الحجاب و كرامة المرأة


عماد نصر ذكرى
2022 / 4 / 15

طالعت خبر الحكم المنشور فى جريدة الأهرام يوم 2 يناير بكثير من الضيق و التبرم و الإستياء . نص الحكم على إلغاء قرار لوزير الإعلام السابق بمنع إحدى المذيعات من الظهور على شاشة التليفزيون لارتدائها الحجاب . لم يستفزنى قرار المحكمة بعودة المذيعة الى عملها فالحجاب اختيار شخصى يجب احترامه و لا يصح ان يكون الملبس سببا لأن يفقد الأنسان وظيفته .لكن ما أثارنى منطوق الحكم الذى جاء فيه ان الحجاب يصون كرامة المرأة . فهل حقا كرامة المرأة مرتبطة بغطاء الراس ؟ هل سهير القلماوى و أمينة السعيد و درية شفيق و نوال السعداوى لم يجدن من يعلمهن كيفية الحفاظ على كرامتهن ؟ هل تقبل محجبات اليوم إهانة امهاتهن و جداتهن اللاتى كن يزين حفلات ام كلثوم عاريات الرأس مرهفات الحس راقيات الذوق و السلوك ؟
لقد نهلت علما و خلقا و تعلمت الترفع من اساتذة لى لا يرتدين الحجاب فى المركز البحثى الذى اعمل به بينما من المحجبات من تحترف فنون التسلق و التملق و على أتم استعداد ان تقبل الأقدام لتفوز بمنصب او تنال ترقية . لو اختصرنا كرامة المرأة اليوم فى الحجاب يمكن ان يخرج علينا غدا من يقول لنا ان كرامة المرأة فى النقاب او المكوث فى المنزل حتى لا تختلط الا ببعلها و محارمها من الرجال . و قد يفتى احدهم ان كرامة الرجل فى لحيته مثلا خاصة بعد ان تكاثر و تناثر و تناسل أصحاب الكرامة و الكرمات فى الطرقات مؤخرا . و اذا كان هناك رجال يثارون من شعر المرأة اذا انطلق معانقا الهواء فيجب ان يتم ايداعهم مصحة نفسية فلا يعقل ان يقرر رجل سقيم لامراة ما ترتديه و ما تفعله و تقوله .
يرى المفكر الاسلامى جمال البنا ان شعر المرأة ليس عورة و إنه لا يوجد ما ينص على فرض الحجاب فى القران و السنة و يضيف ان هناك حديث فى صحيح البخارى بأن الرجال و النساء كانوا يتوضأون فى عهد الرسول من حوض واحد فى وقت واحد و يتساءل كيف كانت تتوضأ المرأة و تمسح على شعرها و هى محجبة . و نرى على شبكة الانترنت جزء من خطاب للرئيس جمال عبد الناصر يستنكر فيه ان يطلب منه مرشد الاخوان المسلمين فرض الحجاب على المصريات بينما ابنة المرشد نفسه غير محجبة .
ان كرامة الانسان رجلا كان او امرأة تكمن فى الإخلاص و اتقان العمل و الصدق و قول الحق و لو فى وجه سلطان جائر و السعى الى إرساء قيم العدل و النبل و حقوق الانسان و الاستعداد للتضحية باى مكاسب او مغانم اذا كان المقابل ان نتلون و ننافق و نتشبث بالمثل الذى يردده العبيد "علشان نعلى نعلى لازم نطاطى نطاطى" . ان المرأة التى تبيع نفسها لرجل لا تحبه بموجب صفقة الانفاق مقابل الطاعة لا كرامة لها و لو كانت محجبة و لو تم عقد البيع فى سوق الزواج الشرعى . و الرجال الذين ينتهكون جسد المرأة لفحص العذرية لأنهم يختصرون شرف المرأة فى غشاء البكارة هم رجال لا كرامة أو شرف لهم.
إن القانون المصرى سمح برفع دعاوى حسبة لتفريق الزوجات عن ازواجهن , حدث هذا مع الدكتورة نوال السعداوى بل ان محكمة النقض حكمت بتفريق الدكتور نصر حامد ابو زيد عن زوجته بحجة ارتداده عن الدين الاسلامى . كان هذا قبل ثورة 25 يناير و أخشى ان تزداد جرعة الأحكام الرجعية القادمة من غياهب و ظلمات العصور الوسطى مع صعود الإخوان المسلمين و تنامى التيار السلفى فنسمع أن محكمة حكمت بوجوب فرض الحجاب و ربما النقاب على كل من بلغت المحيض او بالفصل بين الجنسين فى الجامعات و أماكن العمل او بمنح تراخيص لجماعات الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر أسوة بدولة ال سعود و التقاليد الصحراوية الوهابية . و لهذا فعلى جميع المؤمنين بقيم الحرية و العدالة ان يتكاتفوا و يضغطوا لكى يشرق على مصرنا دستورا يحترم حقوق الانسان و المرأة و العقيدة . نحن فى لحظة فارقة ستحدد مصيرنا مستقبلنا حياتنا او موتنا و لو كان موت بالحيا .

من كتابى " ايات علمانية " الصادر بالقاهرة 2012