العقلية الذكورية في مواجهة النهضة الجنسوية



زوهات كوباني
2006 / 9 / 14

معلوم لدى الجميع هيمنة الرجل بعقليته الذكورية على مقاليد الامور في المجتمع والحياة منذ ان سلط على الحكم فيها، وجعل من استعمار للمرأة استعماراً جنسياً يتجاوز الاضطهاد الطبقي والقومي والفئوي، بحيث وصل الامر الى وصف كل ما يتعلق بهذا الجنس بدءاً من اعضائها الى حركاتها وتصرفاتها الى نمط تفكيرها موضع الاستهزاء والاستصغار والضعف والمحرمات والعيوب والخطيئة وو...الخ.

نتيجة العقلية الذكورية المهيمنة على طبيعة الحياة والمجتمع، فسرّ وحللّ الرجل كل شيء في المجتمع والحياة وفق عقليته هذه، حتى ان المراة نفسها دخلت تحت هذا التاثير واصبحت تفكر وتحلل وتنظر الى الامور وفق تلك المقاييس التي حددها الرجل وأصبح لايتجاوز نمط تفكيرها ونظرتها الى الامور تفكير ونظرة الرجل لها، دون ان تدرك ان هذه الافكار هي العامل الاساسي في استعمار جنسها. فقد سيطرّ الرجل بعقليته الذكورية على السياسة والاقتصاد والدين والميتولوجية والعلم والفلسفة في جميع الميادين، وبدأ كل شيء في المجتمع يتخذ ويصبغ بصبغته، لذلك فان كل تحليل وفق هذا الجنس كان يواجه بالرد والفناء ويٌوصف بالخرافات والجنون لعدم الثقة بحقيقة قدرة الجنس الانثوي، لان هذا ما كان مترسخاً في عقليته الباطنية وحتى في صبغياته.

ان صراع المرأة مع هذه العقلية الذكورية وتجاوزها والانتصار عليها هي من المهام الاولى والاساسية، ويتطلب اظهار حقيقة وعي جنسها بشكل علمي وموضوعي دون الدخول في النظرة الانكارية والذاتية والانانية والتخلص من النظرة الدونية، وتحليل كيفية سيطرة الرجل على مقاليد الامور في الحياة والمجتمع والعوامل التي ساعدته في ذلك وكيفية التغلب على تلك العوامل والظروف وذلك بخلق وابداع ظروف جديدة تعطي الفرصة لها في اظهار قدراتها وطاقاتها. فالانكار لا يمكن ان يٌرد بالانكار والانفعالية، بل يتطلب الرد عليه بالموضوعية والعلمية، وايجاد الارضية التي تنافي مثل هذه العقليات والافكار.

ان هيمنة العقلية الذكورية بدأت مع سيطرة الرجل على مقاليد الامور، وجعل كل شيء في المجتمع يصٌبغ بصبغته، بدءاً من الفرد الى العائلة الى العشيرة والقبيلة والمدينة والدولة وكل المؤسسات المرتبطة بها والمتفرعة عنها من سياسة وتنظيم ومؤسسات وطراز حياة ومعيشة، وكل ماعداه اعتبر ويعتبر من المحرمات وحتى الكفر والزندقة والبطلان. فاصبح المقاييس تاخذ في كل الامور صبغة الذكر هذا. ولكن هذه العقلية لم تكن مهيمنة عبر التاريخ فقد شهدت ما قبل هذه المرحلة مراحل تتخذ فيها صبغة المرأة حيث كان الحياة عبارة عن حياة طبيعية ومساواة قريبة من البيئية الايكولوجية، وهذا ما تظهره الكثير من الدراسات التاريخية واللقى الاثرية والميتولوجيات، ومع دخولنا في القرن الواحد والعشرين والتطورات التي خلقتها الثورة العلمية التقنية وثورة الاتصالات جعلت من المساوئ التي كان يعتبرها بالنسبة للمراة في القرون السحيقة الماضية تتحول الى محاسن ، وسحبت البساط من تحت قدم الرجل الذي كان يستغل محاسنه وقدراته العضلية والعقلية وغيرها، واصبحت المراة تاخذ مكانها في العلم والدراسة وجميع ميادين الحياة بعد ان كانت محاصرة في البيت في المطبخ وتربية الاطفال والانجاب، لذلك فقد بدأت هذه القوالب تتشقق ويظهر الجديد رويداً رويداً، وتتخذ المرأة دورها ومكانتها في المجتمع والحياة بدءاً من النظام والتنظيم الى السياسة والعلم وجميع الميادين تعيش نهضتها الجنسوية.

الرجل الذي كان سيد الامور عند رؤيته لهذه المسائل بدأ يعمل على اظهار العراقيل، او القيام ببعض التجديدات والاصلاحات من اجل الاستمرارية والبقاء واطالة الحياة السياسية والادراية والسلطوية، ولكن ينسى ان الجدران التي تشققت معرضة للانهيار لا محال ولا يمكن العودة الى الماضي الذي كان بمثابة الجنة للرجل والجحيم للمرأة، ولم يعد يكفيه الرتوش والتدهين بل لا بد من التحليل الموضوعي لحقيقته واجراء التحول الحقيقي في شخصيته بالخلاص من هذه العقلية التي اصبحت السبب في المشاكل والازمات ليس فقط له ولعائلته بل للمجتمع والحياة الى ان وصل الامر به الى تهديد المجتمع والحياة والبيئة، فقبل كل شيء يجب ان تدرك المرأة انه لم يعد للرجل سوى اعادة النظر في حياته السابقة، ولا بد للمرأة من متابعة الخطى في ثورتها الجنسوية والاصرار في المسير. ان اعادة صبغة المرأة على طبيعة الحياة هو المؤشر على التوجه نحو الطريق الصحيح، الذي يقود الى العدالة والمساواة والجمال والانسانية.