التعري و الفرج المُتخيَّل كسلاح احتجاج



أيهم نور الصباح حسن
2022 / 6 / 16

ينتصر الذكر لذكورته بالنكاح و القتل , و تنتصر الأنثى لأنوثتها بالحب و النسيان

يرفض الذكر القوانين فتطفح الأرض بالدماء و القتل و المجازر , ترفض الأنثى القوانين فتتعرى ..
هذا ببساطة هو الفارق بين عنصرين أساسيين يشكلان استمرار الحياة البشرية على هذه الكُرة .
قد يجد البعض ما يأتي من كلام فجاً أو وقحاً , لذلك أرغب في التنبيه منذ البداية أن هذا المقال مناهض للفرط في الاحتشام إجمالاً و في اللغة خصوصاً .
تتعرى ديبورا دي روبارتيس ( فنانة من لوكسيمبورغ ) في الأماكن العامة , ترافقها كاميرا ترصد ردود أفعال الناس على فعلها ذاك , ففي عام 2014 قامت ديبورا بالتعري أمام لوحة الرسام غوستاف كوربيه المسماة " أصل العالم " الموجودة في متحف أورسيه بباريس , و هي لوحة لامرأة شبه عارية يظهر فرجها مغطى بشعر العانة , فتم استدعاء الشرطة و قام متحف أورسيه برفع دعوى قضائية ضدها , و في أواخر عام 2015 قامت ديبورا بالتعري أمام لوحة الرسام الفرنسي مانيه المسماة " أوليمبيا " الموجودة أيضاً في نفس المتحف , و التي تظهر فيها امرأة بيضاء البشرة مستلقية عارية على سرير وأمامها خادمة سوداء تحمل قطة سوداء , و بعد رفض ديبورا طلب أمن المتحف منها ارتداء ملابسها , تم توقيفها احترازياً من قبل الشرطة الفرنسية و رفع المتحف دعوى قضائية ثانية ضدها بتهمة " الاستعراض الجنسي " , و في عام 2017 قامت ديبورا بالتعري أمام لوحة الموناليزا لدافنشي في متحف اللوفر , و تم اعتقالها أيضاً ثم إطلاق سراحها , و في عام 2018 تعرت ديبورا أمام مغارة مزار القديسة برنادات الواقعة في لورد جنوب غرب فرنسا , و التي تستقطب ستة ملايين زائر سنوياً , قبل أن يتدخل أشخاص لستر عريِّها والاتصال بالشرطة , و قد تقدم المزار بشكوى قضائية للتنديد بـ " التعرض غير اللائق الذي أثار صدمة المؤمنين الحاضرين " بحجة " عمل فني مزعوم " , و في عام 2020 حكم القضاء الفرنسي عليها بدفع غرامة قدرها 2000 يورو بينها ألف يورو مع وقف التنفيذ ، بسبب تعريها سنة 2018 أمام مغارة مزار القديسة برنادات .
محامو ديبورا يحتجون بأن فعلها ( أو أفعالها ) تندرج تحت بند الأعمال الفنية و هي مجرد تعبير متحرر في أماكن عامة , بينما تختصر ديبورا هدفها من تعريها بقولها " أن رسالتها هي إحياء الشخصيات النسائية الموجودة باللوحات بالمتاحف " , لكن يبدو أن ديبورا تريد أبعد من ذلك , إنها تريد أن ينتبه الناس إلى ردة فعلهم تجاه فعل التعري نفسه , ففي حين يبتسمون و يبتهجون لرؤية العُريّ في لوحات المتحف , يشهقون و يمتعضون و يتذمرون من رؤيتها تتعرى أمام نفس تلك اللوحات , إنها تريد إحياء الأنثى في الناس .
