الخلع و النظام الابوى



عماد نصر ذكرى
2022 / 4 / 11

قوبل قانون الخلع وقت صدوره سنة 2000 بوابل من الإستهجان و الإستنكار الذكورى المذعور , فقد اعتبره كثير من الرجال إهانة لكرامتهم و هدما لصورة الزوج و الأب و رب الأسرة و حامى حمى النظام الأبوى فى العائلة و المجتمع . لا يستطيع غالبية الرجال تفهم و تقبل أن العلاقة بينهم و بين الإناث يجب أن تحكمها المساواة و الندية . فالرجل يرى أنه يجب ان يكون قواما على المرأة لمجرد كونه ذكرا و كونها أنثى .و أفتى مشايخ كثيرون وقتها أن القاضى لا يحق له ان يقتدى بالنبى و يطلق إمرأة من زوجها لمجرد رفضها الحياة معه بحجة ان النبى هو الوحيد القادر على اتخاذ مثل هذا القرار رغم أن النبى هو الأسوة الحسنة للمسلمين إلا أن المشايخ يمارسون الانتقائية فى الإقتداء به فهم يلفظون ما يحلو لهم ان يلفظوه من سيرته و سنته و يتمسكون بكل ما هو مفصل على مقاس عقدهم الذكورية مثل تعدد الزوجات و نكاح ملكات اليمين .

و بعد ثورة 25 يناير و توحش التيار الإسلامى الراديكالى و هيمنة الاخوان و السلفيين على البرلمان انتفض مرة اخرى ذكور القبيلة و أشهر العناتر سيوفهم فى وجه قانون الخلع بحجة انه من مخلفات العهد البائد و يحمل رائحة سوزان. و خرج بعض الرجال المخلوعين فى وقفة احتجاجية منذ بضعة شهور مطالبين بإلغاء قانون الخلع لانه يعرض اطفالهم للضياع كما انه ساهم فى تفاقم مشاكل الاسرة المصرية لسوء استخدام النساء له . و الحقيقة ان الحق المقدس الممنوح للرجل الكامل العقل و الدين ليطلق امرأته بكلمة ينطقها فى لحظة غضب او طيش او ملل او خلل فى هرمونات الذكورة سبب كوارثا لأطفال و نساء اكثر من ان تعد و تحصى . و اذا كان الرجال يرغبون فى تقييد حق المراة فى الخلع فعلى الدولة العادلة التى تحترم نفسها و نساءها ان تقيد حق الرجال فى الطلاق المنفرد ليتم من خلال المحكمة مثل كل الدول المتحضرة بما فيها تونس . و لكن كيف تحترم الدولة نساءها و منهن من لا يحترمن انفسهن و يستعذبن الحياة كعبيد فى كنف رجل و لو كان متخلفا . قرأت تصريحا منشورا فى جريدة الاهرام فى 9 سبتمبر 2011 لأستاذة فى علم الاجتماع تدعى عزة كريم تقول فيه ان الخلع يهز صورة الاب فى عيون الابناء لأن الرجل المخلوع يكون مهدور الكرامة فى المجتمع و نجد أولاده مضطربين ضعفاء لا يقدرون على المواجهة و هذة المشاعر داخلهم تشكل عقدا عديدة لغياب القدوة و المثل الاعلى بعد أن تحول الأب الأمر الناهى فى المنزل لمخلوع .و تقدم النائب محمد العمدة وكيل اللجنة التشريعية بمجلس الشعب بمشروع قانون يطالب فيه بإلغاء المادة 20 من قانون الخلع التى تمنع الزوج المخلوع من استئناف الحكم بخلعه . و الحقيقة أنا اكاد اجن فهل يفترض النائب ان الرجال لا كرامة لهم لهذا الحد , فكيف يتمسك رجل بإمرأة لا ترغب فى الحياة معه و اذا خلعته يستأنف الحكم مطالبا المحكمة ان تجبرها على العودة الى سجنه رغما عن انفها و برغم من استعدادها ان تعيد له ماله النتن .
لقد أصدر الاتحاد النسائى المصرى الذى اشرف بانى أحد أعضائه المؤسسين مع مجموعة من الشابات و الشباب و الذى تتبناه المناضلة نوال السعداوى بيانا أعلن فيه رفضه لمشروع القانون المقترح و قد أثلج صدرى و صدورنا جميعا رفض مجلس الشعب هذا القانون . و على كل المصريات و المصريين الاحرار رفض كل الاعراف و التقاليد و النصوص الظالمة للمراة فالقصة ليست سوزان او جيهان لكنها كرامة المراة و الرجل و حقوق الانسان.

من كتاب " أيات علمانية " الصادر فى القاهرة 2012 .