الزواج الثاني جريمة تهدد الأسرة في ظل غطاء شرعي إسلامي ، هذا ما يحدث في العراق



محمد قاسم علي
2022 / 7 / 2

يبدو أن الجرائم تتوالى في هذا البلد، بطريقة ما يفتقر العراق الى أبسط حق من حقوق الإنسان، إنتهاك تلو الآخر، إستمرارية إمتهان المرأة، التغيير لا يلوح بالأفق بسبب سيطرة الأحزاب الأسلامية في البرلمان و الحكومة أي أن تمرير تعديل قانوني على قانون الأحوال الشخصية سيجابهه الخسران بسبب سلطة الأحزاب الإسلامية و كذلك العراقيل التي يفرضها الدستور بعدم شرعية أي قانون يخالف الشريعة الإسلامية.
ما مجموع3801 إذن بالزواج الثاني خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري2022 وفق بيانات رسمية سجلتها مكاتب البحث الإجتماعي مما رفع حصيلة الزواج بنسبة 2،5% مقارنة ب عام 2022 والذي سجا نسبة 29% و فق إستطلاع قامت الجزيرة بتغطيته. في حالات عديدة يرجع أسباب الزواج الى عقم المرأة أو مرضها مرض مزمن، لكن هذا ليس سبباً كافياً ، لجعل الرجل يٌقدم على عمل يخل في ترابط البيئة الأسرية نزولاً الى ملئ نزواته الجنسية.
وتصل عقوبة من يعقد زواجا خارج المحكمة إلى الحبس أو فرض غرامة مالية، وفقا للقانون العراقي. "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على سنة او بغرامة لا تقل عن ثلاثمائة دينار ولا تزيد على الف دينار كل رجل عقد زواج خارج المحكمة وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد عن خمس سنوات إذا عقد خارج المحكمة زواجا أخر مع قيام الزوجية. من الواضح أن القانون لا يٌطبق من الأساس أذا ما أخذنا بعين الإعتبار وقوف حالات مماثلة أمام القاضي لكن، القاضي يختار عدم تطبيق العقوبة بل يقر بشرعية الزواج ، بل الأمر من ذلك هنالك العديد من السياسيين يتموا زيجاتهم الثانية بشكل مخالف للقوانين مبررين ذلك الى عدم وضوح الفقرات القانونية حيث أن قانون الأحوال الشخصية الصادر عام 1959 قد جمد تماماً وذلك وفق ما صدر من الدستور العراقي عام 2005 بأن القوانين لا يجب أن تخالف الشريعة الإسلامية. إن إزدياد التوجه للزواج الثاني يقوم على إستغلال الدين مبرراً و التعامل مع الأمر وفق الرغبات دون التفكير بأنعكاساته و اًثاره، كل هذا يؤكد هيمنة العقلية الذكورية.
فيما إعتبره حل اللأرامل و المطلقات، الخبير والباحث القانوني علي التميمي يقول أن أي تعديل بقانون الزواج بأكثر من واحدة لا بد أن يكون متوافقا مع الشريعة الإسلامية، أقراراً بأن الدستور العراقي ينص على أن التشريعات يجب ألا تخالف الدين الإسلامي. ياله من طرح سافل، كما أن من وجهة نظره أن الزواج بأكثر من واحدة يُساعد إلى حد كبير في التقليل من نسبة الأرامل والمُطلقات في العراق، مع وجود قدرة للعديد من الرجال على فتح أكثر من بيت، معتبرا أن من شأن ذلك التقليل من ظاهرة الانتحار والجريمة والتسوّل التي باتت تنتشر في المجتمع. يبدو أن النوازع الجنسية قد أصمت بصيرة علي التميمي مما جعلته يغفل حقيقة أنه الزواج الثاني يكون بمثابة "إنهيار" يتهدد بيت الزوجة الأولى التي تشعر بأن كل التضحيات التي قدمتها راحت هباء. كما انه يغفل بطريقة ما بأن الزوجة الثانية ستكون بمثابة "عبدة" لأنها غالباً ما تأتي من أسرة ذات بنية ضعيفة لتجد أمامها أضطهاد ثاني ممثلاً بسلطة الرجل الذي أعطاها المأوى بدافع جنسي ذكوري بحت. غالباً ما تكون تلكم الفتيات صغيرات مضطرات الى الهروب من أسرهن و القبول بواقع مرير لكن أخف مرارة من بيئة الأسرة المتمثلة بالأخوة و أولياء الأمور. لا يجب أن نغفل حقيقة أنه في ظرف تحسن الجانب الأقتصادي للزوج عادة ما يفكر الزواج من ثانية أشباعاً لرغباته الجنسية بتأويل من الشريعة الإسلامية، وهذا الدعم صريح يتدخل به مشايخ الدين مقتبسين من تشريع الإسلام، و في ظل ظروف عديدة يعمل مشايخة الدين عقد القران دون إخطار الزوجة الأولى حتى، هذه جريمة تنتقص من كرامة المرأة بدرجة كبيرة.
رعونة رجال الدين الذين تظهر طوال الوقت على شاشات التلفاز ويتم إستفتائهم من قبل الناس، هنا مثلاً ما صرح به الشيخ عثمان الخميس والذي له صدى كبير في العالم العربي "بأن من حق الرجل الزواج على زوجته في حال طلبت منه حلق لحيته الطويلة، لأن اللحية الطويلة سٌنة نبوية. ولا يجوز للزوجة الطلب من زوجها حلق لحيته بداعي أنها لا تناسبه." ما هذا الإستهتار الفضيع في بنية الأسرة و تماسكها.