هل شخصيةُ الرّجل الآدميّ مناسبة لزواج تقليدي آخر؟



شذى كامل خليل
2022 / 7 / 22

( هل شخصيةُ الرجل الآدمي مناسبة لزواج تقليدي آخر ؟ )


" حتى لو ما بتحبيه بيكفي أنو آدمي! "
في اللغة العربية كلمة آدمي تعني الإنسان، الرجل الآدمي هو رجلٌ إنساني لطيف ذو أخلاق.
فهل تنطبق هذه الصّفات على شريك حياتك الآدميّ الذي وافقت على الزواج منه تحت ذريعة ( بيكفي أنو آدمي! )
في واحدة من قصص كثيرة لا بد من إلقاء الضوء عليها في مقالات أخرى ضمن سلسلة ( بيكفي أنو آدمي )
قصة فتاة متخرجة حديثاً من الجامعة، كان من المفترض أن تتابع مسيرتها الدراسية لولا انبثاق رجل آدمي من مكان ما، لأجل خطبتها والزواج منها.
هذا الرجل الذي اختار الدخول من الباب مباشرة وليس من النافذة وهذا أمر قد يظنهُ الجميع أمراً رائعاً، لو نظرنا للموضوع من ناحية أخرى وهي أن نظامنا الأبوي الحاكم يفترض قوانين صارمة وعادات بالية تجرد الفتاة من إبداء رأيها في الكائن الآدمي الماثل أمامها.
الفتاة هي المتضررة الوحيدة من زواجها التقليدي ( خوفاً ) برجل آدمي دخل من الباب مباشرة، ولم يكلف نفسه عناء سؤال النافذة قبل الدخول من الباب.
رغم ذلك فالرجل أحب فكرتها التي تدور حول إتمام دراستها والسفر إلى الخارج لتحقيق أحلامها في التطور المعرفي واكتساب المعارف والثقافة الجديدة.
لكن ما الذي حدث بعد عشر سنوات زواج؟
أثمر زواجهما التقليدي عن طفلين، لم تتم الفتاة دراستها ولم تسافر أبعد من المدينة التي تسكنها، ولا يبدو أنها فعلت في حياتها أمراً يستحق الاهتمام سوى إنجاب طفلين إلى عالم مخنوق من وجهة نظرها ومتعفن بين قذارات الأنظمة الأبوية الحاكمة.
في البداية الرجل الآدمي لا يرضى مرور سنة على الزواج قبل الإنجاب، فرغم أنه آدمي ومن بيئة محترمة ووالداه مهمان في الوسط المجتمعي فإنه يريد رغم كل ذلك إثبات ممارسته للجنس وأشدد أن المهم لديه في الإنجاب هو إثبات ذكوريته أمام العائلة.
إذاً عملية جلب طفل إلى العالم ليست من أجل الطفل بحد ذاته وإنما في سبيل إغراق ذاته بالثقة المهزوزة التي مفادها أنه ذكر.
إن أي امرأة طموحة تفقد طموحها بعد الزواج هي امرأة معذبة وإن كانت لا تميل لمشاركة أحد تلك المعاناة، بيد أنها سرعان ما تقع فريسة لحالات اكتئاب متكررة، لا يمكن تخطيها بسهولة ما دامت تلك الحالات ليست سوى امتداد لعلاقة أبوية سيئة متمثلة بعلاقتها بوالديها.
فهل الرجل الآدمي ذريعة كي تقبل الفتاة الزواج؟
كلّ رجل ذكوري هو رجل تم عجنه جيداً بعادات وتقاليد مجتمعية صارمة، مفادها أن الكائنات تقوم وفق تراتبية معينة تخصّ الأعضاء التناسلية، فالكائن الذي يمتلك قضيب يقع في أعلى الهرم، والنساء في أسفل الهرم، إن لم تكن خارجه.
يتحول الرجل الذكوري هذا من كائن طبيعي إلى كائن عصابي وكما هو واضح في كتاب الغريزة والثقافة لفرويد فإن أشخاصاً عصابيين كثر لا تظهرُ عليهم أية أعراض ويمارسون أسلوب حياة طبيعي ولديهم علاقات اجتماعية جيدة.
فأين الخلل إذاً ؟
الخلل يظهرُ مع شريك الحياة فقط، فالرجل ( الآدميّ ) غالباً ما يكرس جهده في الإبقاء على نقاء صورته أمام العائلة، الوالدان .. الأقارب .. الأصدقاء.
ويبذل جهداً موازياً أمام شريك الحياة ولكنهُ جهدٌ في مسار آخر وهو إبراز صورته الحقيقية أمامه لأسباب كثيرة منها عجز المرأة عن تبني قرارات مصيرية بسبب انعدام الاستقلالية المادية والعاطفية لها، وخوفها من أن تكون سبباً في خراب منزلها وتشريد أطفالها، فتقبلُ على مضض زوجاً آدمياً ينظرُ إليه الجميع على أنه الكائن المثالي الذي تتمناه جميع النساء.
إن كل إنسان مضطرب هو إنسان في مرحلة ما من حياته أراد أن يصير ناضجاً على المستوى العاطفي ولكن سير الحياة المجتمعية من حوله والأعباء التي يلقيها نظام أبويّ يريد توريثه شيئاً من العفونة، جعلا منهُ فاشلاً على الصعيد العاطفي وفي مرحلة أخرى، فقد رغبته بالنضج وصار على يقين أنه كاملٌ ولا تشوبه شائبة وهنا تكبرُ أناه وعقدتهُ النّفسية ولا بد لمثل هذا الإنسان المضطرب أن يجد وسيلة دفاعية تمكّنه من استيعاب نظامهِ الدّاخلي المثالي والذي يصطدم بالكثير من الأمور الأخرى كالثقافة العامة أو محاولة الآخرين ممن لا ينتسبون إلى الأبويّة البالية، هذه الوسيلة الدفاعية تنطوي على عملية تنفيس، غالباً ما تكون موجهة ضد شريك الحياة، يتمثل التنفيس بعنفٍ لفظي أو نفسي أو جسدي ضد المرأة أو الطفل أو الأشخاص الذين يقعون في محور أناه الذّاتي.
لا بد أن نتوقع في مثل هذه الحالات أن تقع المرأة في هاوية سحيقة، ثم تفقد إحساسها بذاتها أو هي تبدأ بدخول مرحلة الموت البطيء.
لذا كان لا بد من توجيه السؤال الأهم في هذا المقال: هل يكفي أن يكون شريك حياتكِ آدميّاً كما يقول العرف الدارج؟
أليس مهماً أن يكون رجلاً متفهماً لاحتياجاتكِ؟
متفهماً لطبيعتكِ الأنثوية؟
متفهماً للتحديثات الحيّاتية التي تشكلان معاً جزءاً عظيماً منها؟