تعرت الفنانة الدانماركية يولي سافيري ضمن فعاليات معرض نسوي مخصص للحريات الاقتصادية للنساء في قرغيزستان ( بلد ذو غالبية مسلمة في وسط آسيا ) , مما أثار ( و كالعادة ) ضجيج و هياج شعبي , أدى إلى استقالة راعية تنظيم المعرض مديرة متحف الفنون الجميلة في قرغيزستان ميرا دجانغاراتشيفا , التي نددت بردود الفعل السلبية والعدائية التي طالتها و طالت طواقم العمل في المعرض عبر فيسبوك قائلة : " من المؤسف أن يكون ذلك كله صنيعة أشخاص لم يدخلوا يوماً إلى متحف " , في حين انتقدت وزارة الثقافة في قرغيزستان المتحف و المعرض معتبرة أنه " اعتمد لغة الاستفزاز " !
أيضاً تعرت العارضة الأمريكية , ماريسا بابن , العاملة في مجلة بلاي بوي , داخل معبد الكرنك في الأقصر بمصر , و تم سجنها في مصر بسبب ذلك , بعدها قامت باصطحاب مصور لتصويرها عارية في مسجد , آيا صوفيا , في تركيا , الذي كان كاتدرائية ثم أصبح مسجد ثم تم تحويله لمتحف ديني , حيث ظهرت و هي ترفع ملابسها و تتعرى فيه , مما أثار ( و كالعادة ) موجة غضب في الشارع العربي و الإسلامي .
صعدت الممثلة الفرنسية ، كورين ماسييرو ، إلى المسرح في حفل توزيع " جوائز سيزار " بالعاصمة الفرنسية باريس ، مرتدية زي حمار عليه دم مزيف , ثم خلعته لتظهر بثوب مغطى بالدماء , ثم قالت و هي تخلع هذا الزي أيضاً : " لدي زي أخير وبعد ذلك ، لا يوجد شيء آخر " , ثم ظهرت عارية مع عبارة " لا ثقافة ، لا مستقبل " مكتوبة على بطنها ، و جملة " أعيدوا لنا الفن " على ظهرها ، و ذلك احتجاجاً على طريقة استجابة الحكومة الفرنسية لجائحة كورونا بإغلاق المؤسسات الثقافية في فرنسا , و أضافت ماسييرو ممازحة الجمهور : " لا أعتقد أنه ستتم دعوتي العام المقبل .. سوف نرى " , بينما ظهرت مقدمة الحفل ، مارينا فوا ، في حالة صدمة ، لكن الجمهور صفق في النهاية .
اقتحمت سيدة السجادة الحمراء في مهرجان كان السينمائي و خلعت ملابسها على الريد كاربت ( السجادة الحمراء ) , ليظهر جسدها و عليه علم أوكرانيا , حيث سارع أحد رجال الأمن لخلع معطفه و تغطيتها به , بينما حاول رفاقه منع تصوير السيدة , قبل أن يتم اعتقالها من قبل شرطة مدينة كان الفرنسية .
كانت هذه حفنة من بعض قضايا التعري الاحتجاجي لإناثٍ أردن إسماع أصواتهن في عالم لم يعد يعرف ما يرى و يسمع , و إذا رأى و سمع , فإنه لا يرى و لا يسمع سوى تسليع الغرائز و أزيز المال .
و يحضر السؤال : لماذا يُشكل احتجاج امرأة واحدة بجسد عاري إعلان خطر , يفوق تجمع ألف رجل في تظاهرة أو احتجاج ما ؟
لماذا هي نادرة إن لم تكن معدومة حالات احتجاج الذكر عرياناً , إلا في حالة الجنون ( كحالة احتجاج على كل شيء ) ؟
عُرِيّ الآخر يُعرينا نحن و يكشف أقنعتنا و أغطيتنا , لهذا نُدّهشُ به عندما يكون على الملأ , و نسارع لستره و تغطيته - لسترنا و تغطيتنا - , نغضب و نغار إذا ما رأيناه , نغضب من إجرام صاحبه بحقنا كونه يرفض قوانيننا , و نغار من جرأته و نحسده لأننا لا نستطيع أن نقوم بالمثل .
تكسر المتعرية قوانيننا بالحفاظ على جسدها و فرجها مستوراً , و تستعيد بتعرّيها حضور تماثيل الإلهة الأم الأولى ذات الأثداء الممتلئة و الأفخاذ البدينة و العجيزة الكبيرة التي كنا نراها في سالف زمان ما قبل التاريخ , كان ذلك قبل أن ينتصر " أبو قضيب " عليها و يسحق سيطرتها على العالم .
