ألكسندرا كولونتاي (1872-1952)



جودي كوكس
2022 / 4 / 17


القسم الثاني: سير ذاتية لحياة ثوريات بلشفيات

كتاب ثورة النساء: روسيا 1905-1917

الكاتبة: جودي كوكس

ألكسندرا كولونتاي هي أكثر البلشفيات شهرة. يميل المؤرخون إلى التركيز على جاذبيتها وحياتها الجنسية غير التقليدية فضلاً عن نظرياتها حول الحرية الجنسية. مع ذلك، كانت كولونتاي زعيمة ثورية ومناضلة وخطيبة ليس فقط في روسيا إنما أيضا في ألمانيا وبلجيكا، وفرنسا وبريطانيا واسكندنافيا وفي الولايات المتحدة. كإينيسا أرماند، كانت تتقن عدة لغات. كانت كولونتاي أكثر الشخصيات الدينامية في الحزب البلشفي. كانت شجاعة ومصممة على تشكيل الحزب، ودفعه باتجاه نساء الطبقة العاملة وتطوير وممارسة نظرية تحرر النساء.

ولدت كولونتاي في كنف عائلة أرستقراطية، كالعديد من الراديكاليين المثاليين، بدأت بإعطاء دروس للعمال في سانت بطرسبرغ. عام 1895، قرأت كتاب أوغست بيبل المرأة والاشتراكية وقد كان للكتاب التأثير الكبير عليها. عام 1898، أصبحت كولونتاي ماركسية ملتزمة. تركت زوجها وابنها لدراسة الاقتصاد في زوريخ، كما فعلت روزا لوكسمبورغ، نشرت كولونتاي رداً ضد تحريفية إدوارد برنشتاين والذي منعته الرقابة للأسف. عام 1899، بدأت بالنضال السري في الحزب الاشتراكي الديمقراطي. كانت كولونتاي نشطة في ثورة 1905، وباتت واحدة من أشهر المتحدثين/ات البلاشفة وأكثرهم/ن شعبية وتحريضاً دون كلل للثورة.(119) عارضت استراتيجية غالبية البلاشفة الداعية إلى مقاطعة انتخابات مجلس الدوما القيصري حيث اعتبرت أن الانتخابات يمكن استعمالها كمنصة (نفس وجهة نظر لينين التي جادل بها البلاشفة كذلك)، هذا الموقف ستوافق عليه الأغلبية في وقت لاحق.

بين عامي 1905 و1908 نظمت كولونتاي حملة لتنظيم العاملات للنضال من أجل مصالحهن الخاصة، ضد أصحاب العمل، وضد النسوية البرجوازية، وعند الضرورة ضد التحيز الجندري في المنظمات الاشتراكية. تعرضت للنفي عام 1908 وأمضت السنوات التسعة التالية في الكتابة والتعليم والخطابة والتنظيم في الحركة الاشتراكية الأممية. عام 1914، غادرت كولونتاي ألمانيا في حالة من الاشمئزاز بعد أن صوت الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني لصالح الحرب العالمية الأولى. سجنت في السويد وأعيد إطلاق سراحها، ووصلت إلى النروج. لطالما دعمت كولونتاي المناشفة، ولكن تجربة العام 1914 جعلتها أقرب إلى البلاشفة وانضمت إليهم عام 1915. كانت المنظِّمة الأساسية لمؤتمر زيميروالد ضد الحرب عام 1915، وترجم كتيبها “من يحتاج إلى الحرب؟” إلى عدة لغات.

عادت كولونتاي إلى روسيا في شهر نيسان/أبريل عام 1917، حاملا(ة) رسائل من لينين إلى الحزب. منذ لحظة وصولها، شنت حملة ضد الحكومة المؤقتة، على عكس غالبية البلاشفة. انتخبت عضوة في اللجنة المركزية لسوفيات بتروغراد، بعد أن انتدبتها وحدة من الجيش. وفي الاجتماع الصاخب للاشتراكيين الديمقراطيين في 4 نيسان/أبريل، كانت المتحدثة الوحيدة، إضافة إلى لينين، التي دعمت شعار “كل السلطة للسوفيتات”. في شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 1917، شاركت كولونتاي في قرار شن انتفاضة مسلحة ضد الحكومة. انتخبت مفوضة للشؤون الرعاية الاجتماعية في الحكومة السوفياتية الجديدة وحاولت التخفيف من معاناة الأيتام في “مصانع الملائكة” السيء السمعة في بتروغراد. عام 1918، ترأست وفودا إلى السويد وانكلترا وفرنسا حيث لعبت دوراً أساسياً في تنظيم أو مؤتمر للعاملات والفلاحات في روسيا. وعلى الرغم من إصابتها بجرحة قلبية، التزمت كولونتاي بجدول أعمالها المتعب والمؤلف من العديد من الاجتماعات والخطابات والكتابات. أسست كولونتاي وأرماند وكروبسكايا القسم النسائي أو جينوتديل، الذي ترأسته بعد وفاة أرماند عام 1920.

