النساء والحركات الاحتجاجية



اسيل رماح
2022 / 6 / 28

تشكل الانتفاضة نقلة نوعية على مستوى نضالات النساء من اجل التحرر والمساواة، فبرغم ان هذه الانتفاضة لم تحقق اهدافها التي خرجت من اجلها، وهي اسقاط المنظومة السياسية، الا انها اعادت الثقة وبشكل كبير بإمكانيات النساء وقدرتهن على المشاركة السياسية الفاعلة والقدرة على التغيير، رغم قرون من القمع والاضطهاد.
شكلت النساء واحدة من الركائز الاساسية التي تستند عليها انتفاضة اكتوبر، فلأول مرة تشارك المرأة وبهذه الاعداد بحركة احتجاجية سياسية، لتساهم في صناعة حدث جماهيري.
لم تكن المشاركة النسوية في انتفاضة اكتوبر مجرد مشاركة ثانوية، تحصر دور النساء في التنظيف والاسعافات الاولية وما الى ذلك من ادوار تحاول الحفاظ على الصورة النمطية للنساء، وهو ما يحاول الكثيرين تصويره وعكسه، انما القضية الاهم هو خروج عشرات الالاف من النساء الى الساحات ومطالبتهن وقيادتهن للكثير من التظاهرات. ومطالبهن السياسية التي تمثلت بإسقاط النظام.
ان اسقاط النظام قد يحمل معنا اخر بالنسبة للنساء التحرريات، فهو بالإضافة الى اسقاط النظام السياسي، كان يعني اسقاط النظام الاجتماعي الذكوري ايضا، واسقاط كل اشكال استغلال واضطهاد المرأة، اسقاط القيم العشائرية والدينية البالية التي مارست ابشع انواع الوصاية والاستغلال خلال قرون من الزمن.
لقد شاهدنا مدنا مثل النجف والبصرة وكربلاء كانت تعاني منها النساء تمييزا واضطهادا كبيرين، ولا يسمح لهن بالمشاركة في الفعاليات العامة، او التعبير عن آرائهن وقناعاتهن، لكن انتفاضة اكتوبر استطاعت ان تقلب هذه الموازين، وشاهدنا نساء يقدن التظاهرات والمسيرات ويعبرن حقهن في الاعتراض السياسي والاجتماعي.
ان قضية النساء والعمال والشبيبة تسير جنبا الى جنب، فلا يمكن لأي طرف من هذه الاطراف ان ينتصر لوحده، وهذه الاطراف بالإضافة الى كل التحررين الثوريين، الذين شاركوا في انتفاضة اكتوبر يشكلون القوى الفعلية داخلها.
تعرضت النساء خلال انتفاضة اكتوبر الى القمع والارهاب المليشياوي فقد اغتيلت العديد من النساء الناشطات في بغداد والبصرة وغيرها من المحافظات المنتفضة.
كما رافقت الانتفاضة ومنذ البداية حملة لتشوية وتسقيط النساء وقد عمل الاعلام الحكومي وكل الاطراف الساندة له وحتى قوى الثورة المضادة المتواجدة داخل الساحات، عملت على تسقيط وتسخيف مطالبات النساء بالحرية والمساواة، وقد شنت حملات منظمة لتشويه النساء والناشطات في الساحات.
هنالك حقيقة يجب الحديث بها هي ان الانتفاضة خصوصا قبل دخول قوى الثورة المضادة وبعض المليشيات الاسلامية للساحة كانت تجسد عملا نضاليا موحدا بين النساء والرجال وكانت جميع ساحات الانتفاضة تخلو من اية حالات تحرش او ما شابه، لكن وبمجرد دخول قوى السلطة الى الساحات كانت هنالك الية منظمة للتحرش والتشويه والمضايقات.
بالنسبة لنساء الانتفاضة داخل هذه الحركة الجماهيرية الواسعة، كانت لها رؤية واضحة تجاه قضية المرأة، وقد رسمت سياساتها على ان قضية تحرر المرأة يجب ان تكون من ضمن اولويات الانتفاضة وبالفعل فقد شاركت من خلال العديد من الفعاليات لترسيخ ودعم هذا التوجه في اوساط المنتفضين.
حيث تم اصدار منشور نساء الانتفاضة الذي يمثل الصوت النسوي الثوري الذي يعبر عن طموح وامال النساء التحرريات في الخلاص من القمع والاضطهاد وسيطرة القوى الدينية والعشائرية والقومية الرجعية التي تستغل وتقمع المرأة، وكان لهذا المنشور صدى واسعا ليس على مستوى العراق فحسب بل ان بعض الكاتبات من بلدان عربية شاركن في الكتابة في هذا المنشور