بالرغم من أن الفرج مستور بطبيعة تكوين جسد الأنثى البشري , فهو ليس بارزاً كالقضيب الذي يفرض تكوينه رؤيته , إلا أننا نعتبر التعري ( لسبب ما ) كشفاً و فضحاً للفرج ! فضح .. ألا تدل هذه الكلمة على أنه لدينا سر مشترك بيننا و بين الأنثى , المجتمع و الأنثى ؟ !
ماذا نرى عندما ننظر لمُتعرية ؟
في حقيقة الأمر فإن العين لا ترى شيئاً سوى جسد أنثوي , لكن هل هذا حقاً ما نراه ؟
إننا نرى فرجاً بحجم إنسان , نرى جنوناً , عيباً , حراماً , رفضاً , عهراً , و إلخ .. من مصطلحات الشذوذً عن العرف و القانون التي اخترعناها , نرى اللامبالاة بها و بنا , بما أننا أصحاب براءة اختراع العرف و القانون الآمر بتغطية الجسد و ستر العورات .
لقد أردنا ستر الكس .. فحولنا المرأة كلها إلى كس
الفرج ذاك الكائن المخيف المجهول دوماً و المُشتهى أبداً
لإظهار الفرج تماماً لا يكفي أن تتعرى المرأة و إنما يجب أن تكون بوضعية معينة , و مع أننا كذكور نعلم هذه الحقيقة تماماً , إلا أننا لا نستطيع إلا و أن ننظر – أوتوماتيكياً - إلى منطقة الفرج الخاصة بكل أنثى نصادفها !
يمنحنا النظر للوجه و الشعر و الأثداء و المؤخرة معاييراً للتصنيف , لكن ماذا يمنحنا النظر إلى منطقة الفرج بالذات ؟
قد نفهم سبب نظرة الأنثى إلى منطقة القضيب لدى الذكر ؟ لكننا لا نفهم سبب نظرنا كذكور لمنطقة الفرج في الأنثى بالرغم من يقيننا أننا لن نرى شيئاً !
ما سر هذا التناقض ؟
و ما سر رغبتنا الدائمة في هذا البحث العقيم ؟
لماذا يشدنا هذا الثقب الأسود إلى هذه الدرجة ؟
ما هو هذا النتوء الذي نبحث عنه تحديداً ؟
أترانا نبحث عن الدماء ؟ أو عن أي أثر من آثار طبيعة هذا المخلوق الغريب ؟
أم ترانا نرغب في تخيل شكله فقط ؟
هل هو كبير أم صغير ؟ مغطى بالشعر أم أملس ؟ منتفخ أم مُنمسح ؟ !
أتُرانا حَرَّمْنا و منعنا - نحن الذكور - ظهور الفرج لأننا نخشى الاعتراف بالانتماء إلى أصلنا هذا و نشعر بالعار و التحقير لخروجنا منه ؟
و كيف ينكح المرء أصله ؟
لا كينونة دون نكاح المرء لأصله , و النكاح هنا بمعناه الواسع المادي الجنسي و المعنوي الفكري .
كيف اختصرنا فلسفة التكوين و الحياة و تطورها كلها بقضيب و فرج و إيلاج ؟
يدَّعون أنهم يريدون لنا أن نرى جمال الله و الكون و الطبيعة في كل شيء , و لكنهم يجبروننا على أن نبصق على المرأة و فرجها جهراً , و أن نمجدها و نعبدها سراً !
يظاهر الذكور باحتقار العاهرة لأنها تمثل الثورة الحقيقية على القوانين الذكورية التي ابتدعوها , فالعاهرة فرجٌ عام مفتوح لكل من استطاع إليها سبيلا , فحتى و إن كانت ترتدي ثياباً إلا أنها في الخيال و العقول عارية , يكرهونها كونها تفضح مَكمَن ذُلِّهم , و يخافون منها لئلا تكون حالة معدية لخروج نسائهم عن طاعتهم و قوانينهم , لكنهم .. يحبونها لأنها تجاهر برغبتها و بخبرتها في إمتاعهم .
