منها، ويلعب هنا تخلف المحيط دورا كبيرا ليُعزّز بداخلها هذا الشعور من خلال النصائح التي ستكون على شاكلة "عليك الصبر والتسلح بالحكمة حتى لا يضيع ابو بيتك منك ,ومن أقبح الأمثال التي ستقال بمثل هذه المناسبات "الطير مهما يطير يرجع لعشه" "والرجل مهما فعل سيبقى رجل ولن ينقص منه شيئاً ".
واليوم غالبية النساء يعرفنّ بخيانة أزواجهنٍ ولكنهنّ يلتزمنّ الصمت إزاءها خوفا من ضياع الأمان الوهمي لها وخوفا على حياتها التي ستنتهي بدونه , وتستمر الزوجات في استنزاف أنفسهنّ وخداعها وبمرور الأيام سيدرك الزوج بأنها مجرد حطام لا كرامة لها ولا عقل وصارت غير صالحة للاستخدام فيقوم باستبدالها بكل بساطة. والأغرب من كل هذا رؤية البعض التي لا يعتبرها خيانة بل هو فعل غريزي وطبيعة الرجل الشبقية التي تجعله لا يكتفي بزوجة واحدة فهو ميّال للتعدد بفعل شياطين الفجور التي تركبه بين فينة وفينة، وهو لعمري تفكيراً أحمقاً عندما ينعتون الرجل بالقوة ومن ثم يتهاونون أمام نزواته بحجة ضعفه أمام غرائزه، هذه من ضمن الأسباب التي يدمجها الاغبياء بموضوع عهر تعدد الزوجات وسؤالهم الأحمق والجاهز دوما على ألسنتهم " أيهما الأحسن أن يزني بالحرام أم يعدد بالحلال" ؟ عبارة غبية تطلقها بعض النساء أحيانا لإقناع أنفسهنّ بعد أن نلنّ القسط الكافي من تشويه عقولهنّ.
فلو رغبنا ان نعرف صحة ما تبنيناه من افكار علينا ان ننظر للواقع ونرى مدى تأثير افكارنا عليه فأيامنا الحاضرة تصرخ بوجوهنا وتقول نحن نتاجا لماضينا ولمفاهيمنا ولعاداتنا .