مدام أم أم فلان ؟؟!



محمد فُتوح
2022 / 4 / 21

مدام أو أم فلان ؟!
نجحت المذيعة والمعدة , فى احدى حلقات برنامج " آدم وحواء " ، فى أن تجتذب انتباهى ، قائلة ، إننا يجب ألا نفرق بين الفتاة ، والمرأة المتزوجة ، بعبارات مستوردة مثل مودموازيل و مدام .
حينئذ لمعت عيناى ، وتوقعت أن أسمع شيئاً جديداً عن المرأة ، يختلف عما ينساب عبر أجهزة الإعلام ومن خلال الصحافة. فأنا ممَنْ لا يؤمنون بالمسميات ، التى تصنف النساء على أساس جسدى ، أى من حيث امتلاك غشاء البكارة أو فقده .
قالت مقدمة البرنامج ، إننا يجب أن نعود إلى روح القرية المصرية ، لنستلهم المسميات ، التى تليق بالمرأة ومكانتها . واقترحت أن نطلق عليها اسم ، " أم فلان أو أم فلانة ". ورأت أن هذا المسمى هو الأنسب للمرأة ، فهى تفخر به وتسعد . عند ذلك انتهت فكرة المذيعة .
أخذت بعدها أتساءل .. وما هو المسمى الذى نطلقه على المرأة المتزوجة والتى لم تنجب ؟! . وماذا عن المرأة التى لم تتزوج بعد ؟! .
أما إذا تأملت المسمى المقترح ، وهو " أم فلان أو أم فلانة " ، فهو يتجاهل ذكر اسم المرأة " الأم " ، ويذيبه فى اسم ابنها أو ابنتها . بالإضافة إلى أنه يدعم من وجهة النظر الخاطئة , التى ترى فى المرآة أماً وحسب .
إننا فى كثير من الأحيان ، نجد أن الزوج وخاصة فى الطبقات الشعبية المصرية ، وفى القرى , يخفى اسم زوجته ، ويعبر عنه بكلمة " الجماعة " ، أو " أم فلان " . فهو يخجل من ذكر اسمها , أو يكره أن ينكشف على الناس .
بينما الزوجة لا تخجل من ذكر اسم زوجها . هل اسم المرأة أيضاً عورة ، ويجب إخفاؤه وحجبه كما يدعى أصحاب الأفكار المتخلفة ؟!.
أما مقدمة برنامج " آدم وحواء " ، فهى لا تدرك أنه عندما تطمس ، وتخفى ، اسماسم المرأة ، تحت أى مسمى ، فإن ذلك يعبر عن دلالة نفسية ، واجتماعية ، تكشف عن جانب من جوانب التفرقة بين المرأة والرجل , التى تزعم أن البرنامج يحاربها .
وفى الوقت نفسه ، توضح أن " قضية المرأة " غائبة تماماً عن الأذهان , حتى عند النساء الاعلاميات اللائى يؤثرن على الرأى العام , والمفروض أنهن على وعى بالتفرقة على أساس الجنس . لكن قراءة الواقع المصرى , تؤكد كل يوم أن الاعلام فى مختلف القضايا , يحتاج أكثر من غيره الى ثورة وتغيير .
ومع الأسف ، فإن المرأة نفسها فى كثير من الأحيان ، هى نفسها التى تدعم غيابها الانسانى فى مجالات الحياة , وتفخر به , وترسخه , عن جهل أو عن عمد .
منذ طفولتى فى قريتنا الدراكسة , محافظة الدقهلية , مركز منية النصر , حيث ولدت وتربيت وتعلمت حتى الثانوية العامة , كنت أندهش وأغضب عندما ينادون على أمى باسم أم محمد , أى أن اسمى هو الذى يميزها . وكانت أمى ( عزيزة ) تسعد بهذا اللقب , ليس لأنها تريد اخفاء اسمها , أو لأنه من العيب كشف اسمها . ولكن لأنها بعد ست بنات , كانت تريد ولدا ، وجئت أنا ( محمد ) بعد عشرين سنة من الحمل المتكرر بالاناث . وبالتالى كان مناداتها بأم محمد , نوعا من السعادة التى جائتها متأخرة , وتحب تذكرها والعيش فيها كل لحظة .
كان اسمها ( عزيزة ) لم أسمعه ولا مرة واحدة , تنادى به . الوحيد الذى كان ينطق باسمها هو أبى الشيخ فتوح , والذى كان المؤذن لجامع القرية سنوات طويلة . كان أبى الشيخ فتوح , أكثر تفتحا واستنارة وانسانية وعقلانية , من قادة الرأى العام فى المدينة .
وكذلك كنت أندهش من النساء فى أوروبا وأمريكا من جميع الطبقات والمهن والاتجاهات , اللائى بزواجهن يأخذن أسماء أزواجهن .
وفى بلادنا , نجد نساء يتبعن هذا التقليد , بكل فخر وأريحية , ويحملن لقب اسم الزوج . ماذا نسمى هذا السلوك ؟؟.
وكثيرا ما نسمع امرأة تقول وكأنها تعلن عن انتصار قلما يحدث فى التاريخ , أنها حرم المستشار فلان , أو مدام الدكتور علان .
هل هناك رجل فى العالم , يفخر ويعلن بكل سعادة وتميز أنه ( حرم المستشارة فلانة ) , أو ( حرم الدكتورة علانة ) ؟؟.
---------------------------------------------------------------
من كتاب : استلاب الحرية باسم الدين والأخلاق 2009
------------------------------------------------------------