يطلقون عليها بائعة هوى !
و هل يُباع الهوى أيها المتحذلقون ؟
ألا يستحق من يستطيع فهم الهوى و تصنيعه و تعليبه و بيعه ( حسب فهمكم ) , التقدير و الإعجاب , بدلاً من التحقير و الإذلال !
أم أن التقدير و الإعجاب فقط لمن استطاع فهم عبوديتكم للفرج , فاستثمرها بتركيعكم و غسل عقولكم ؟ !
ثم ما ذنب المرأة إن كان " الهوى " الذي تعشقون , هو فرجها ؟
لماذا حولتم ضعفكم و هوانكم أمام فرجها إلى لعنةٍ و إثمٍ عليها ؟
تحتقرونها لأنها تبيعكم الهوى ؟ !
تحتقرون بيع الهوى و أنتم لم تتوقفوا عن بيع العبيد و الغلمان و الجواري سوى منذ خمسون عاماً .. و كُرهاً !
تحتقرون الكذب في تصنُع اللذة و بيعها , في حين ليس لديكم أي مشكلة دينية أو أخلاقية في بيع الإنسان !
هل هفا إلهكم عن هذه أيضاً ؟ !
أما مشتري الهوى فله المجد و السؤدد , فحلٌ بسيفٍ لا يعرف الانكسار , لم يستطع لتفاهته إغواء أي أنثى , فذهب يغمد سيفه في إحداهن , طالباً منها أن تمثل دور الضحية المقتولة , مقابل بضع دراهم .. يا لهول الملحمة و الغنيمة !
يتمَنَع الذكر , عند العربان و أمة الصلاح و التقوى , عن تقبيل زوجته أثناء مضاجعته لها و يرى تقبيل فرجها أمراً معيباً بحق " رجولته " , لكن لسانه يعمل كالهزاز في فرج أنثى أخرى تعرف كيف تسحق ذكورته تلك و " تُمرمغ " شاربه بسوائلها .
تحتقر النساء العاهرة لأنهن لا يستطعن أن يكن مثلها , إنها مثال الحرية الطاغية بالنسبة لهن , إنها تعيد تذكيرهن بأنهن مجرد عبيد , عبيد لمجتمع القضيب و قوانينه التي كان هدفها الأساسي منذ بداية المجتمع الذكوري و حتى الآن إخضاع الفرج للقضيب .
ذاك الفرج الذي يرونه " حفرة الشيطان و عين الموت و الهلاك " يتفوق حتى بتصميمه الفيزيولوجي الجنسي على تصميم القضيب , فهو لا يحتاج لإعادة شحن أو انتصاب أو حبوب زرقاء و عسل ملكي و مكسرات قرن الغزال و مطحون قرن وحيد القرن , كما القضيب الذابل المرتخي بعد جولة جنسية واحدة , و بالتالي فهو مستعد دوماً لأخذ القضيب التالي بمتعة و أريحية , الأمر الذي يُفزع صاحب القضيب و يقضُ مضجعه و يشعره بالانحطاط و الضعف , لذا كان لا بد للذكر من تدمير هذه الفيزيولوجية بطريقة ما , و لما كان لا يستطيع استئصال الفرج لحاجته , بل قل لعبوديته الشهوانية له , لم يجد إلّا تقنين هذه الفيزيولوجية بعدة طرق دينية و اجتماعية تحرمه و تحرم الأنثى من هذا التفوق , فابتدع , لتشويه الفرج و منع المتعة عنه , ختان الإناث و سرولتها , و تحجيبها و تجهيلها و حرمانها من التعرف على أعضائها الحميمة و حتى لمسها , و فرض عليها اتباع سلطة قضيب واحد مدى حياتها , جبراً و قسراً دون أمرها و إرادتها .