لم تكن ألكسندرا كولونتاي خطيبة متميزة فقط، إنما كانت مؤرخة لحركة نساء الطبقة العاملة في روسيا ومنظّرة طورت مقاربة ماركسية للأسرة والجنسانية. فقد بيّنت كيف أن الأسرة هي في صلب اضطهاد النساء وكيف حصل تقويض الأسرة بسبب متطلبات الانتاج الصناعي. في فقرة لافتة كتبتها عام 1920 وصفت الضغوط التي فرضها الانتاج الرأسمالي على العائلة التقليدية:

تتفكك العائلات مع خروج المزيد من النساء إلى سوق العمل. كيف يمكن الحديث عن الحياة العائلية عندما يعمل الرجل والمرأة في دوامين مختلفين، وحيث لا تملك الزوجة الوقت حتى لتحضير الطعام لعائلتها؟ كيف يمكن الحديث عن الأهل عندما يكون الأب والأم خارج البيت كل اليوم ولا يجدان الوقت الكافي لتمضيته مع أولادهما؟ (120)

كتبت كولونتاي بكل قوة أيضاً عن كيف يمكن للعاملات خارج البيت الانخراط في الصراع الطبقي الذي من شأنه أن يغيرهن أيضاً. وكتبت عام 1905: “في وقت الاضطرابات والإضرابات، المرأة الخجولة والمضطهدة والمنزوعة الحقوق، تكبر كبروليتارية، وتقف شامخة ومستقيمة”.(121)

كانت كولونتاي مهتمة أيضا بالآثار النفسية للقمع على النساء والرجال. في كتاب العلاقات الجنسية والنضال الطبقي، الذي كتبته عام 1921، وصفت الوحدة الروحية التي تطال الناس داخل المجتمع الرأسمالي القائم على أساس الفردية والأنانية. وأوضحت كيف أن هذا يجبرنا على البحث عن شريكة لامتلاك روحها حصرياً، عاشقة يمكنها أن “تسحر كآبة الوحدة التي لا مهرب منها”،(122) لكن هذا الحب الجنسي قائم على خضوع النساء للمعايير المزدوجة المنافقة. وحاججت أن الحرية الجنسية، تتطلب تحرر النساء من عبء الأعمال المنزلية وأن يقيم الرجال والنساء علاقات جديدة قائمة على المساواة والرفاقية والاحترام والحرية. كانت تعتقد أن مثل تلك العلاقات من شأنها أن تبهج وتشبع الطرفين.

اعتمدت هذه الرؤية الملهمة على الموارد لخلق بدائل اجتماعية للعائلة. ولكن عانت روسيا من خسائر هائلة جراء الحرب العالمية الأولى وحتى أكثر في الحرب الأهلية التي تلت الثورة وفشل الأخيرة في الانتشار في بقية الدول. لم تكن الموارد المادية موجودة لخلق بدائل للأسرة. اعترضت كولونتاي على بيروقراطية السوفيتات والحزب الشيوعي (تغير اسم الحزب البلشفي عام 1918). عام 1921، نشرت كولونتاي كتيباً بعنوان المعارضة العمالية ولكن معارضتها أنهيت عام 1922 يوم ألغيت التكتلات في الحزب. وأصبحت كولونتاي دبلوماسية قضت سنوات كثيرة خارج روسيا كسفيرة في المكسيك والسويد والنروج، وعادت إلى موسكو عام 1945.

لا ينبغي أن يؤدي الفشل الهائل للحكومة السوفياتية في تحقيق تطلعات الثورة الحقيقية لتحرر النساء ولا تنازلات ستالين اللاحقة إلى تقويض ما حققته كولونتاي [والآلاف غيرها] خلال ثورة عام 1917، وما بعدها مباشرة. على الرغم من الخلافات الجدية مع لينين، كانت إلى جانبه في اللحظات المحورية مثل آب/أغسطس عام 1914 ونيسان/أبريل وتشرين الأول/أكتوبر عام 1917. لو كانت رجلاً، فإن خبرتها وقدرتها وجاذبيتها ومجموعة هائلة من الكتابات كل ذلك كان سيضمن لها مكاناً بارزاً بين قادة الثورة العظماء.

الهوامش:

119. There is a wonderful recording of Kollontai speaking on YouTube: Alexandra Kollontai a las trabajadoras, 1918, https://www.youtube.com/watch?v=qQzyheiNVuY.

120. Alexandra Kollontai, Communism and the Family, (Petrograd, 1920), paragraph 3, https://www.marxists.org/.

121. Alexandra Kollontai, ‘On the History of the Movement of Women Workers in Russia’, 1919, paragraph 6, https://www.marxists.org/.

122. Alexandra Kollontai, ‘Sexual Relations and the Class Struggle’, (Russia, 1921), paragraph 7, https://www.marxists.org/.