شنق الضحية وسياسة لوم الطرف الأضعف



حنان محمد السعيد
2022 / 8 / 11

عندما تشكو المرأة من التحرش، كان المجتمع دائمًا ما يلقي اللوم عليها في هذا الفعل، وبدلًا من التعامل مع المتحرش بما يستحق من عقوبات قانونية، كانت توجه للمرأة أصابع الاتهام، فيقال لها أن ملابسها قصيرة، أو شعرها مغري، أو أن حجابها غير فضفاض، أو أنها غير مرتدية للنقاب، أو أن النقاب على عبائة ضيقة أو ملونّة، أو أن عليها أن لا ترى الطريق سوى بعين واحدة، أو أن عليها أن لا تخرج من منزلها سوى للزواج والقبر، أو أن عليها أن لا تولد من الأصل، وإذا ولدت فهذا ذنبها الذي يجب أن تتحمله صاغرة!

لوم الضحية

لقد كان الأمر مزعجًا للغاية فكيف يستبيح شخص حرمة شخص أخر فيقف المجتمع متفرجًا وبدلًا من رد الحق لأصحابه، يلوم الضحية ويوبخها حتى تصمت في المرة القادمة وتؤثر السلامة، فهي خاسرة على كل الأحوال.
ولكن أن يمتد ذلك لجرائم قتل شنيعة لا يقرها لا شرع ولا قانون ولا إنسانية فهنا تشعر وكأنك تحيا في وسط مسوخ بلا شعور ولا أخلاق.
إن الفترة الماضية شهدت حادثتين مروعتين راح ضحيتهما فتاتين في مقتبل العمر، وبدلًا من المطالبة بالقصاص من القتلة كما يفعل أي إنسان طبيعي يخشى على نفسه، وجدنا الكثير من أشباه البشر يريدون إخراج الضحيتين من قبريهما وإعادة شنقهما، لأن الأولى كانت غير محجبة بينما الثانية كانت تتعامل مع القاتل كزميل ولم تقيم بينها وبينه حواجز متينة!

كلفة الحقيقة والحق

إن المجتمع الذي تشبع بالجبن والخسة لا يحب أن يتحمل كلفة الوقوف إلى جوار المظلوم ونصرته، فمن الأسهل أن تشير بأصابع الاتهام للضحية وتلقي عليه اللوم – ولو كان ميتًا – من أن تنصره وتجلب على نفسك وجع الرأس.
ولذلك فإن هذا المجتمع أفرط في التخلي عن الحق والحقيقة وتحول إلى كتلة متدفقة من المازوخية المريضة المثيرة للقرف وفي كل يوم يتزايد أعداد هؤلاء حتى أصبحنا نعيش في أكبر تجمع للمرضى النفسيين!
علاج خاطيء لتشخيص خاطيء
إن هذا المجتمع بعد أن شخص المشكلة في كون الفتاة موجودة على قيد الحياة، يرى العلاج في كونها لا تلتحق بالجامعة، أو بأن يتم فصل البنات عن البنين في الجامعة، وفي أن لا تتحدث إلى زملائها ولا تشاركهم في أي أنشطة طلابية، لأن ذلك من وجهة نظرهم لن يعرضها لذلك الكائن الهائج صاحب الكروموسوم المعطوب الذي يسعى للاستيلاء على الفتاة التي أعجبته بالقوة إذا لم يتم بيعها له في صفقة مناسبة!

ما هو الحل؟

الحل من وجهة نظري المتواضعة يكمن في تعلم الفتيات ألعاب القوى، واستخدام كافة وسائل الدفاع عن النفس المتاحة لهن، ومعاملة الشباب المحيطين بهن على اعتبار أنهم مرضى نفسيين لا يؤمن جانبهم، والاقتراب منهم بحذر، وعدم قبول أي مساعدة منهم أو هدايا شخصية تحت أي ظرف.
إن الركون إلى المجتمع والاعتقاد أنه سيعيد لمظلوم حقه المسلوب من قبيل الوهم الذي يجب علينا أن ننساه تمامًا فهذا المجتمع هو من ربّى هذه النوعية من الذكور وهو الذي ينمي فيهم العنف والانفلات والرغبة في السيطرة على النساء بكافة الذرائع، فلا أمل يرجى منه، وعلى كل فتاة حماية نفسها بنفسها.