إن الدونية التي يشعر بها أصحاب القضيب أمام الأنثى الخالقة , الباثقة للحياة , مانحة الحب و المحبة دون شرط , المساوية للآلهة , و أمام الفرج المتفوق جنسياً , هي مادفعتهم للإمعان فيها قهراً و إذلالاً , فكان أن منحوا أنفسهم - نفاقاً و خداعاً - حق التعدد بالنساء , و واحدهم عند التحقيق لا يستطيع فعلها بشكل جيد مرتين متتاليتين مع أنثى واحدة , فما بالك بأربعة !
و لست أنفي هنا قدرة التجديد ( بأنثى جديدة ) على الانتعاظ الذكوري و تفجير الشهوة فيه , و الذي ينطبق على الأنثى أيضاً , إنما أقارن مسألة التعدد من وجهة نظر فيزيولوجية .
يعلمنا التاريخ أننا مهما حاولنا سدىً تغيير و تحوير الغرائز و الطبائع البشرية الأصيلة في النفس الإنسانية , فإنها منتصرة علينا في النهاية .
يطوش الذكر الأبله و يطلق زوجته ثلاثاً , فيتوجب نكحها من آخر كي تحل له !
ما ذنبها كي ينكحها ذكر آخر هي ؟
و لماذا لا ينكحه هو , كونه الفاعل و المسؤول ؟
و في حال كانت العصمة بيدها , و طلقته ثلاثاً , هل يتوجب أن ينكحه , هو , ذكر آخر ؟
إنهم يحاولون جعلها امتداداً لشرفهم , الذي لا يعرفون منه سوى امتلاكهم لفرجها .
تملأ القضبان حياتنا و تنتصب بروج أجراس الكنائس و المآذن بشموخ الرؤوس الجوفاء شاهدة على ذكوريتنا العتيدة بينما تتخفى الفروج و تستتر في بيوتنا - فروجنا الكبيرة , فالبيوت أسرار كما هي الفروج أسرار .
لقد استطاع هذا الكائن الذكي الجميل أن يسايرنا في لعبتنا - لعبة الذكورة الحمقاء , فأبدعت النسوة في استغلال حاجة الذكور إليها بالرغم من كل التحقير و التهميش و الإذلال الذي مورس بحقها , و عبثاً حاول و يحاول الذكر إخضاعها , فما خُلِق بجناحين لن تمنعه كل أقفاص الدنيا من الطيران .
كل هذا الألم الموجود في عالمنا , كل هذا القتل و التناحر و الصراع و الحروب , سببه هذه الذكورية التي لا ترى أبعد من عنجهيتها و طول قضيبها .
فرق كبير بين عالم تسود فيه قواعد الأنثى التي تمنح الحب دون مقابل و دون شروط , و عالم تسود فيه قواعد الذكر الذي لا يحب إلا مقابل الولاء و الطاعة و الرِشى بالقرابين و الأضاحي .
هل سمعتم بإله يحب المشركين و الكفار ؟ !
تحب الأم ابنها العاصي و ابنتها العاهرة حتى آخر يوم في حياتها .
ستقولون أن هناك إناث لا تملك هذه الصفات , سأقول لكم إنهن نتيجة تذكيرنا للأنوثة , نتيجة تعنيفنا و تسليعنا و تجنيسنا لها .
كانت جدتي لأبي تتحدث مع قطع الـ " أبو أمون " ( كبة من البطاطا و البصل و البرغل ) و هي تكبكبها و كأنها أطفال حية , كانت تغني لـ " نصبات " الزيتون كي تكبر , و تُصِرّ على أن نشرب " موي طرية " ( ماء طازج من النبع ) بدلاً من الماء الراقد منذ ساعات في القنينة .
في مرحلة ما , و في يوم ما , أتمنى أن يأتي قبل أن يقضي " أبو قضيب " على الكوكب كله , ستصل هذه الأنثى التي استعبدتموها و قهرتموها إلى تطورٍ يُتيح لها تلقيح نفسها بنفسها , و ستملأ الدنيا حباً و عاطفةً و جمالاً , و عندها لن يجد " أبو قضيب " له مأوىً , و سيزول رويداً رويداً شغفه العجيب هذا في قتل الحياة و الجمال و الحب , فيعودُ إنساناً .